-->

في مسعى الامم لتحقيق عدالة مناخية، من تم استبعاده؟


مقال السيدة: كاثرين كونستانتنيدس
ترجمة: الصالح سيد المصطفى
عندما نتحدث عن العدالة المناخية، فإن اول ما يتبادر الى الذهن هو كارثة ارخبيل صغير، يساهم في التدفئة الكونية لكنه يقاسي من تأثيراتها في نفس الوقت. او نفكر ربما في الدول المعرضة للكوراث المناخية كباكستان، اين يتهدد ملايين البشر خطر الترحيل نتيجة للفياضانات الرهيبة. و مع انعقاد جولة محادثات الامم المتحدة الخاصة بالتغيرات المناخية مؤخرا بمراكش، دعونا نتذكر شعب الصحراء الغربية، المجاور للمغرب.
لقد بات المغرب احد اللاعبين الرئيسيين في سياسات المناخ العالمية بعد حصوله على رئاسة موتمر الامم المتحدة للمناخ هذا العام، و المعروف اختصارا ب COP22. و من السخرية و الجدل بمكان ان يتم اسناد مسؤولية مهمة من هذا النوع لبلد لطالما عرف بازدراءه للقانون الدولي و للامم المتحدة، و الذي يبقى الى اليوم قوة استعمارية وحشية.
نود هنا ان نذكر الناس الذين لهم اهتمام بسياسات المناخ الدوليةـ من صحفيين، دبلوماسيين او فاعلين مدنيين، انه على الرغم من الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية العام 1975و القاضي بعدم قانونية المطالب المغربية باقليم الصحراء الغربية، الا ان المغرب لازال يحتل بطريقة غير شرعية الاقليم الواقع على حدوده الجنوبية منذ ازيد من 40 سنة. و لمن فاتته اخبارالامين العام للامم المتحدة مارس الماضي، حين استعمل صدفة مصطلح "الاحتلال" لوصف الاحتلال المغربي. فقد قام المغرب بالرد على تلك التصريحات بتنظيم مظاهرات حاشدة منددة بالامين العام ( تلك المظاهرات شارك فيها مسؤولين حكوميين بارزين)، ليقوم بعدها بطرد مجموع المكون المدني لل MINURSO، و هو بعثة حفظ السلام في الاقليم و التابعة للامم المتحدة. الامر الذي دفع الامين العام للقول صراحة ان التصرف المغربي ينذر بخطر عودة الحرب الى المنطقة.
يعتبر احتلال الصحراء الغربية معقد بعض الشئ، الا ان الشي الذي قد يساعدنا على فهمه هو البدء من مصطلح (MINURSO) نفسه. معني الاسم هو " بعثة الامم المتحدة لتنظيم استفتاء تقرير المصير بالصحراء الغربية". تم التعهد بالاستفتاء للسكان الاصليين للصحراء الغربية العام 1991 كجزء من خطة وقف اطلاق التي اشرفت عليها الامم المتحدة، و التي انهت سنوات من الحرب التي خاضها الصحراويون ضد المغرب منذ احتلاله الصحراء الغربية العام 1975 (بعد انسحاب اسبانيا، القوة الاستعمارية السابقة للاقليم).
و بما يتماشى مع الاعراف الدولية الخاصة بالمرحلة الانتقالية مابعد الحقبة الاستعمارية، فإن استفتاء تقرير المصير سيمكن الشعب الصحراوي من الاختيار في ان يصبح دولة مستقلة. 
بقيت الصحراء الغربية اخر مستعمرة في افريقيا، و التي لم تحصل على حقوقها الاساسية. لطالما دعى الاتحاد الافريقي الامم المتحدة لتحديد تاريخ لاجراء الاستفتاء. تعتبر الجمهورية الصحراوية دولة عضو مؤسس للاتحاد الافريقي، بينما يبقى المغرب الدولة الوحيدة في القارة التي لا تحوز عضوية المنظمة القارية.
ينتظر اللاجئون الصحراويون منذ العام 1991 في الصحراء الجزائرية، في ظروف قاسية جدا لاجل تنظيم استفتاء تقرير المصير. تخلى الصحراويون عن الكفاح المسلح، ووضعوا ثقتهم في الامم المتحدة و القانون الدولي لاجل حل قضيتهم. بالمقابل منع المغرب بشكل متكرر تنظيم الاستفتاء، مغرقا الصحراء الغربية بسيل من المستوطنين، مرتكبا انتهاكات بشعة موثقة لحقوق الانسان ضد الشعب الصحراوي في المناطق المحتلة.
يعتبر الشعب الصحراوي من اكثر شعوب العالم عرضة للتغيرات المناخية. حيث ساهمت بعض الحوادث الناتجة عن سوء الاحوال الجوية في مضاعفة تعقيد الظروف الغير مضيافة التي يوجد بها الصحراويين. دمرت الفيضانات الجارفة التي ضربت المخيمات العام الماضي البنية الطينية الهشة لها، ما اسفر كذلك عن تدمير البيوت و نزوح اكثر من 25000 شخص. في نفس الوقت، يقدم المغرب نفسه كرائد دولي في الطاقة الخضراء. و هو هدف مهم و يستحق الاعجاب، الا ان الحقيقة عكس ذلك، حيث يستفيد المغرب من العقود الجديدة لاستغلال النفط و الممنوحة للشركات الاجنبية التي تقوم بعمليات تنقيب غير قانونية بسواحل و داخل مياه الصحراء الغربية، و هو ما يضع اهدافها الحقيقية محل ارتياب.
توجد بعض مشاريع المغرب الخاصة بتنمية الطاقة البديلة بالصحراء الغربية، اي توليد الطاقة بالصحراء الغربية ـ بدون اذن من الشعب الصحراوي ـ يشرف القصر الملكي على تسيير سوق الطاقة بالمغرب، كما و يتلقى عقودا طاقوية مهمة في المناطق المحتلة، و هو ما يخالف الرأي القانوني للامم المتحدة العام 2002، و هو الرأي الذي يؤكد على ان الانشطة الخاصة بالتنقيب و استغلال الثروات الطبيعية للصحراء الغربية لا يمكن ان تتم الا بما يوافق مصلحة و رغبة شعب الصحراء الغربية.
لم يقم المغرب باستشارة شعب الصحراء الغربية فيما يخص مشاريع الطاقة الخضراء في الاقليم، كما ان الشعب الصحراوي لن يستفيد من تلك المشاريع. ببساطة فإن التصرفات المغربية تعارض القانون الدولي، و في حال تركت لحالها، فأنها سترسخ الاحتلال و تضع عملية السلام في مهب الريح.
ليس للشعب الصحراوي مصلحة في التشويش على التعاون الدولي الملح و المطلوب للتعاطي مع أزمة المناخ. لكن من الواجب على كل المعنيين بالسياسات الدولية للمناخ ان يفهمو انه لايوجد اي بلد على قدر ادني من الاستحقاق من المغرب ليكون له شرف ومسؤولية توجيه تلك المحادثات الهامة: البلد الذي قام من جانب واحد بطرد موظفي بعثة السلام الاممية، ورفض مرارا الالتزام بقرارات مجلس الامن الدولي.
خلال اشغال مؤتمرمراكش COP22، على المجموعة الدولية ان لاتسمح للمغرب بإخفاء الظلم الذي يطال الشعب الصحراوي.
بإمكان الدول المسؤولة، الصحفيين ونشطاء المجتمع المدني ان يستغلو هذه الفرصة، و يبعثو برسالة مفادها اننا لا نتجاهل السلوك المغربي. لان المغرب لا يمكن ان يتعامل مع الامم المتحدة كشريك دولي مسؤول الا حين يواجه ضغط قوي من المجموعة الدولية. و لاجل ان يوافق على العودة الى مفاوضات مباشرة مع جبهة البوليساريو، الممثل الدولي الشرعي للشعب الصحراوي من اجل تنظيم استفتاء تقرير المصير في اقرب وقت ممكن.
كناشطة بيئية، سخرت الكثير من حياتي لتحقيق مستقبل مناخي امن للعالم. اقول ان النضال ضد التغير المناخي هو اهم تحدي نواجهه اليوم، لكن لا يجب ان يستخدم ذلك النضال كستار لاخفاء التعسف و الظلم الذي يطال بعض الشعوب الاكثر تهميشا في العالم.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *