عن أي تنظيمات عربية مدنية تتحدثون ؟
بقلم : مبارك الفهيمي
الأكيد أن الزيارة الأخيرة التي قام بها عضوي اللجنة الفلسطينية للتضامن مع الشعب الصحراوي لمخيمات اللاجئين الصحراويين كانت على العموم إيجابية وحققت المطلوب وبعثت الرسائل الجوهرية و الأساسية لمجموعة جهات خارجية وربما داخلية , كانت ولا زالت تتربص بهذه المبادرة التي تعطي إشارات أن القادم على الساحة العربية سيكون أكثر قوة وتأثيرا ــ إن حافظنا عليه ــ , وسيجعل الأجهزة المغربية تتحرك من جديد وفي اماكن أخرى وتخسر الدولارات في المؤتمرات و الاتصالات والعودة لسياستها المعهودة المتمثلة في "سياسة دفتر الشيكات " .
ولا يخفى على أحد أن الساحة العربية تختلف اختلافا جذريا عن الساحة الأوروبية , وهو ما جعل الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وواد الذهب والجمهورية الصحراوية تتبع سياسة وخطط استراتيجية بعيدة وقصيرة وربما متوسطة اتجاه العالم الاوروبي تختلف عن سياستها اتجاه العالم العربي , ولكن سنتفق جميعا ان التركيز على الاوروبي أكبر من العربي, وهذا ناتج عن مجموعة اعتبارات وحقائق لا يمكن تجاوزها أبسطها أن العقلية العربية ليست نفسها في العالم الغربي , كما ان البيئة السياسية و التنظيمات المدنية تختلف بين الجهتين , والأهم أن الأنظمة العربية المشرقية هي أدوات فقط وليست اللاعب الحقيقي في المعادلة السياسية العالمية , بتالي التنظيم السياسي يركز على "صحاب الشي " .
والأهم هل الذي يريد أن يعرف بالقضية الصحراوية في الأوساط العربية سيجد فعلا مجتمع مدني حقيقي و تنظيمات مدنية صلبة لا تخضع للهيمنة السياسية التي تفرضها الأنظمة العربية ؟ وهل فعلا نحن ضعفاء على المستوى الإعلامي ؟ وهل استطعنا أن نستغل مواقع التواصل الإجتماعي لخدمة القضية الوطنية أولا وأخيرا أم انه تم استغلال هذه المواقع لتصفية الحسابات أو باللغة العامية "شوفو عورة فلان " ؟ .
أولا لا بد أن نؤكد على مسألة هامة وقاعدة أساسية , أن القضية الصحراوية و التعريف بها و المرافعة عنها ليس حكرا على الديبلوماسي أو السياسي فقط , بل هو واجب على كل مناضل صحراوي من القاعدة الشعبية فما فوق , وبما أن بعض المواقع الصحراوية المحترمة تتحدث عن "المجتمع المدني العربي " فلا بد أن نقول أن المواطن العربي العادي قد يفهم لغة مواطن مثله ولا يفهم لغة ديبلوماسي أو سياسي , بتالي عن أي فشل ديبلوماسي تتحدثون ؟ .
القاعدة الأساسية هي "الديبلوماسي يخاطب الديبلوماسي " , وهذا يمكن أن يحدث في الديمقراطيّات أو الدول الغربية وهو ما يظهر دور الديبلوماسية الصحراوية هناك , ولكن لا يمكنك أن تجده في العالم العربي فهل نتصور يوما ما خبر ينشر في وسائل الإعلام الرسمية و الموازية "المعارضة الموقرة " ,"الملك فيصل ال بغلول يستقبل وزير الخارجية الصحراوي أو الداخلية او هما معا ", لا أريد أن أضع هذا في خانة المستحيلات في عالم السياسة ولكنه كذلك في تصوري الخاص , والصحراويين لم ولن يَرْجوْ خيرا يوما من الممالك العربية وحتى بعض الجمهوريات التي تدعي الديمقراطية
من الطبيعي أن نقول أن التضامن على المستوى العربي لا نرجوا منه سوى المواقف العلنية والثابتة و المساهمة في التعريف بالقضية الصحراوية العادلة وكسر التعتيم الذي تدعمه الدولة المغربية التوسعية , لان هذا التضامن في هذه المناطق لن يكون سوى كذلك ولا تعول إيها المواطن الصحراوي بمخيمات اللاجئين الصحراويين أن يكون دعما ماليا , لان هذا الدور تقوم به المنظمات الوازنة الأوروبية التي تحترم نفسها وتحترم الإنسانية جمعاء وقطعت أشواطا في القضاء على الفساد و المحسوبية و الزبونية وهي الأمراض التي تتفشى في العالم العربي أو دول الجنوب , مع استثناءات قليلة كالجزائر طبعا وليبيا وسوريا سابقا .
وما دام الوضع كذلك لا يمكن أن نطلب من المتضامن العربي الذي لا يتجاوز راتبه الشهري مئة أو مئتين دولار مساهمات مالية هو نفسه في حاجة إليها , أو ندعوه لزيارتنا وكل شيء على حسابه , أو نقوم بممارسات تشوه من سمعة القضية وننتظر أن يساندنا العرب ولو بموقف حيادي كأضعف الأيمان , وإن حاولنا أن نطبق نفس الإستراتيجية التي نتبعها على المستوى الأوروبي بحجة "في نهاية المطاف متضامن يسري عليه ما يسري على الجميع " فلا يجب أن نلوم الاخرين غدا أو بعد غد إن فقدنا ما تم تحقيقه على المستوى العربي و الذي بدأت القضية الصحراوية تجني ثماره قبل أشهر من الان .
فمن الصعب أن تجد مؤسسات مدنية عربية لا تخضع لراقبة الحكومة إن لم أقل أن للحاكم دور في تأسيسها لتأثيث المشهد وتجميل صورته أمام الخارج , بتالي لن يستطيع المواطن المدني الصحراوي أن يعرف بالقضية على مستوى هذه المؤسسات أو مراسلتها للتبليغ عن تجاوزات الدولة المغربية في حق الصحراويين , هنا ليس أمامنا سوى أن نركز على مواقع التواصل الإجتماعي وبدقة وحكمة كطريقة أفضل , خصوصا أن القضية أصبحت تعرف انتشارا لا بأس به إلى حد ما بفضل هذه المواقع ومن خلالها .
المواطن العربي اليوم يعتمد على مواقع التواصل لمعرفة الأخبار الجديدة وما يدور في العالم , بل أصبحت هي شغله الشاغل , وترافقه في كل مكان عبر الهاتف أو الحاسوب الذي لا يمكنك أن تجد بيت لا يحتوي على مثل هذه الخدمات الحديثة و المتطورة , وهو العامل الذي يصب في صالحنا و صالح القضية الوطنية ولست هنا بصدد سرد ما حدث في العالم العربي في ست سنوات الماضية بسبب تأثير مواقع التواصل الإجتماعي .
في النهاية سنتفق جميعا أن العمل على المستوى العالم العربي هو عمل إيجابي ومهم , ولعل ردة فعل الإعلام المغربي و صحافة القصر على بعض الخطوات النضالية كان اخرها زيارة عضوي اللجنة الفلسطينية للتضامن مع الشعب الصحراوي وما قبل ذلك خير دليل على ما نقول وننادي به دائما , ولكن سيبقى التصور الراسخ و السليم هو أن التعريف بالقضية الصحراوية وكسب متضامنين هو دور المجتمع المدني الصحراوي بالأساس.