فرنسا و عقدة عدالة القضية الصحراوية
بقلم: لحسن بولسان
يعدّ أمرًا غريبًا أن تتشدّق دول مثل فرنسا بدعمها لحرية الشعوب وتمسكها بالقانون الدولي ،وتجدها تتملص من كل قيمها عندما يتعلق الامر بحق شعب اعزل مدعوم بكل قرارات العالم مثل الشعب الصحراوي ،الذي بلغ صبره حداً لم يعد معه الاحتمال ممكناً ،فمشاهد الخطأ الفرنسي التي تتكرر وتتمدد على مساحة المنطقة ماضيا وحاضرا،باتت أمرا يستدعي التوقف عنده ،ولا أحد اليوم يحتاج إلى دلائل وقرائن لإكتشاف مواقف تصل درجة العداوة تجاه الصحراويين.فالسياسة الفرنسية التي يلمسها اليوم الاعمى ويسمعها الأصم ،وبالوقائع والأحداث،تصطف إلى جانب الطرف المتمرد على القانون الدولي
فصول الخطأ الفرنسي تدحرجت على مدى عقود خلت وتسارعت في رعونتها على مدار عمر الصراع الصحراوي المغربي ،وهي اليوم وفي موقف مفضوح تشهد مقاطع إضافية بأروقة الأمم المتحدة وتتورم إلى حد المرض والعقد الذي تعاني منه فرنسا بسبب تاريخها الإستعماري، فالقائمة حول ذلك وبالأدلة والقرائن أكثر من أن تحصى، والبراهين المثبتة على السلوك الفرنسي منذ غزو المغرب للصحراء الغربية ، لا تغيب عن البال، ولا يمكن تجاوزها أو تجاهلها ،ولم تحاول فرنسا يوما أن تتخذ موقف الطرف الحريص على إيجاد حل عادل للقضية الصحراوية إنسجاما مع الشرعية الدولية ، لكنها كانت طرفاً معادياً للصحراويين ولم تترك فرصة إلا واستغلتها لإفشال المجهودات الدولية .
قد تتعدد الاسباب لتفسير عدوانية فرنسا تجاه الصحراويين الذين سبق لهم أن خاضوا معارك تاريخية ضد ها ،وحتى العالم لا يفهم كيف تعاند فرنسا ارادة المجموعة الدولية لاتمام مسار تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية؟؟؟ ، وهي سابقة بمعايير شعار الشرعية الدولية أن ترهن قراراً لها بيد طرف يدعي حرصه على القانون الدولي. يرى البعض ان موقف فرنسا هذا من القضية الصحراوية هو ابتزاز للحليف الاستراتيجي للشعب الصحراوي، الجزائر ، والثابت أن العالم أخذ علما بتلك العلاقة التي قال عنها ممثل فرنسا في واشنطن، فرانسوا دلاتير، "المغرب العشيقة التي نجامعها كل ليلة، رغم أننا لسنا بالضرورة مغرمين بها، لكننا ملزمون بالدفاع عنها".
وإذ مارس الشعب الصحراوي حتى اليوم أقصى درجات ضبط النفس وإستخدمت البوليساريو مساحة من الصبر رغم نفاده وظلت تهادن هذا العدوان الفرنسي في مراحل سابقة وتعاطت بكثير من التروي مع إنزلاقات فرنسا بمجلس الأمن وتهور مواقفها .فقد حان الوقت بأن يُسمع الشعب الصحراوي صوته لفرنسا ،بأنها تمادت في عدوانيتها .
بدا العالم يكشف ان فرنسا أصبحت دولة خارج القانون وهي صورة تقلق باريس حتى وإن لم تعلن عنها ،لهذ تجدها تحاول أن تخفي مواقفها الرافضة للشرعية الدولية بصورة رسمية وواضحة ،وبالأكيد ستشعر قريبا باريس بغربتها في الامم المتحدة ،وقد بدأت ملامح الاشتباك الدبلوماسي بينها وبقية العالم تظهر للعلن ،وستبقى عدالة القضية الصحراوية عقدة لها و لن تتخلص منها إلا باحترام إرادة الشعب الصحراوي وهي , لطالما فاخرت وأدعت انها دولة تصون القانون الدولي و لن تجني فرنسا في النهاية غير الخسران ، وتقزيم دورها، و تأثيرها المنعدم اليوم في الساحة الدولية ،لأن ما هو محسوم أن على الارض حالة غير مسبوقة من الصمود الصحراوي محمولاً على قوة الحق والشرعية ومدعومة بمواقف الاجماع الدولي على ان حق الشعب الصحراوي لا يزول بالتقادم وأظن أن قضية الكركرات أنهت فصلا من فصول الظلمة التي تركت حبال الشد والرخي تتدلى حتى ظن البعض أننا لم نعد موجودين ، بالميدان اليوم تتحدث الصحراء الغربية لغة لايتمنى المغرب وفرنسا سماعها ،لغة تخرش مسامعهم وهي لغة الصمود والإصرار و العزم، في مواجهة جميع الخنادق والتخندقات.