-->

الصحراء الغربية و الفرصة الاخيرة...هل يصمد فشل المفاوضات امام شبح الحرب؟


#المقال_رقم_46

بقلم الطالبة : ادويدة اللود البشير
جامعة النعامة

الصحراء الغربية و الفرصة الاخيرة...هل يصمد فشل المفاوضات امام شبح الحرب؟

اعاد قرار مجلس الأمن الأخير 2414 نهاية ابريل نيسان الماضي نفسا جديدا لعملية السلام المتعثرة في نزاع الصحراء الغربية ، اكثر النزاعات رتابة و غموضا بسبب فوضى حسابات بعض الأطراف و ممارسة واحدة من خدع السلام البائس الذي لم يضمن يوما سوى الحفاظ على وضعية "الستاتيكو" ، و العمل على تغذية هذه الوضعية دون مراعاة المتغيرات الجيوسياسية و الحاجة الى التفكير جديا في تخليص المنطقة من هذا الصراع المتسم بالحذر الشديد
قرار مجلس الأمن هلل له النظام المغربي كثيرا و اعتبره صفعة لدبلوماسية البوليساريو كونه دعاها الى ضبط النفس و احترام تواجداتها العسكرية المحاذية للمنطقة العازلة لجدار العار،بكن هذا القرار فرض مراجعة النزاع مرتين في العام و المشروع في المفاوضات المباشرة دو شروط من الطرفين(جبهة البوليساريو و المغرب ) ، و هذه النقطة هي لب القرار و خلاصته المهمة و الأولى من نوعها منذ 27 عاما ، تاريخ صدور اول قرار لمجلس الأمن .و لقد خطف مندوب المغرب في مجلس الأمن عمر هلال الدعوة الموجهة الى جبهة البوليساريو و راح يقبل ايدي مندوبي الدول الكبرى و نسي المفاوضات و تقليص دورة مجلس الأمن الى 6 اشهر! و هذا ماطرح تساؤلات في الرباط حول فشل دور دبلوماسيتها و آليات عملها ؟
في الخفاء تعمل فرنسا مع المغرب لإحداث تغيير في بنود الإتفاق رقم "1" و هو عصب إتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة في 1991 ،و هو تخطيط خطير للغاية تسعى من خلاله لتغيير جوهر المنطقة العازلة و الدفع بإفراغ الجزء المحرر من الصحراء الغربية و نواحي جيش التحرير الشعبي الصحراوي ، و ستعمل بكل الوسائل في مجلس الأمن و خارجه لتنفيذ هذا المخطط و اذا ماتحركت الدبلوماسية الصحراوية و حلفائها لوقف هذا التحامل الجهنمي الذي يهدد اساسيات السلام و اتفاقياته، لم تخفي باريس يوما هذا الدور السلبي و بالتالي جعلت من نفسها العامل الوحيد لعدم الإستقرار في المنطقة .
اقتصاديا مثل قرار محكمة العدل الأوروبية ايضا صدمة في الاوساط المغربية التي راهنت على تغليب اوروبا لمصالحها الإقتصادية الثقيلة في الصحراء الغربية و ساد صمت رهيب في كل دوائر السلطة و الصحافة و بلع المحللون السياسيون السنتهم ، و لأول مرة لم يحولو الهزيمة الى انتصار ! ...هذا يعد عاملا قويا سيلقي بظلاله على موازين القوة، اذ فقد المغرب ورقة مهمة و هو يواجه خسارة %90 من الثروة السمكية و بات الفوسفاط ايضا في مرمى المتابعات القضائية الدولية، اخرها الشحنات التي احتجزت في بنما و جنوب أفريقيا ، الحرب الراهنة التي تخوضها البوليساريو امتدت الى المجال الجوي و ها هي تحضر لتفاوض شركات الطيران الجوي لأخذ تراخيص العمل و المرور الجوي .
هذه الأبعاد الإستراتيجية ستجعل البلد منطقة محروسة و محرمة إلا بالرجوع للقانون الدولي و تحكيمه في احقية السيادة و هذا هو جوهر الصراع و اكثر تفاصيله حساسية إذ في حال تقييد الة النهب فستنصاع الدولة و الشركات الإستثمارية طواعية للقانون و قد بدأت نتائجه بعزم كل الدول الأوروبية على تطبيق القرار التاريخي و أكد امس نائب رئيس البرلمان الأوروبي أنه "لن يمر اي قرار لإستغلال ثروات الصحراء الغربية عبر البرلمان الأوروبي "، يقول محامي جبهة البوليساريو في أوروبا " جيل دوفير" " إن استخدام سلاح الحق الإقتصادي بسبب فعاليته، هو القادر على تحطيم هذا النشاط الاقتصادي الأوروبي الذي ما هو إلا وسيلة تمويل الاستعمار، و الهدف يظل استفتاء تقرير المصير و إطلاق سراح السجناء ، و الصحراء الغربية منطقة نزاع يوجد فيها جدار دفاعي مغربي يبلغ طوله 2700 كيلومترا و اكبر حقل ألغام مضاد للأفراد كما توجد عائلات منفصلة منذ 45 عاما ".
و يبدو ان هذه المعركة ستطول كثيرا نظرا للمتغيرات التي احدثتها في صراع مفتوح للمجهول اختلطت فيه السياسة و الإقتصاد ، اما الحرب فلها اسبابها و لا زالت مرهونة بالكثير من السيناريوهات و مع ذلك لا احد يجزم بعدم حدوثها!
على صعيد الوطن العربي حدثت اكبر نكتة سياسية كان بطلها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الذي زار طهران و تلا على مسامع وزير خارجية إيران أسماء قيادات في حزب الله اللبناني اتهمها بالتعاون مع البوليساريو و بالدليل حسب قوله ؛ ولما طالبه الوزير الإيراني بالورقة إمتنع و اخذ معه الورقة و لما نزل في الرباط أعلن قطع علاقات بلاده مع إيران و هي المعلومات التي قال زعيم الحزب اللبناني إنها سلمتها إسرائيل للمغرب و هي معلومات لا أصل لها.
في منطقة المغرب العربي هاجم المغرب الجزائر و حشرها في أزمة حزب الله و إيواء مقاتليه في السفارة الإيرانية ! و عادت صحافته لتتهم الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بتمويل حركات إرهابية في المنطقة لزعزعة استقرار المغرب و هي اتهامات بائسة و لم يفهمها المتتبعون للوضع !
هذه الضجة جعلت المغرب يواجه حرائق مشتعلة اشعلها بنفسه في كل مكان و الظاهر أنه فهم محتوى قرار مجلس الأمن متأخرا و بدأ يعد العدة رفقة فرنسا للتشويش على القرار و المفاوضات و الهروب من الإلتزامات الدولية و صناعة فزاعة القضايا الهامشية مثل المنطقة العازلة و الگرگارات و غيرها و هذا التخبط يجعل المغرب بلدا متهما باعاقة فرص السلام و معاكسة الامر الواقع مادام لم يتخلى عن دوره الإستعماري و إستعماله كورقة "كومبارس " لدى فرنسا و دول الخليج !
في الوقت الذي كان المغرب ينسج اتهاماته الباطلة لإلصاق تهم الإرهاب بجبهة البوليساريو و تصنيفها كمنظمة إرهابية مثل حزب الله ، كان جيش التحري الشعبي الصحراوي يعزز دوره المحوري في حفظ المنطقة من الإرهاب و الجريمة المنظمة و مطاردة اباطرة التدفقات الهائلة للمخدرات المغربية على طول جدار الفصل في الصحراء الغربية و تقوية ميكانيزمات و تدريبات الوحدات الصحراوية و تأهيل المقاتل الصحراوي ، و هي عقيدة متجددة في تاريخ المقاومة الصحراوية منذ إعلان الكفاح المسلح ، لكنها تبعث إشارات قوية لاحتمالية العودة لمربع المواجهة العسكرية المباشرة إذا ماتخلى المغرب كليا عن جميع التزاماته و فرض على نفسه الحرب معولا على بعض الطائرات القديمة غير القادرة على مواجهة سلاح الجو المتطور و عزيمة المقاتل الصحراوي و إسناد حلفائه في أفريقيا .. لذلك لذلك فالشعب الصحراوي و منذ ان توقفت لم يعد يثق في السلام مطلقا و يرى الجيل الحالي من الشباب أنه حتى و إن أطلقت المفاوضات مع المغرب فيجب ان يرافقها حمل السلاح و تلقين الطرف الاخر مزيدا من الدروس ، و إلا ستكون عبثية و ستشتم فيها رائحة الخيانة و التعنت.
إذا لم تنهي القوى الكبرى نفاقها و تساهم في بناء السلام في منطقة لا تحتاج اصلا إلى المزيد من التأزم ، فإنها ستضعها امام محك خطير و ستكون مسؤولية دولية كبرى، و هذا ما يصب في رأي مستشار الأمن القومي الأمريكي الجديد "جون بولتون" الذي وصف استمرار المينورسو في المنطقة دون إحراز تقدم بالعار الكبير و تناصر موقفه الإدارة الأمريكية التي قالت إن بقاء الوضع الحالي في الصحراء الغربيةلا يمكن ان يدوم طويلا و هذا في نظر الكثير من المتابعين هو عين الصواب و وحدهم الصحراويين لم تعد تنطلي عليهم كذبة السلام فالأيام لم تثبت لهم سوى أنها كانت خديعة شارك فيها كل الفاعلين الدوليين ، و حين وقفنا نتأمل حالنا تأكدنا جيدا أن الإستفتاء لم يوهب على طبق من ذهب لا الأمس و لا بعد 27 سنة ! و لكن المفاوضات تعطي للمقاومين روحا جديدة تترافق مع طموحاتهم و موازين القوة التي تغيرت اليوم الكثير من تجلياتها لصالح الشعب الصحراوي ، و الدولة المغربية احرقت كل اوراقها و باتت تجلس يوميا مع الجمهورية الصحراوية في الإتحاد الإفريقي!
و بينما غزت القضية الصحراوية جل المنابر و المنتديات العالمية و تعاطفت معها الأصوات الحرة و البرلمانات و الحكومات فالدور يتجدد اليوم أمام شباب الأمة الصحراوية لتخليد الذاكرة الوطنية و صورة المقاومة و البناء في وجدان الإنسان الصحراوي و الافتخار بالمنجزات التي صنعها أمجاد الوطن طيلة مسيرة التحرير حتى يثبت هذا الشعب للجميع أنه عصي على الإبتلاع و أنه باق أمام جميع حملات الإبادة و التطويع و التركيع.. و أن سنوات الألم التي عاشها هذا الشعب ستظل دينا في أعناق أبناءه لتذكير الأجيال بحتمية النصر و الوفاء بعهد شهداء الواجب الوطني المقدس و رفع شعار "اللجوء ليس قدرنا "

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *