مقهى الدسائس ... !
الارض في زماننا هذا جعلها الجبابرة جحيما ، لاتنبت إلا المآسي والنكبات ، يتاجرون بها وبقضايا الانسان عليها كلما اقتضت مصالحهم ذلك ، لايميزون بين الحق والباطل ولا يخشون في ذلك شجبا ولا تنديدا .
اعضاء مجلس الأمن الدائمين هم مصيبة هذا الزمن ومقبرة آمال الشعوب واحلامها في الرقي والرفاه ، هم وحدهم اصحاب الغمار والسماسرة في مبنى الامم المتحدة ، الذي أضحى بمثابة مقهى لفاسدين اصيبوا بجنون العظمة ، فيه يشربون نخب الامتيازات الكبرى والارباح الطائلة دون مبالاة بما يطال الابرياء من ظلم وجور .
ففي فلسطين مازالت اسرائيل تحتسي قهوتها على نفس الطاولات والكراسي ، منذ أن بيعت العدالة في المزاد العلني ، ولازال الاستثمار سائدا في معاناة الشعب الفلسطيني الى يومنا هذا .
ويستمر مجون الثمالى بأرواح البشر على الساحة العربية خصوصا ، حيث رائحة الموت والدمار في اليمن ، والقهقهات المتعالية ضحكا على ما آلت إليه الأوضاع في سوريا ، القلعة التي مازالت تأبى السقوط والاستسلام لكيد الكائدين .
وتأت قضية الصحراء الغربية وقصة شعبها الطويلة مع الاحتلال المغربي اللاشرعي ، إنها صفقة اخرى تعرض هذه الأيام على مجلس السكارى ، الذين مازال يدفع بهم الظمأ الى شرب المزيد من أكسير النذالة والخيانة ، ليغيبوا واقعا انسانيا مريرا وحقا جليا حتى للعميان ، فعلت به الهمجية هو الآخر مافعلت من مظالم واستبداد .
هكذا تظل دار الشر على حالها لا تخدم إلا زبائنها المعروفين ، رفوفها ممتلأة بزجاجات النبيذ وكؤوس المدمنين ، وكراسيها لم تمل الجلوس الطويل والمتكرر ، وطاولاتها لم تسئم بعد من بصمات الغدر والخيانة ، أما أبوابها فلم تنبلج يوما إلا عن صفقات يمضيها الشيطان في كل مرة بحبر المصالح .
هكذا هي منظمة الامم المتحدة ، ملوثة وتفتقد الى النزاهة والشفافية تجاه القضايا المطروحة على ذمتها ، وهكذا خيبت آمال الشعوب وقضت على احلامها الموعودة من اجل السلام والوئام .
هكذا اصبحت هذه الهيئة الدولية وكرا للمؤامرات وحياكة الحبائل ، ولعل أكثر المتضررين من اجنداتها اليوم هم العرب والمسلمون ، الذين باعوا تاريخهم العظيم ، مقابل التشظي والإستسلام ، لقد آن لأمة العروبة والإسلام ان ترفع هاماتها عاليا ، وان تتوق الى سابق عهدها المجيد .
ولعل ذلك ما ادركه الشعب الصحراوي سابقا عند قيام ثورته المظفرة ، ويدركه اليوم في ظل هذا الواقع المرير ، لقد سبق له ان قدم قوافلا من الشهداء لتحرير وطنه المغتصب من طرف النظام المغربي ، ومصر اليوم على رفع الضيم وانتزاع حقه بقوة السلاح اكثر من اي وقت مضى ، خاصة بعدما جنح للسلم طويلا دون فائدة تحت مظلة الامم المتحدة ورعاية مجلس الأمن الدولي ، هذا الأخير الذي يوزع صكوك الغفران على من يشاء ، وهو اليوم قاب قوسين او ادنى من أن يصادق على قرار بشأن القضية الصحراوية ، وقد يكون كفيلا اذا كان سلبيا ، بأحداث قطيعة مع شهر ابريل الكاذب في كل عام ، لقد مل الصحراويون طبيعة السلم الزائف والجري وراء السراب ، واصبحت عودتهم الى الحرب امرا لامناص منه ، وحينذاك فليتحمل الجائرون ومن وراءهم من الجبابرة تكاليف الموت والخراب ، وما سينجر عنها من عدم الاستقرار وتهديد لمصالح الغرب في هذه المنطقة وما جاورها .
بقلم : محمد حسنة الطالب