-->

رأي : مستوى الصراع وتحدي تحصين الذات .


بقلم : مبــارك الفهيمي
تأكد الإحتلال المغربي قبل سنوات من الان أنه من المستحيل تصفية الإنتفاضة و الحراك السياسي داخل المناطق المحتلة,هذا الحراك الذي يتبنى التصور السليم المتمثل في تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير و الإستقلال وتأكد كذلك أن المعركة معركة أجيال وليست مرتبطة بأشخاص , بل كانت سياسة القمع و الحصار كمقاربة أمنية اتبعتها الأجهزة الامنية و الادمغة التي تسيرها سببا رئيسيا في الرفع من مستوى المواجهة بل أنتجت أدمغة صحراوية داخل المناطق المحتلة بات من الصعب تجاوزها في المعادلة الحقوقية و السياسية و الميدانية كجبهات نضالية تعتبر ركيزة أساسية في الصراع ضد الإحتلال , فكان للعمل السري و العلني الدور الكبير في إنتاج هذه الأدمغة الصحراوية التي لم تتلق أي تكوين في أي مجال نضالي ولكن عملها كان ريادي وكون نفسه من التجربة و التواجد على الأرض . هذا الوضع فرض على الأجهزة المغربية إعادة ترتيب الأوراق و الدخول باستراتيجية جديدة لتحقيق بعض النقاط يمكنها استهداف العمل الميداني و الحقوقي و الإعلامي و الطلابي الصحراوي كجبهة صدامية بهدف فرملة هذا الحراك وجعل نطاق تأثيره محدود ومسيطر عليه , فما هي استراتيجية الأجهزة المغربية الجديدة ؟ وهل أصبح الضرب بلسان صحراوي هو الحل ؟ .من يتتبع كيف استطاعت الأجهزة المغربية تفكيك مجموعة من التجمعات السياسية اليسارية المغربية في فترة ستينيات و سبعينيات القرن الماضي , يلاحظ أن عمليات التفكيك كانت من داخل تلك التيارات وبلسانها و بخطابها , ومحاولة خلق تناقضات تنتج التفكك , إذن فقد تم ضرب تلك التجمعات رغم قوة تنظيمها بخطابها وبأفراد ينتمون لها . هذا الوضع كان قبل عقود من الان, حيث أصبحت تلك الطرق كلاسيكية أما اليوم فقد تم تطويرها وإيجاد مجموعة اساليب جديدة أكثر فاعلية , وهو الأمر الذي على الصحراويين و المناضلين في جميع الجبهات أن يعوه جيدا . فالأجهزة اليوم توجهت لضرب الفعل النضالي الصحراوي بلسان صحراوي , أحيانا يكون مجهول الهوية وبخطاب الإنتفاضة , حيث استغلت الأجهزة المغربية مواقع التواصل و صنعت لذلك المواقع الإليكترونية المشبوهة , واعطي المثال هنا بمواقع مشبوهة مثل ويكي بوليس و فكراش صحراوي و الواركيز نيوز والصحراوي الحر ..الخ , هذه المواقع مثلا تحمل نفس الخطاب وقد يعتقد المتابع العادي أنهم مناضلين وغيورين على الفعل النضالي ولكن الواقع بالأدلة يثبت العكس , فأبسط مثال أن هذه المواقع تملك نفس الخطاب المزيف , و الشركة التي أمنت لهم الموقع واحدة والشكل الخارجي لهذه المواقع متشابه تماما مع تغيير بسيط في الألوان , مما يؤكد أنها استراتيجية جديدة ممولة ,و ربما تدخل في إطار استراتيجية الدفاع الرقمي التي جند لها المخزن خمس آلاف عنصر مغربي مكون في وسائل الإتصال حسب ما جاء على لسان وزير الاتصال في حكومة بنكيران السابقة .هذه الأجهزة التي تعمل على خلق الصراعات الداخلية بوسائلها وبطرقها , وإذا وجد تجمع ليست فيه تناقضات تعمل على خلقها , ولكنها أحيانا تجد نفسها أمام تجمعات خلقت لنفسها تناقضات وصراعات دون تدخل الأجهزة , فتحاول هذه الأخيرة تعميق ذاك التناقض وتغذيته بأي وسيلة وطريقة والطرق و الأساليب تتعدد . فلم تسلم أي جبهة من الأيادي التي تقف خلفها الأجهزة المغربية وأفضل إشارة على الطرق الحديثة للمغرب هو خط الشهيد , الذي قدم نفسه على أنه معارضة داخل جبهة لبوليساريو وأنه يناضل من أجل حرية الشعب الصحراوي , فانساق خلفه العديد من الشباب الصحراوي قبل أن ينكشف المستور بالوثائق عن تبعية هذه الجماعة للاجهزة المغربية , أو قبل ذلك حركة الرجال الزرق ــ الموريهوب ــ التي كان يقودها البشير فويغي الملقب بإدوارد موحى فكانت تدخل في نفس الخطط الأمنية المغربية . هنا نتوصل أن الدولة المغربية لم تعد تركز على من يهلل للحكم الذاتي أو مصطلح "مغربية الصحراء" , بل أصبحت تتجه لخلق توجهات و أفراد يتقاطعون مع المناضلين في نفس الخطاب و التصور لتدفع بهم بعد ذلك لخلق التناقضات وزرع البلابل , فهل الجسم النضالي في الداخل مستعد لهكذا تحديات ؟ .الثابت أن الأجهزة المغربية بدأت قبل سنوات في مقاربة جديدة اتجاه الفعل النضالي داخل الأرض المحتلة و المواقع الجامعية , وقد تؤدي على المستوى الإستراتيجي لنتائج لا تخدم القضية الوطنية وربما يختلط الحابل بالنابل , رغم أن محطات نضالية أخيرة أعطت إشارات أن الجسم النضالي يتحسن ويتجاوز بعض التناقضات الحاصلة ولكن الخطر لا زال قائما , رغم تفائلي أن أدمغة الأرض المحتلة التي خبرت الميدان قادرة مواجهة التحدي وتحصين الذات في وجه كل خطر .

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *