الانتخابات الجهوية في كتالونيا تعيد الأزمة السياسية في اسبانيا إلى المربع الأول
أعادت نتائج الانتخابات الجهوية المبكرة التي جرت يوم الاربعاء بكتالونيا, الأزمة السياسية في هذا الاقليم الاسباني إلى مربعها الأول بعد فوز أحزاب المعارضة بأغلبية المقاعد و تراجع "حزب الشعب" الحاكم بشكل ملحوظ, ما يمنح الأحزاب المؤيدة للانفصال عن مدريد الأسبقية في قيادة الحكومة الجهوية من جديد و يعيد الزخم إلى مشروعها الانفصالي الذي تعارضه أوروبا و العالم.
ومع الانتهاء من فرز نحو 99 بالمائة من الأصوات, تتجه الأحزاب المعارضة للحكومة المركزية و هي "معا من أجل كتالونيا" و "اليسار الجمهوري الكتالوني" و "الوحدة الشعبية" إلى الفوز معا بالانتخابات و الظفر ب 70 مقعدا من أصل 135 مقعد يتألف منها برلمان إقليم كتالونيا, مما يمنح هذه الأحزاب مجتمعة أغلبية المقاعد مقابل 36 مقعدا فاز بها حزب "المواطنون" (سيودادانوس) المؤيد لإسبانيا و 3 مقاعد فقط ل"حزب الشعب" الحاكم الذي يتزعمه رئيس الوزراء الاسباني ماريانو راخوي.
وأكدت النتائج الجزئية لهذه الانتخابات أن حزب الوسط (سيودادانوس ) فاز بهذه الانتخابات بعد أن حصل على نسبة 47 ر 25 في المائة من الأصوات المعبر عنها وبالتالي حصد 36 مقعدا في البرلمان الجهوي, في حين جاء في الرتبة الثانية حزب "جميعا من أجل كتالونيا " بحصوله على نسبة 70 ر 21 في المائة من الأصوات ( 34 مقعدا) متبوعا في الرتبة الثالثة بتحالف "اليسار الجمهوري الكتالاني" و"كتالونيا نعم" بحصوله على نسبة 43 ر 21 في المائة من الأصوات (32 مقعدا) .
أما الحزب العمالي الاشتراكي فاحتل المرتبة الرابعة ب 89 ر 13 في المائة من الأصوات (17 مقعدا) متبوعا بتحالف " كات كومو بوديم" ب 43 ر 7 في المائة من الأصوات (8 مقاعد) ثم حزب "كوب" ب 39 ر 4 في المائة (4 مقاعد) وأخيرا الحزب الشعبي الحاكم في البلاد ب 21 ر 4 في المائة ( 4 مقاعد) .
وقد بلغت نسبة المشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي حسب النتائج الجزئية 9 ر 81 في المائة مقابل 95 ر 74 في المائة المسجلة خلال انتخابات سبتمبر 2015 .
وكان ماريانو راخوي قد دعا إلى تنظيم هذه الانتخابات الجهوية المبكرة في إطار تطبيق الفصل 155 من الدستور بعد الإعلان أحادي الجانب من طرف البرلمان الجهوي لكتالونيا يوم 27 أكتوبر الماضي عن استقلال الإقليم عن اسبانيا ما دفع الحكومة المركزية إلى الغاء نتائج الاستفتاء و عزل رئيس حكومة الاقليم , كارلوس بوغديمون.
ويفترض أن تسمح هذه النتائج لزعيم حزب "معا من أجل كتالونيا" , كارلوس بوغديمون, باستعادة قيادته حكومة الاقليم على الرغم من تشبثه بسياسة الانفصال, حيث جدد بوغديمون, من بروكسل, فور الإعلان عن النتائج الجزئية, التعبير عن التزامه بمشروع الانفصال عن مدريد حيث قال أن ما أسماه "الجمهورية الكتالونية فازت في هذه الانتخابات التي خسرت فيها المملكة الاسبانية".
إلا أن زعيمة حزب "المواطنون" (سيودادانوس), إينيس أريماداس, اعتبرت أن "أغلبية مواطني الاقليم صوتوا ضد دعاة الانفصال", حيث ان فوز الأحزاب المعارضة بأغلبية المقاعد لا يعني أنها حصلت على أغلبية أصوات الناخبين, بل أنها لم تحصل حتى على الاغلبية البسيطة, فقد بلغت نسبة المصوتين لصالح هذه الأحزاب الثلاثة 47.5 بالمائة فقط من الاصوات المعبر عنها, في حين صوت ضدها 52.42 بالمائة و هي تقريبا النسبة نفسها المسجلة في انتخابات 2015, وعليه, قالت إينيس أريماداس أنه بعد هذه النتائج "لن يتمكن أحد من التكلم باسم كتالونيا بأسرها".
من جانبها, ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن النتائج التي حققتها الاحزاب المعارضة في كتالونيا "قد تزيد من الانشقاقات في صفوف حركة الانفصال, بين أولئك اللذين يتمسكون بالعصيان المدني في مواجهة الحكومة المركزية و بين من يريدون استعادة الحكم الذاتي الذي كان يتمتع به الاقليم و الحصول عن العفو على قادتها الملاحقين جنائيا".
وأوضحت ذات الصحيفة انه " من الواضح أن الطرف الفائز في هذه الانتخابات سيواجه مهمتين شاقتين و هما ترميم الانقسامات في الاقليم و تحقيق السلام مع مدريد".
وكانت الحكومة المركزية في مدريد قد أقالت ,شهر أكتوبر الماضي, الحكومة الإقليمية التي كان يرأسها كارلوس بوغديمون و حلت البرلمان الجهوي و ذلك ردا على إعلان السلطات الاقليمية الانفصال عن مدريد استنادا على نتائج الاستفتاء الذي تم تنظيمه و الذي لم يحظى باعتراف اوروبي و لا دولي.
يشار إلى أن الأحزاب الكتالانية المعارضة لمدريد فازت لأول مرة بأغلبية المقاعد في البرلمان الاقليمي سنة 2015, بحصولهم على 47.8 بالمئة من أصوات هذه الانتخابات التي شهدت نسبة مشاركة بلغت 74.95 بالمئة, و هي نسبة أقل من النسبة التي سجلتها انتخابات يوم أمس ب نحو 82 بالمئة لتكون بذلك سابقة في تاريخ الإقليم.