في ومضة عين الإتحاد الأوروبي و المغرب يتمردان على الشرعية الدولية
بقلم: محمد لمين مصطفى مفتاح.
في تطور تاريخي، تزامن قرار محكمة العدل الأوروبية الاخير مع ذكرى إعلان تأسيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية التي تمثل شعب مستقل عن باقي شعوب المعمورة الموافق ل ال 27 فبراير 1976.
يعتبر قرار محكمة العدل الأوروبية انتصارا كبيرا للقضية الصحراوية و بدون شك سيشكل أرضية لميزد من المكاسب سيما قانونيا لعدة، لكن هناك خفايا وجب الكشف المستور في هذا الصدد.
الحكم يشكل إنتصار لأنه يثبت حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير و التمتع بما تجود به الصحراء الغربية من ثروات ولا يحق للاحتلال المغربي البت فيما ليس ملكه و على الأقل يتجلى لكل للعالم أن الصحراء الغربية إقليم منفصل تماما عن المملكة المغربية و يفند إدعاءات المخزن الرامية إلى تغليط الرأي العام العالمي، جبهة البوليساريو و على لسان وزيرها المكلف بملف أوروبا محمد سيداتي صرح لوكالة الصحافة الفرنسية ؛ ” أن الجمهورية الصحراوية ترحب بقرار المحكمة و تعتبره إنتصار و تتمنى أن يشرع الاتحاد الأوروبي في إتخاذ الإجراءات اللازمة للتعجيل بعملية سير القرار ”
الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بدورها كدولة حرة تضم أطياف المجتمع الصحراوي و تدافع عن حقوقه عن طريق تمثيل الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب كما كشرت في الأمس عن أنيابها و قاتلت لكبح الأطماع التوسعية من الجيران و قادت معاركها في المحافل الدولية و على أرضها بالسلاح ها هي اليوم تقود معركة جديدة تتمثل في الجبهة القانونية و الحق المشروع في المطالب الأساسية لشعوب العالم.
لقد إستندت المحكمة الأوروبية بقرارها الصادر اليوم إلى عدة معطيات تفرض الامر الواقع منها أو أبرزها هو القرار التاريخي لمحكمة العدل الدولية بلاهاي، و اعرج هنا من خلال لمحة تاريخية عن القرار لنضع القارئ الكريم في الصورة:
تقدم المغرب بطلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى الحكومة الإسبانية في 23 سبتمبر/ أيلول 1974 لإحالة ملف الصحراء الغربية إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، لتبدي رأيا استشاريا لتعزيز مطالبته بما يسميه (حقوقه التاريخية على الإقليم). وبعد أن وافقت الجمعية العامة على الطلب المغربي، أحالته على محكمة العدل الدولية المذكورة والتي عقدت 27 جلسة علنية من 25 يونيو/ حزيران ولغاية 30 يوليو/ تموز 1975 وأعلنت محكمة العدل الدولية رأيها الاستشاري في 16 أكتوبر/ تشرين أول 1975 في 60 صفحة و أهم ما يحمله الرأي هو تفنيده للأكاذيب المغربية و منها :
1- أن المملكة المغربية تدعي وجود روابط سيادة بالصحراء الغربية نابعة من حيازة تاريخية للإقليم.
2- أنها وضعت في الحسبان الهيكلة الخاصة للدولة المغربية في تلك الحقبة التاريخية.
و بعد أن فحصت الأحداث الداخلية (تعيين القادة، جباية الضرائب، المقاومة المسلحة وحملات السلاطين…) التي قدمها المغرب كإثبات لسيادته التاريخية على الصحراء الغربية، والأحداث الخارجية (معاهدات، اتفاقات، ومراسلات دبلوماسية) التي اعتبرها المغرب تأكيدا لاعتراف دولي من حكومات أخرى بتلك السيادة التاريخ.
توصلت المحكمة إلى أن كل ذلك لا يقوم دليلا على وجود روابط سيادة إقليمية بين المغرب والصحراء الغربية، بالرغم من وجود علاقات تبعية (روحية ، دينية) بين بعض قبائل المنطقة والسلطان . وخلصت إلى القول ” بأن جميع الأدلة المادية والمعلومات المقدمة للمحكمة، لا تثبت وجود أية روابط سيادة إقليمية بين أرض الصحراء الغربية من جهة ، والمملكة المغربية أو المجموعة الموريتانية من جهة أخرى .
و عليه فإن المحكمة لم يثبت لديها وجود روابط قانونية، من شأنها أن تؤثر على تطبيق القرار (XV)1514 المتعلق بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، وعلى الخصوص تطبيق مبدأ تقرير المصير من خلال التعبير الحر والحقيقي عن إرادة سكان المنطقة “.
لكن هذا ليس بالكاف لكبح تلك الأطماع التوسعية بل زادت الطين بلة فلا أحد منا يتوقع مدى جشع الإتحاد الأوروبي و لربما كل هذه الضجة الكبيرة يكمن خلفها سر يتمثل في مفاوضات سرية بين الاتحاد الأوروبي و المملكة المغربية على الأتفاقات المبرمة بين الطرفين السارية منذ سنوات منها الصيد و المنتجات البحرية سنة 2002 و المنتجات الفلاحية سنة 2012.
و المحكمة الأوروبية ليست إلا ورقة تم وضعها للضغط على المغرب لتقديم تنازلات أكبر و تجلى ذلك عند القرار السابق لنفس المحكمة الذي قدمته محكمة لوكسمبورغ التابعة الأتحاد في 10 ديسمبر 2015 بدعوا تقدمت بها جبهة البوليساريو تتمثل بعدم تمتع الشعب الصحراوي بثرواته، كان القرار واضح و عادل لكن و للأسف بعد ذلك تم إلغاء الطعن الذي تقدمت به الجبهة وواصل الطرفين طريقهما بشكل سري و علني و تواصلت عمليات النهب الممنهجة لخيرات الشعب الصحراوي.
اليوم الثلاثاء خرجت الدبلوماسية المغربية بأول رد رسمي على قرار المحكمة الأوروبية الصادر ، والذي يعتبر أن اتفاقية الصيد البحري المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب “لا يجب ان تشمل المياه الاقليمية للصحراء الغربية”.
وجاء في تصريح مشترك بين وزير الشؤون الخارجية للأحتلال المغربي ناصر بوريطة، والممثلة السامية للاتحاد الأوروبي المكلفة بالشؤون الخارجية وسياسة الأمن، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، فيديريكا موغيريني، أن المسؤولين “أخذا علما بالقرار”.
وجاء في التصريح المشترك بين موغيريني وبوريطة التأكيد على “تشبثهما بالشراكة الإستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوروبي وعزمهما الحفاظ عليها وتقويتها” !
و أكد الطرفان أن “روح التشاور الوثيق والصادق التي طبعت مسلسل ملاءمة الاتفاق الفلاحي خلقت رصيدا ثمينا من الثقة من أجل تعميق هذه الشراكة”، كما أكدا “عزمهما الحفاظ على تعاونهما في مجال الصيد البحري”.
و هذا في ومضة عين يعصف بالقرار في نفس اليوم الذي ولد فيه لم يكتفي الأتحاد الأوروبي بنهب ثرواتنا بل أصبح يتلاعب بنا أيضا.