-->

تغلغل المنظومة الأمنية والاستخباراتية الصهيونية داخل اذرابيجان ودول القوقاز لحصار إيران وتطويقها


عملت إسرائيل منذ انهيار الاتحاد السوفيتي سنة 1990علي تطويق إيران بغية حصارها وإضعافها واستخدمت لذلك الجمهوريات التي أعلنت استقالا لها عنه وكان أهمها دول كاذرابيجان وأوزباكستان وأوكرانيا وغيرها في منطقة أسيا الوسطي والقوقاز علي وجه الدقة,فبعد 3اشهر من انهيار الاتحاد السوفيتي أقامت إسرائيل مؤتمرا دوليا في دولة أوزباكستان من اجل التعاون الدولي الاقتصادي والثقافي مع دول أسيا الوسطي والقوقاز وتعبر اذرابيجان بمساحتها وثرواتها الباطنية والمعدنية الهامة وموقعها الجغرافي الاستراتيجي المحاذي لدولة إيران,فاذرابيجان تتربع علي مساحة جغرافية تقارب 86.600كلم مربع كما أن عدد سكانها حوالي 9.59مليون نسمة ,90بالمئة منهم مسلمون بينهم 70بالمئة شيعة وما يقارب 30بالمئة من السنة و2.5من الاورثودكس و2.3من الأرمن تم تأسيس جمهورية اذرابيجان الديمقراطية سنة 1918وتعتبر أول نظام علماني في العالم الإسلامي وفي سنة 1920احتل الجيش الأحمر العاصمة باكو وفي سنة 1991اعلن استقلال باكو عن الاتحاد السوفيتي وفي عام 1993وصل حيدر علييف المسئول السابق في جهاز المخابرات السوفيتي كي جي بي إلي رئاسة الجمهورية فيها,وفي الفترة الزمنية الممتدة من سنة 1991الي غاية سنة 1994خاضت اذرابيجان حربا ضروسا من دولة أرمينيا لسيطرة علي إقليم نقوي كاراباخ المتنازع عليه بين البلدين والذي كان تحت الإدارة السوفيتية عام 1924واعطي الحكم الذاتي إداريا ولكنه كان حكما ذاتيا علي الورق إذ أن القرارات ألكبري والمصيرية لهذا الإقليم كانت تتخذ في باكو عاصمة اذرابيجان السوفيتية ,والشيء المميز في اذرابيجان أن نسب التعليم فيها مرتفعة جدا حيث أن كل من هم فوق سن 15سنة متعلمون ونسبة البطالة في حدود 5.5بالمئة وهي الادني عالميا,وديون ميزانيتها في سنة2014لم تتعدي 0.5بالمئة وزبائنها الاساسيون هم ايطاليا واندونيسيا وألمانيا وابرز المصدرين إليها هم تركيا وروسيا وبريطانيا تعود أهمية هذه الدولة اقتصاديا وطاقويا إلي اعتبار أن 90بالمئة من مداخليها بالعملة الصعبة من البترول وتنتج ما يقارب 1مليون برميل يوميا وتم اكتشاف حقول نفطية هائلة وضخم جدا عام 1990ومن المتوقع أن تدر علي البلاد 160مليار دولار سنويا وتصل احتياطاتها النفطية وفق إحصاء 2012الي حوالي 7مليار دولار برميل إضافة إلي اكتشافات غازية بلغت 2500مليار متر مكعب وهذه الثروات لا تجلب تل أبيب لوحدها وإنما تثير وتجذب اهتمام دول عدة في العالم وخاصة تلك التي تحاول التخلص من احتياجها وتعلقها بالغاز الروسي وخط أنبوب النفط الذي ينطلق من العاصمة باكو مرورا بجورجيا وتركيا صوب الغرب وفق هذه الاتفاقية وفي خلال 8سنوات تضاعف الناتج القومي الخام 3مرات قبل أن تتراجع نسب النمو الاقتصادي والمالي بعد انخفاض أسعار النفط والتوتر الأمني ,والعلاقات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية والاقتصادية مع إسرائيل تثير القلق والريبة في طهران رغم أن رئيس الجمهورية الهام علييف قد زار إيران والتقي مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئ حيث رفض علييف أي هجوم ينطلق من بلاده لاستهداف إيران لأنه يعلم أكثر من غيره أن الرد الإيراني سيكون حازما وصارما,حسبما يقول الأستاذ محمد علي مهدي مستشار مركز دراسات الشرق الأوسط في طهران,فإيران لا زالت تنظر إلي هذه الدول المستقلة والتي انفصلت عن الاتحاد السوفيتي علي أنها ولايات تابعة لها مثلما كانت قبل سنة 1813عندما احتلها الروس في عهد الملك الإيراني فاتح علي شاه القاجري في عهد حكم الدولة القاجرية لإمبراطورية واسعة في آسيا الوسطي ولكنها انهارت من جراء فساد الأسرة والصراعات التي نشبت بين أفرادها من اجل النفوذ والسلطة,وكان من المفروض أن تعود إلي حضن السيطرة الإيرانية بعد سنة1990ولكن الحصار الاقتصادي والمالي والعسكري الذي فرض من الغرب ضدها قد حال دون ذلك وقد كتب وقتها الكاتب والصحفي برنارد لويس مقالا في صحيفة فارثيا خرز كان يحذر فيه من عودة هذه الجمهوريات إلي الشرق الأوسط عن طريق إيران وهذا ما سيهدد امن إسرائيل القومي فعقيدة بن غور يون التي تقوم علي فلسفة المركز والمحيط والتي استعملتها إسرائيل وقتها من اجل استيعاب هذه الجمهوريات والتغلغل فيها من اجل منع بناء شرق أوسط جديد لا يخدم مصالحها وثانيا لمنع أي عودة لنفوذ الإيراني وبأي شكل من الأشكال في كل هذه الجمهوريات وكانت اذرابيجان في مقدمتها ,وجغرافيا هناك اذرابيجان التابعة لإيران وعاصمتها تبريز وينحدر منها علي خامنئي وجزء يشكل الجمهورية القوقازية الحالية والتي كانت تابعة للسوفيت يفصل بينهما نهر أريس ,ورغم التوتر الذي شاب العلاقات بين البلدين بعد إسقاط الجيش الإيراني لطائرة تجسس إسرائيلية بدون طيار من نوع درون سنة2013جاءت عن طريق اذرابيجان إلا أن الأمور سرعان ما عادت إلي نصابها بسرعة,فإسرائيل التي تستغل الحصار المفروض علي اذرابيجان من طرف أمريكا وأوروبا بسبب النزاع الحدودي مع أرمينيا كما تقول الدكتورة ليلي نقولا الرحباني المختصة في القانون الدولي والعلاقات الدولية من اجل بيع كميات مهمة من السلاح إليها بلغت 5مليار دولار في 4سنوات,ففي سنة2010باعت إسرائيل لاذرابيجان أسلحة بقيمة 1.2مليار دولار وقد ذكرت صحيفة التايمز البريطانية نقلا عن مسئول في الموساد الإسرائيلي أن بلاده استخدمت اذرابيجان لمهاجمة إيران كما أوردت صحيفة هارتس الإسرائيلية بان طائرة اذرابيجانية هبطت في مطارات إسرائيلية في أثناء الحرب بين اذرابيجان وأرمينيا فاذرابيجان إلي جانب ذلك شريك أساسي بمعية حلف شمال الأطلسي في محاصرة إيران ,ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد بل إن إسرائيل قد عقدت اتفاقية أمنية وعسكرية مع اذرابيجان سنة2012 شملت بيع طائرات بدون طيار بقيمة 1.6مليار دولار استعملتها اذرابيجان في حربها مع أرمينيا والتي راح ضحيتها 25الف قتيل من الجانبين,وكما ذكر الدكتور هانس غوكجيان فان إسرائيل قد حاولت استخدام القواعد الجوية لاذرابيجان من اجل استهداف المفاعلات النووية الإيرانية وأهمها مفاعل ناتان ولكن أمريكا منعت ذلك,وقد أوردت صحيفة لوموند التي تحتل موقعا استراتيجيا حازت إسرائيل علي التجهيز العسكري وثمة معلومات تؤكد علي أن إسرائيل تستمر في هذه الجمهورية لنشر طائراتها في حال قررت مهاجمة المنشات الإيرانية ولا يقتصر الأمر علي الجانب العسكري أو ألاستخباري إذ أن المبادلات التجارية بين إسرائيل وهذه الدولة تقدر بمليارات الدولارات سنويا,وتعبر إسرائيل من أهم مستوردي الغاز الاذري, وتعتزم شراء 12مليار متر مكعب من الغاز في السنوات المقبلة وقد اتهمت إيران باكو مرارا بالتورط في الحرب الأمريكية السرية ضدها واغتيال علماء إيرانيين عملوا في البرنامج النووي الإيراني فالأيادي الأمريكية التي تقف خلف إسرائيل باعتبار المخابرات الإسرائيلية شريك رئيسي لمخابرات الأمريكية في محاولة محاصرة إيران وتحطيمها ,فسيناتور الأمريكي اليهودي دان روهرباشر سنة 2013 قدم طلبا إلي وزارة الخارجية الأمريكية لفصل جنوب اذرابيجان عن إيران وضمها إلي جمهورية اذرابيجان وحسب موقع alfes info,فان عدد اليهود في هذه الدولة يتراوح ما بين 9الي 16الف فالقوقاز حاولت إسرائيل أن يكون ساحة لتطويق إيران فهي قد عرفت أهميته الإستراتيجية مع موجات الهجرة الأولي لليهود القوقازيين إليها وبالتالي أصبحت دوائر الأمن والاستخبارات داخله تعرف دوله ومناطقه وكل تفصيلاتها وتحاول استخدام الاختلافات الدينية والاثنية واللغوية بين دوله وتوظفها لصالحها وإسرائيل لا تعتمد علي صادراتها العسكرية وتعاونها الاقتصادي مع اذرابيجان وهذه الدول لفرض سيطرتها ونفوذها عليهم بل تحاول أن تستخدم الإرهاب والتطرف الإسلامي كذريعة من اجل أن تسوق نفسها كخبير في شؤون محاربة الإرهاب والذي تعاني منه هذه الدول والذي يهدد أمنها ووجودها بالدرجة الأولي,وبالأخص الإرهاب الوهابي التكفيري المتشدد الذي لا يضرب اذرابيجان الشريك الرئيسي لإسرائيل في المنطقة لوحدها وإنما يمتد إلي الدول المحيطة بوادي فرغالة والذي يقع بين أوزباكستان وقرغزستان وطاجاكستان فالإرهاب الذي حاولت إسرائيل زرعه في إيران عن طريق استغلال الأزمة الاذرابيجانية الارمنية حيث أن هناك حوالي 20مليون اذري يقطنون في إيران,ولكنها فشلت نتيجة التماسك الاجتماعي بين أفراد المجتمع الإيراني ووعي القيادة السياسة والعسكرية لمخططات الإسرائيلية التي تستهدفها,فرغم كل المحاولات الإسرائيلية عن طريق اذرابيجان لاختراق إيران التي تعتبر دولة مغلقة بالمفاهيم الاستخباراتية إلا أنها عجزت عن ذلك,واقتصرت نجاحاتها عن جمع بعض المعلومات العسكرية التي لا تعيرها طهران جانبا كبيرا من الأهمية,فالسيطرة الإسرائيلية المتزايدة علي اذرابيجان والتي باتت تزعج حلفاءها الأتراك وحتى السعوديين الذين بدؤوا في محاولة إيجاد موطئ قدم لهم هناك لان ,ولكن هذه المناطق تعتبر مناطق نفوذ تاريخي لإيران وتركيا ولن تسمح لإسرائيل أن تستمر في تنفيذ سياساتها في المنطقة ,فالشيء الذي لن تستطيع إسرائيل أو اذرابيجان تغييره هو أن كثير من شعوب دول القوقاز واسيا الوسطي تتكلم اللغة الفارسية وذات أصول عرقية فارسية وإيرانية وبالتالي فان كل هذه الدول لإيران نفوذ طبيعي ولغوي وحضاري وثقافي فيها,وإسرائيل التي انخرطت في المشروع الأطلسي لتمدد صوب إيران وروسيا واعتبرت نفسها قاعدة متقدمة في الحرب ضد إيران وحلفاءها والتي قد تم تطويقها من طرف الجماعات الإرهابية التي يديرها الموساد في أفغانستان وكذلك علي حدودها مع العراق التي تعرف نشاطا كثيفا لفرقه وكذلك عصابات داعش الإرهابية وتريد أن تجعل من اذرابيجان رأس حربة تستعملها عند اللزوم ويساعدها علي ذلك الفساد المستشري في منظومة الحكم التي تديرها عائلة الرئيس الاذري,فالخلاف الجوهري والصراع الإيراني الإسرائيلي والذي محوره القضية الفلسطينية فرغم أن هذه الدول القوقازية مخترقة ضمنيا من قبل إسرائيل فإنها صوتت لصالح عضوية فلسطين في الأمم المتحدة لكسب الرضي الروسي والإيراني ,فعملية التطويق المنهجي الذي تحاول إسرائيل أن تقوم به بخطوات مدروسة وعملية ضد إيران لإضعافها وتفكيكها داخليا ستفشل لان هناك وعيا من طرف الإيرانيين بان الحرب التي تدور رحاها بين البلدين بالوكالة في الشرق الأوسط والتي تعتبر إيران وحلفاءها من يكسب جولاتها لحد الساعة,التي تحاول إسرائيل نقلها إلي منطقة القوقاز من اجل إشعال إيران عن أهدافها التي تحاول تحقيقها عن طريق دعمها لمحور المقاومة ولكن كل المؤشرات والدلائل تصب في اتجاه يعاكس تماما الطموحات والأهداف الصهيونية المبرمجة ضد إيران
عميرة ايسر-كاتب جزائري.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *