-->

بين سؤالهم "أين الثروة" وسؤالنا "أين الثورة"...نحتاج لوقفة مع الذات.


بقلم: زيني علي طالب
"الثورة والثروة لا يلتقيان" هي عبارة لرمز المقاومة ضد الغزو الأمريكي والفرنسي الجنرال الفيتنامي جياب، هي عبارة صحيحة إذا أُخذت في سياق الثورة من اجل التحرر والتقاء هذين الضدين سيعني بالضرورة الفساد وضياع الثورة.
في خضم الحراك الشعبي المتصاعد في دولة الاحتلال المغربي وسؤالهم المشروع "اين الثروة" وهو سؤال شامل يفتح المجال للتساؤلات البديهية عن مصير ثروة الشعب المغربي وثروة الشعب الصحراوي ايضاً ما دام اللص والناهب واحد هو النظام المخزني المغربي وملكه المفترس وعائلته التي افقرت الشعبين وراكمت الثروات في القصور والحسابات المصرفية الخارجية.
أما عندنا فالسؤال عن الثروة في بلادنا المحتلة محسوم الجواب فهي تحت سيطرة الاحتلال يستنزفها ليل نهار في سباق مع الزمن بل ويستعملها لشراء مواقف دول ومنظمات لتقف حجر عثرة وسداً منيعاً ضد استقلالنا والاحتلال لن يتوقف عن فعله هذا لأنه اولاً شرط من داعميه لضمان مصالحه وديمومة استعماره وثانياً لأنه يعطي عطاء من لا يملك لمن لا يستحق " والسارق باش باع اربح"
ما تملكه حكومتنا في اللجوء لا يمكن تسميته ثروة بل هي حقوق للاجئين ومقومات صمود لهذا الشعب المناضل، لليتامى والارامل وعائلات الشهداء واناس محتاجين تعتمد ارزاقهم على ما تقدمه المنظمات الدولية المانحة من مؤونة وخدمات هي أصلا شحيحة وفي تناقص مستمر.
بإعادة شريط الثورة لبدايته سنتذكر ان اغلب مناضلي شعبنا تركوا ثرواتهم والتحقوا بالثورة بل دعموا الثورة بثرواتهم لانهم رأوا فيها هدفهم الاسمى و هو الحرية و الاستقلال التام بعد ذلك فقط يمكن ان تلتقي الثروة مع الثورة من اجل البناء والاعمار للأرض والتطور والرفاهية للإنسان الحر، لكن في المقابل وللأسف هناك من التحقوا بالثورة من اجل الثروة والمصالح الخاصة فاستعجلوا الرفاه لأنفسهم على حساب الثورة فعطلوا المصالح والخدمات العامة وانغمسوا في الصفقات الخاصة من أموال الشعب الذي ائتمنهم على ثورته ومصيره وتحول بعض الذين يحرسون الثورة الى أدوات تعمل لصالح الثراء الفاحش بل تحول بعضهم الى معطل للثورة لأنه اصبح يرى فيها تهديدا لثروته فانطبق على هؤلاء قول "حاميها حراميها"
فانتشر الفساد المؤسساتي بلا رقيب ولا حسيب وحولوا بعض هذه المؤسسات الى اقطاعيات خاصة افرغت من خيرة الأطر فيها ليهجر بعضهم مرغماً لحقول المهجر او ينفض يديه من الخدمة العامة وكنتيجة حتمية ينعكس ذلك بالسلب على أداء هذه المؤسسات وخدماتها للمواطنين المناضلين في مشروع الثورة من اجل الاستقلال.
الانتفاضة في المناطق المحتلة لم تسلم هي الأخرى من هذه الانعكاسات السلبية لالتقاء الثورة بالثروة حيث يؤكد اغلب المناضلين هناك من اهل الميدان ان الانتفاضة وصلت اوجها و افضل عطائها في بدايتها حين اشتعلت كردة فعل حتمية على واقع الاستعمار و سارت بوعي وقيادة ميدانية كان هدفها تحرير البلاد والعباد قبل ان تدخل الجبهة بحسن نية لتوجيه الانتفاضة واعانتها ماديا غير ان ذلك انعكس سلباً وفتح المجال للطامعين في الثروة وبدأ التفريق بين المناضلين بالتسميات بين حقوقي و جمعوي ومنسق مع الجبهة (بدون اثبات فقد يكون منسق مع العدو ويستغل وضع الغموض) واصبح يستفيد فقط اللذين في الواجهة فصار البعض هدفه هو الظهور في هذه الواجهة بالشكل دون الفعل والمضمون لتحقيق مآرب خاصة تافهة أحياناً كالحصول على تأشيرة للخارج او حتى قد يكون هدفه هو زيادة أسهمه ليتم شراءه من المحتل بقيمة اعلى، ويبقى هؤلاء مجرد حالات شاذة لان الأغلبية هم مناضلات ومناضلين أوفياء في السر والعلن و في الميدان والاعلام رغم ما يتعرضون له من السجون والمضايقات في الارزاق والحقوق من نظام الاحتلال ولكن تلك الحالات الشاذة أبطأت مسير الانتفاضة واستغلت الأرضية الخصبة لالتقاء الثورة بالثروة، مع ان هذه ليست دعوة لوقف دعم الانتفاضة بل بالعكس دعوة لزيادة دعمها ولكن بأسلوب افضل يخدم المشروع بدل الأشخاص كدعم الاعلام و التحريض الثوري وتمويل الأساليب الثورية الإبداعية بكافة اشكالها وفتح المجال للقيادات الميدانية لتسيير الانتفاضة وزيادة زخمها مع الاستشارة المركزية للجبهة ولكن بدون وصاية وتثبيط ولا تمييز وحسابات ضيقة كالولاءات للأفراد بدل الوطن او المحسوبيات.
ان أكبر خطأ نقع فيه هو التعميم وخاصة تعميم الفشل فنحن شعب ككل الشعوب وثورتنا ككل الثورات فينا الابطال ومنا الخونة، فينا الثوار ومنا الانتهازيين، فينا القادة الصالحين والذين هم على العهد باقون يؤدون امانتهم الثورية بكل تفاني وإخلاص ولدينا قادة فاسدون ركبوا على ظهر الثورة ليراكموا سلعة فانية ومصالح رخيصة. ولكن في الأخير لا يصح الا الصحيح وما كان لله بقي واتصل وما كان لغيره انقطع وانفصل.
لا بد ان نقف مع أنفسنا وقفة شجاعة نخرج فيها رؤوسنا من وضعية النعامة في تراب الخوف من النقد البناء لنعالج أخطاءً ان لم نعالجها اليوم فستتراكم لتنفجر في وجهنا غداً ولنا في احداث 88 عبرة ولنوقف هذا التدهور في المشهد الثوري من ضعف في المؤسسات والخدمات واستنزاف للثروات وتراشق بين المناضلين وسقوط في وحل القبلية والآفات الاجتماعية المهلكة لشباب المستقبل الذي هو وقود وعماد هذه الثورة، ولنستعيد حريتنا وارضنا المسلوبة والتي هي ثروتنا الحقيقية ولنعمل جميعاً من اجل الثورة التي تعيد لنا هذه الثروة.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *