بين القوة الامريكية "جون بولتون" والعقل الألماني "هورست كولر" ثمة فرصة تاريخية لاستقلال الصحراء الغربية
بقلم: زيني علي طالب
في خضم هذا المسار الطويل الذي يخوضه الشعب الصحراوي في سبيل التحرر من قيد الاحتلال المغربي ومع ازدياد حلكة الظلام في نفق السياسة والمفاوضات العبثية بدون إرادة جادة من المحتل المغربي لإيجاد حلول توافقية تضمن حق الشعب الصحراوي في الحرية والاستقلال ولا بوجود ضاغط حقيقي يجبره على الانصياع للشرعية الدولية، يبزغ نور في اخر النفق قد يكون اخر فرصة لإنعاش جسد الحلول السلمية المحتضر.
تفاجأ الجميع بالقرار الأخير للرئيس الأمريكي القاضي بتعيين سفير أمريكا السابق في الأمم المتحدة جون بولتون كمستشار للأمن القومي الأمريكي بعد تكهنات عديدة حول المنصب الذي سيتولاه هذا الصقر الجمهوري في إدارة ترامب ومن المفارقات ان أحد اشد الخصوم السياسيين له وللشعب الصحراوي "اليوت ابراهام" كان الاقرب للتعيين في منصب رفيع كالخارجية الامريكية" لولا تفطن ترامب لكلام سابق له يشكك فيه بأهلية ترامب للرئاسة، ابراهام الذي عارض كثيراً بولتون في سعيه للضغط على المغرب لإجراء الاستفتاء او انهاء مهمة بعثة المينورسو.
جون بولتون صقر الحرب الذي لا يُؤْمِن بالحلول الرمادية!!
صديق الشعب الصحراوي صاحب كتاب "الاستسلام ليس خياراً"، ظل طوال مسيرته المهنية يدافع بشراسة عن حق الشعب الصحراوي في الاستفتاء وتقرير المصير وقد قالها مراراً بان المغرب لا يريد الحل وان اغلب الدول تؤيد وضع الجمود الحالي في الملف وان الشعب الصحراوي هو من يعاني من هذا الوضع، سعى مراراً لإنهاء مهمة بعثة المينورسو وقال انها تحمل في اسمها "تنظيم الاستفتاء" وإذا لم تقم بهذا الدور فهي مضيعة للوقت وتبذير لاموال امريكا التي تدعمها.
لا يؤمن بحالة الجمود ويؤيد الخيارات الصعبة بما فيها الحرب كوسيلة لإنهاء النزاع فيما يُؤْمِن بخيار الاستفتاء كوسيلة لإنهاء النزاع وانه على الجميع ان يحترم النتيجة مهما كانت وهو يعلم ان المغرب يخاف من الحقيقة وهي ان الصحراويين لا يريدون غير الاستقلال وان الحكم الذاتي لم يغري أهل الارض وان المغرب غير قادر على تنفيذه أصلاً.
في الماضي واجهته الكثير من العقبات في تطبيق رؤيته والضغط على المغرب للرضوخ للشرعية الدولية اهم هذه العقبات محدودية سلطته وخاصتاً عدم توافقه في الرؤى مع الخارجية الامريكية آنذاك وبيروقراطيتها وتفضيلها للإبقاء على حالة الوضع الراهن دون تغيير مفصلي بسب انشغالها بحروب وقضايا الشرق الأوسط وكذلك بوجود بعض المأجورين من افراد وجماعات الضغط التي تدعم مصالح المحتل المغربي وأبرزهم ايليوت ابراهام الذي كان يعارض بولتون بحجة ان النزاع في المنطقة سيضر الملكية في المغرب والأفضل هو الإبقاء على حالة الجمود في الملف.
اليوم يتقلد بولتون أحد أقوى المناصب في امريكا وهي مستشار الأمن القومي وهو قادر على تغيير خرائط ومواقف وأوضاع عالمية خاصتاً مع انسجامه شبه الكامل مع الرئيس الامريكي وضعف خبرة ترامب السياسة وما يتعلق بالأمن الدولي ما يجعل بولتون الآمر الناهي في الأمن القومي والمصالح الامريكية في العالم.
وزير الخارجية المعين حديثاً "مايك بومبيو" صديق حميم لجون بولتون واشتغل معه في حملات انتخابية واشاد به كثيراً وهو ما يعزز وجود توافق وانسجام أكبر في السياسة الخارجية الامريكية ونظرتها للتعامل مع القضايا والنزاعات الدولية وقد ينعكس بدون شك في موقف موحد اتجاه قضية الشعب الصحراوي.
الرئيس الألماني السابق والمبعوث الاممي الى الصحراء الغربية هورست كولر اثبت خلال الأشهر الماضية التي تولى فيها الملف انه يتعامل مع هذا المنصب بطريقة الماكنة الألمانية والعقلية الألمانية التي تؤمن بالدقة والاتقان في العمل حيث اصر على طريقته الخاصة في التركيز على الجانب السياسي من الملف والابتعاد عن الجانب التقني ومشاكل بعثة المينورسو والتحديات على الأراضي المحتلة، كما انه وهو ما ازعج المغرب الح على اشراك كل الفاعلين الدوليين في الملف واخذ تصوراتهم للحل وخاصة من لهم أوراق ضغط على الطرفين ودول مجلس الامن الدولي، كما ان سريته ورفضه للدخل في مهامه من أي كان واستمراره على نهجه الخاص تثير حفيظة المحتل المغربي الذي يريد للنزاع ان يبقى على جموده وحكرا على اطراف محدودة لكي يبقى طي النسيان.
وهنا لا بد من التركيز على نقطة التشابه بين الأمريكي و الألماني وهي ان الأول مهتم بإنهاء النزاع وإقرار حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستفتاء والثاني مهتم بإنجاح مهمته في حل النزاع وكذلك مهتم باشراك الأطراف الدولية الفاعلة والضاغطة وعليه لا بد من تشجيع التقارب بين هاتين الشخصيتين المؤثرتين والعمل معهما لتحقيق اهداف الشعب الصحراوي بل والاستماع الى انشغالاتهم وخاصة الأمريكي وإبراز إمكانيات التعاون المشترك مستقبلاً بين البلدين الصحراوي والأمريكي وتوضيح المخاطر التي ستنجم عن عدم إعطاء الصحراويين حقهم في الحرية من تدهور للوضع الأمني والانزلاق الى حرب ستتوسع لتشمل كل دول المنطقة والامن الإقليمي لشمال افريقيا وجنوب أوروبا وان الشعب الصحراوي محب للسلام ولكن خيار الحرب يبقى في يده دائما كصمام امان لحقوقه العادلة والشرعية والتي تكفلها جميع المواثيق والأعراف الدولية.
ومما سلف يتضح لنا اننا على اعتاب فرصة تاريخية بوجود هذه الأطراف الراغبة في تحريك الملف وانهاء معاناة الشعب الصحراوي في اللجوء وعودته الى وطنه وتحقيق سيادته على ارض الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وهي فرصة قد لا تتكرر وكفانا إضاعة للفرص و "لحديد يبتط اللا حامي".