-->

الشروق الجزائرية : البوليساريو يهزم محمد السادس وهولاند.


بعيدا عن الأضواء وبإمكانيات متواضعة، انتزعت جبهة البوليساريو يوم الأربعاء 21 ديسمبر قرارا من المجلس القضائي للاتحاد الأوروبي حرم القصر الملكي وعرابه الفرنسي من فرصة التسويق لاعتراف أوروبي مبطن بمغربية الصحراء الغربية عبر تعميم اتفاقية الشراكة بين المغرب والاتحاد على أراضي الصحراء الغربية، حيث أكد “أن اتفاق الشراكة للتبادل الحر الموقع سنة 2012 بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لا يسري على الصحراء الغربية” بما يعني أن المجلس القضائي لا يعترف بمغربية الصحراء الغربية، ويرى أن المغرب والصحراء الغربية إقليمان مختلفان لا يخضعان لسيادة واحدة.
القرار وقع على المغرب وقع الصاعقة، حتى وإن كانت الحكومة والإعلام المغربي حاولا صرف النظر عن نصف الكأس الفارغ بالتسويق لانتصار وهمي يكون قد حققه المغرب، حين رفض المجلس مجاراة البوليساريو في الدعوة إلى إلغاء اتفاقية الشراكة برمتها، فيما رحبت به جبهة البوليساريو ورأت “أن القضاء الأوروبي قد وثق بوضوح كيف أن المغرب لا يمتلك أي نوع من السيادة على الأراضي الصحراوية”
وكيفما كان تقدير القصر الملكي للقرار، فإنه جاء في وقت كانت الحملة المغربية المسوّقة لالتحاق المغرب بالاتحاد الإفريقي قد بلغت ذروتها دون أن يتمكن الملك من انتزاع دعم دولة إفريقية واحدة، فيأتي القرار لينسف الإغراءات المغربية والفرنسية لبعض الدول الإفريقية كما سيعطل المشاريع الفرنسة التوسعية بالإقليم، ويمنح قيادة البوليساريو الحق في ملاحقة المؤسسات الأوروبية قضائيا متى خالفت أحكام القرار، الذي وضع إقليم الصحراء الغربية في الموقع القانوني للضفة الغربية المحتلة.
عمليا يحضر القرار على دول الاتحاد توسيع قرار الشراكة للتبادل الحرّ ليشمل إقليم الصحراء بوصفه “إقليما يخضع لسيادة أخرى غير سيادة المغرب” حتى وإن كان لم يخض في طبيعة الجهة صاحبة السيادة، واكتفى بنفي السيادة للمغرب الذي لا يسمح له القرار ولا لشركائه في الاتحاد بإقامة أنشطة في إقليم الصحراء الغربية تستفيد من اتفاق الشراكة، وأن أول قطاع سوف يتضرر هو قطاع الصيد البحري. كما سيمنح القرار للبوليساريو حق ملاحقة المؤسسات الأوروبية التي تنشط في الإقليم بتراخيص مغربية، وسوف يثبط عزيمة بقية المؤسسات الأوروبية والغربية التي كانت تخطط للاستثمار في الإقليم.
ولأن قرار مجلس القضاء الأوروبي قرار قضائي صرف، جاء متساوقا مع الرأي الصادر سنة 1975 عن المحكمة الدولية، فإنه يمنح جبهة البوليساريو فرصة ملاحقة دول ومؤسسات أخرى من خارج الاتحاد الأوروبي جازفت أو قد تجازف بالاستثمار في إقليم اعتبره مجلس القضاء الأوروبي خاضعا لسيادة أخرى غير السيادة المغربية، لتكون هذه الأنشطة ـ بما في ذلك أنشطة المؤسسات المغربية ـ في محل “الخارج عن القانون” المهدّد بالملاحقة القضائية.
الهزيمة في هذا القرار لم تكن فحسب من نصيب القصر الملكي المتعثر في الساحات القضائية كما في الساحات الدبلوماسية، بل هو أيضا وربما خاصة، هزيمة للإليزيه ولموقف فرنسا المقاول من الباطن في جميع هذه الساحات لصالح المغرب، ليتلقى صفعة في عقر داره من جهة قضائية أوروبية سامية أحكامها ملزمة للدول الأعضاء، ولها تبعات أخلاقية حيال سلوك الدول الأوروبية تجاه حالة احتلال صرفة لا تختلف عن الوضع القائم في فلسطين المحتلة.
بقلم : حبيب راشدين.

Contact Form

Name

Email *

Message *