-->

ببلدة التفاريتي.. نحن هنا، أين أنتم!؟


في ظل استفزازات وتهديدات مفرغة باللجؤ للحرب من المخزن وجوقته السياسية وأبواقه الدعائية والإعلامية، أختيرت وبعناية تامة بلدة “التفاريتي” المحررة، ليكون فيها ومنها الرد الميداني الحاسم والقاطع، بعيدا عن زوابع أبريل الكاذبة ولغة الوعيد الخاوية المضمون، وتحتضن البلدة الأبية والقطاع العملياتي للناحية العسكرية الثانية العيد الوطني ال45 للجيش الصحراوي (20ماي)
ـ يعتبر الوضع الحالي الذي تمر به القضية الصحراوية ظرفا مفصليا وهاما، شهد ولايزال الكثير من الشطحات والتصرفات المرتبكة والأعمال الكيدية المغربية، وموجة كبيرة من الادعاءات المضللة والتهديدات الكاذبة والمتواصلة من المخزن وأدواته الدبلوماسية والإعلامية، ويشهد الوضع الراهن أيضا، محاولات من الرباط لإرباك الرأي العام الدولي والمغربي، ومحاولة تحريف التعريف الحقيقي للمنطقة العازلة، حيث سعى المغرب وألته الدبلوماسية والإعلامية إلى إيهام مواطنيه والعالم على أن “المناطق المحررة، تدخل ضمن المناطق العازلة”!!!، على ما يزعم المخزن، وأن “جبهة البوليساريو والجيش الصحراوي يخترقون وقف إطلاق النار، بتعزيز القواعد العسكرية والمنشأت الإدارية الصحراوية”!!!، حسب الادعاءات المغربية المغلوطة، وذلك في إشارة إلى بناء مقرات إدارية في بلدة بئر لحلو المحررة لرئاسة الأركان العامة للجيش الصحراوي، وتشييد مقر لرئاسة الجمهورية ببلدة التفاريتي الطاهرة، وهي المناطق التي تبعد عن جدار الذل والعار المغربي بحوالي 80 كليومتر، وتمارس عيها الدولة الصحراوية سيادتها الكاملة دون نقصان منذ السبعينات، فيحميها جيشنا المغوار ويقيم بها الالاف من أبناء شعبنا في بلديات (بئر لحلو والتفاريتي وأمهيريز وميجك وأغوينيت والدوكج)، تضم مدارس ومستشفيات وأبار مياه وغيرها من مقومات الحياة، وتقيم فيها الذكريات والمناسبات الوطنية، وتستقبل فيها الوفود والشخصيات الدولية (بان كيمون) ويعتمد بها السفراء، فما الذي تغير ياترى!؟، وهنا تحال تلك المزاعم والافتراءات إلى اتفاق وقف إطلاق النار الموقع 6 سبتمبر 1991، ليحيلها إلى مجرد أكاذيب واهية لا يصدقها حتى مطلقييها، فتنص الاتفاقية العسكرية رقم واحد الملحقة باتفاق وقف إطلاق النار على اعتبار المنطقة العازلة، هي الواقعة على مسافة خمسة كيلومترات على طول شرق جدار الذل والعار المغربي، إضافة إلى المنطقة المقيدة الملحقة بالمنطقة العازلة، والتي تشمل ثلاثين كلم غرب جدار الفصل العنصري المغربي و25 شرقه، وهو ما ألتزم به جيش التحرير الشعبي الصحراوي، بينما أنتهكه جيش الاحتلال المغربي لمرات عديدة وبمختلف الطرق والوسائل ومنذ حتى الأيام الأولى لتوقيعه، كما تزامن مع تلك الإفتراءات المضللة تهديدات باللجؤ للحرب، كان أقصر الردود عليها ما جاء على لسان أحد المسؤوليين الصحراويين، والذي قال إنه “إذا كان المغرب قد نسئ أو تناسى ما ألت إليه قواته الإستعمارية من هزيمة وعجز في مواجهة الجيش الصحراوي، فجيش التحرير الشعبي الصحراوي، مستعد للقيام بتلك المهمة مرة أخرى” ـ بتصرف ـ ، وتعرف الساحة ايضا في وقتنا هذا، مفاعيل وماترتب عن قرار مجلس الأمن الأمن الأخير الذي حمل الرقم 2414، الصادر 27 أبريل 2018، والذي قلص وحدد مدة بعثة “المينورسو” إلى ستة أشهر، ودعا إلى الشروع في مفاوضات مباشرة بين الطرفين (الجبهة الشعبية والمملكة المغربية)، كماتعرف الظرفية الأنية، عجزا مغربيا واضحا عن تحقيق خروقات حقيقة فى مستوى الجبهة الداعمة للقضية الصحراوية ضمن دول وهيئات الإتحاد الإفريقي، وفشل الدبلوماسية المغربية في اختراق مؤسسات الإتحاد الإفريقي، وعجزها عن تحجيم المكانة التي تحظى بها الدولة الصحراوية في القار السمراء، بصفتها عضؤ مؤسس في الإتحاد الإفريقي، مع أهمية دعم وتقوية الدبلوماسية الصحراوية في إفريقيا وتحصين مكانة بلادنا قاريا، وتعزيز العلاقات مع جميع الدول الإفريقية، بما فيها الدول المعروفة تاريخيا بتحالفاتها مع الرباط، إضافة إلى كل ذلك، تعرف الوضعية الحالية، نكسات مغربية متعاقبة شاهدة على ما تعانيه الرباط من ضغوطات قانونية وقضائية متزايدة ومؤثرة على المحتل المغربي وعمليات نهبه للثروات الصحراوية، وتهدد مصالحه وشبكة وعلاقاته الدولية، والتي كان منها، قرار المحكمة الأوروبية العليا بضرورة أن يتجنب إتفاق الصيد الموقع بين الإتحاد الأوروبي والمغرب الاراضي والمياه الإقليمية الصحراوية المحتلة، إضافة إلى قرارات قضائية مجعزة للمخزن، كان أهما، التحفظ على شحنة من الفوسفات المسروق من بلادنا ببنما، إضافة إلى حجز سفينة شحن ضخمة أخرى (تشيري بلوسوم) تحمل 55 الف طن من معدن الفوسفات المنهوب من الأراضي المحتلة من الصحراء الغربية، والتحفظ عليها في جنوب إفريقيا، طبقا لأوامر قضائية صادرة في 01 ماي 2017، وحكمت المحكة العليا في بلاد مانديلا بتسليم ثمنها إلى الدولة الصحراوية، وهو ماكان بالفعل في ماي الجاري 2018، رغم إختلاف نهايات القضيتين السالفتي الذكر، وقصورها في بعض الجوانب القضائية عن تمنياتنا، إلا أنها أنهت وإلى الأبد مزاعم “السيادة المغربية” على الصحراء الغربية، وأكدت على ان السيطرة المغربية على الاراضي الصحراوية المحتلة هي مجرد إستعمار غير شرعي ومرفوض دوليا لا غير، وأضافت للرباط متاعب ومخاوف قانونية، وأصبحت قضايا الحجز تعيق علاقات المخزن الإقتصادية بعديد الدول والتكتلات، وتهدد إستمرارية مشاريعه الإستعمارية لإستنزاف ثروات بلادنا، دون ان ننسى هنا، أن الوضع الحالي، كان شاهدا على تخبط المخزن الواضح الذي ظهر جليا، في الخرجة الكوميدية بقطع المغرب لعلاقاته الدبلوماسية مع إيران، بذريعة مزاعم “دعم ‘حزب الله’ اللبناني لجبهة البوليساريو عسكريا”!!!، وذلك بحسب الأكاذيب المغربية، وهو الأمر الذي نفته الجبهة الشعبية، وكذا إيران وحزب الله، ودعا حزب الله المغرب إلى “البحث عن سبب أكثر إقناعا، لقطع علاقاته بإيران”، على ما جاء في بيان الحزب، كما فندته الوقائع والدلائل الميدانية وعوامل الخبرة والقوة والقدرة العسكرية والتجربة القتالية الميدانية، التي يعلو فيها كعب الجيش الصحراوي على مجموعة “حزب الله” وغيره من التشكيلات المسلحة، وقد أتضح أن الرباط سعت من خلال تلك الخطوة، الى محاولة التقوقع والتموضع ضمن تحالفات أخذة في التشكل في المنطقة والعالم، وإثبات ولاء المملكة المغربية للتحالف الصهيوأمريكي المدعوم من دول خليجة وعربية، وأهمها، السعودية ومصر والمغرب والاردن والامارات والبحرين، وما يخطط له المعتوه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من تنفيذ لما أصبحت تعرف ب”صفقة القرن”، الرامية لتصفية القضية الفلسطينية وفق الأجندة الصهيونية الإستعمارية، وأرادت مملكة العهر والدنائة من خلال تلك المزاعم أيضا، التأكيد على إستعدادها للمشاركة بجنودها في القوات العربية التي يطرح الرئيس الأمريكي فكرة إرسالها إلى سوريا، للمشاركة في الحرب الأهلية الدموية الطاحنة هناك في بلاد الشام الجريحة، وأتضح أن كل ذلك الكذب والتخبط، كان للحصول على الدعم الإسرائيلي الأمريكي وكذا العربي الخليجي تجاه القضية الصحراوية، إضافة إلى المشاركة في سمفونية “إستحلاب السعودية” ودول الخليج المؤسفة التي يقودها ترامب
ـ لقد اختارت الدولة الصحراوية والجبهة الشعبية وطيلة شهر ونصف الصمت تجاه أغلب المناورات والاستفزازات المغربية والتهديدات العبثية، واكتفت بالقول “إن عدتم عدنا”، ووسط إستفار لوحدات ونواحي جيش التحرير الشعبي الصحراوي وتأهب لجميع قواطع العمليات العسكرية على طول جدار الذل والعار المغربي، وبحضور أعضاء الأمانة الوطنية والحكومة الصحراوية ومواطنون من مختلف تواجدات الجسم الصحراوي، وأوفود شقيقة وصديقة، أتى اليوم الأحد 20 ماي 2018، ليخلد الشعب الصحراوي ومن عمق المناطق المحررة، ببلدة “التفارتي” الأبية والطاهرة الذكرى ال 45 لإعلان الكفاح المسلح ضد الاستعمار الإسباني (20 ماي 1973)، وما تلاه من كفاح مسلح في وجه المحتل المغربي الغاصب وحليفه النظام الدداهي بموريتانيا، وإجتياحهم الذي جاء بعيد توقيع “إتفاقية مدريد” الغادرة والمشؤومة الموقعة بتاريخ 6 نوفمبر1975، والتي قسمت بموجبها بلادنا بين المغرب وموريتانيا، وحصلت بمقابل ذلك إسبانيا على مزايا سياسية وإقتصادية كبيرة
ـ وهنا وفي قراءة لاختيار أبعاد الحدث والزمان والمكان، الذي شهد عروضا عسكرية ثابتة ومتحركة ومناورات ميدانية بالذخيرة الحية وكلمات وندوات فكرية ومحاضرات علمية عن مأثر وبطولات جيش التحرير الشعبي الصحراوي، الذي كتبها بأحرف من دماء وتضحيات، وتمكن فيها من تحرير أكثر من ثلث الأراضي الصحراوي، وأستطاع نقل المعركة إلى الجنوب المغربي، وقتل أكثر من 14 ألف جندي مغربي، وأسر أزيد من 6 ألاف ضابط ومجند، وغنم ودمر الاف القطع العسكرية والأليات الحربية، من دبابات وناقلات ومدرعات وشاحنات وقطع للمدفعية ورواجم الصواريخ وأسلحة مختلفة خفيفة ومتوسطة وثقيلة، فالحدث هو العيد الوطني للجيش (20 ماي) ومايحمله من دلالات تؤكد تمسك الشعب الصحراوي بكل الخيارات، بما فيها العودة للكفاح المسلح لإنتزاع حقه المشروع في الحرية والإستقلال، أما الزمان، فتوقيت تخليد ذكرى إعلان الكفاح المسلح (العيد الوطني الجيش) هذا العام يحدث في ظل الاستفزازات والتهديدات المغربية، التي أتسع نطاقها وأزدادت شطحاتها في الأسابيع الأخيرة الماضية، ويعتبر تخليد الذكرى باللغة الخشة في الميدان لا التصريحات والشطحات ردا في وقته المناسب على كل تلك الخرجات الصوتية من المخزن، أما المكان، فهو بلدة التفاريتي المحررة، الغنية عن التعريف والتوضيح، والتي أختيرت بعناية تامة لاحتضان هكذا حدث في رد ميداني حاسم وجلي، نظير ما يحمله تاريخها من عطاء وعنفوان وصمود، وإستحضارا صفحات البلدة الطاهرة العصية على الغزاة المستعمرين، والتي ظلت أبية صامدة في وجه جحافل الغزاة المغاربة طيلة سنوات الحرب ال16، وستبقى في السلم والحرب بإذن الله طاهرة من رجس المحتلين الأنذال، وسطر فيها جيش التحرير الشعبي الصحراوي ملاحم وبطولات خالدة، وأفشل فيها كل تلك المحاولات المتكررة لاجتياحها، والتي كان أخرها، محاولة الجيش المغربي أيام قليلة بعيد توقيعه على إتفاق وقف إطلاق النار وقبل أن يجف الحبر الذي وقع به، حاول الغدر فيها بالجيش الصحراوي، وسعى لإجتياح البلدة، لكن يقظة أبطال جيش التحرير الشعبي الصحراوي أفشلت كل تلك المحاولات اليائسة والدنيئة، والتي تنم عن غدر وطعن متأصل في دولة إستعمارية ظالمة، ألفت الطغيان والتجبر والفجور، وتعيش على ظلم جيرانها، ولنا في عشرات الدبابات والآليات المغربية المدمرة في مرتفعات “أركيز الناقلات” إلى الغرب من منطقة “أجحفون” ودبابات أخرى في بلدة “التفاريتي” بالقرب من “القلعة” خير دليل، وبقيت ولاتزال تلك الأليات العسكرية المغربية شاهدة على وقع تلك المعارك وفشل جميع تلك الإجتياحات والحملات البائسة، التي أفشلت، وتكبد خلالها الجيش المغربي الغازي مئات القتلى والجرحى، وألاف القطع العسكرية المغنومة والمدمرة، ومن ضمن قراءات إختيار المكان في بلدة “التفاريتي”، هو أن البلدة هي نفسها التي وردت على ألسنت عديد المسؤوليين المغاربة من وزراء وبرلمانيين وسياسيين حزبيين…كما ذكرت على أفواه وأبواق الدعاية الإعلامية المخزنية ومن تبعهم بغير إحسان من عملاء وخونة من أبناء جلدتنا المواليين للأجندة التوسعية المغربية، وهدد وأزبد الكل بقصفها وحتى أرعد بعضهم وطالب بإجتياحها عسكريا وبالقوة، وبقيت كل تلكم الإستفزازات مجرد زوبعة في فنجان، وجعجعة خاوية طحينها الإفلاس والكذب، تستهدف، تحريف الحقائق وطمس الوقائع، وتضليل الرأي العام المغربي وإيجاد قضايا خارجية لإلهائه، وإصطناع إجماع عام ولو مزيف، يمكن المخزن من تجاوز أزماته الإجتماعية والإقتصادية والسياسية الداخلية
ـ من بلدة التفاريتي الطاهرة الأبية، يختار جيش التحرير الشعبي الصحراوي أن يقول “نحن هنا، أين أنتم”، ويذكر لعل الذكرى تنفع الطغاة الظالمين، أن الحرب ليست غاية في حد ذاتها ولا هدفا لشعبنا، بل وسيلة إن فرضت على الشعب الصحراوي فهو لها، لإنتزاع حقه الغير قابل للتصرف في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة، على كامل تراب الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية
بقلم: عالي محمد لمين محمد سالم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *