تجنيد الضمائر ... و ذخيرة النصر
#المقال_رقم_16
بقلم الطالب : مولاي الزين سيدي موسى
جامعة بشار مولاي الزين سيد موسى
تجنيد الضمائر ... و ذخيرة النصر :
لازال التاريخ يملي علينا سير الرجال و أفعالهم الخالدة بحروف من ذهب في طي صفحاته، رجال ولدوا من رحم نبيل اعتاد من فطرته أن ينجب الوطنيين الأكفاء و البررة الأتقياء، يحملون همه و يحققون حلمه و يتوجون نصره، يرغمون أنف البغاة و الطامعين، يمرقونها في وحل خبثهم، وينحرونهم بكيدهم برده عليه بأياد تضرب بحديد و ضمائر صامدة بارادة فولاذية يمل الزمن ويهون من شدة صبرها.
هو التاريخ يملي سير نبلاء اتحدوا ، تجمعوا ، تشاوروا و قرروا أمرهم في تغيير مجرى قارة بأكملها بل معمورة وعالم أجمع، في فجر اليوم ال 10 من ماي عام 1973 كان نقطة انطلاق مشروع حرية و سيادة لشعب اشتاحته قطعان الذئاب و الثعالب من الطامعين من الغزاة.
رجال رسموا مخطط الجهاد عن الدين، و الحمى عن الشعب، و قطعوا العهد مع الشهادة عهدا لا رجعة عنه، فاختاروا من البنادق مشعل ثورة التحرير خيارا يتوارثونه بينهم بالحسنى وطيب خاطر، فسخروا البنادق لمسيرة التحرير في أول مؤتمر شهد ميلاد ثورة من نوع فريد قادها شباب في عمر الورد اليانع الذي اكتمل برائحة الخلق الحسن، وجمال الفكرة و نور البصيرة.
(20/ماي/ 1973) هي أيام عشر لا أكثر التهم الزمهرير ما افترش المحتل من حل وحرير، انتكد عيشه و اضطرب نومه، فأنا لراحة الذئاب في في عرين الأسود الغاضبة حين يغدر بعرينها على حين غفلة و يستباح حماها، فجالت الرجال بالبنادق تكد وكر الأعداء من حين لآخر.
جالت الرجال ارض الساقية تطهرها من رجس الطامعين، فيقينهم بالنصر أوقد فيهم التضحيات الجسام من أجل بلع علقم الحرية خيارا عن عن كل مايقدم الاستعمار من حلاوة و نعيم زائف.
قررت فرسان الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب خوض المعركة، مجندين بذلك الضمائر، عتادهم التكلى على الله و قوة العزائم ولا غير، فقرروا جمع شتات الشعب المبثوث من فعل القمع و الحرب، ووجهوا العقول نحو غاية مشتركة، وهدف موحد هو حلم بدولة تلم جمعهم يتغطون بسمائها و يفترشون أرضها لا يحكم فيهم ولا يسودهم سواهم ممن اختاروه عن طيب خاطر من بررة أفلاذ أكبادهم، عدلا يححقون، وحقا يقومون، ومظلوما يجورون، ولعهد الله هم راعون، يقيمون المائل و يصلحون الفاسد.
خاض الشعب معركة تحريره و سجل التاريخ في احداث الغزو الاسباني 1956- 1976 و كذا الغزو المغربي في 31 اكتوبر 1975 و عديد المعارك الطاحنة التي خاضعها الشعب الصحراوي في كفاحه المستمر، و التاريخ يملي عام 1978 في معارك لبيرات و المسيد و المحبس و معارك الوارقزيز التاريخية في 1980 ومعارك القلتة و رأس الخنفرة 1981، كلها كانت مسرحا لانتصارات هذا الشعب العسكرية.
و يسجل التاريخ باعة فوارس الجبهة الشعبية في الصعيد السياسي منذ ترتيبات الاستقلال مع الغزو الاسباني في 09 سبتمبر 1975 و الاتفاقية المشؤومة في 14/11/1975 لتقسيم الأراضي الصحراوية كانت برهان أكاذيب تداعيات المغرب بسيادته عل الاقليم و تكذيب مطامع ولد داداه بحجة دولة البيظان الموحدة، مرورا من عديد المحطات السياسية المشرقة في تاريخ الكفاح الصحراوي، كفجر الاعلان عن الدولة في 27 فبراير 1976 و تشكيل الحكومة 05 مارس الى العضوية الكاملة في الاتحاد الافريقي في 22 فبراير 1982 ثم توالت الانتصارات حتى يومنا على المستويين الافريقي و العالمي.
هذه كانت انجازات الطليعة و الرعيل الأول لهذا الشعب منهم من رحل تاركا وراءه حمل الأمانة، ومنهم من لازال يعايشها اشتعلت رؤوسا شيبا لا يكلون من التضحية و لا يملون، يربون و يكونون الأجيال لحمل المشعل حين تدور عليهم الدائرة و يحملون الأمانة و العهد.
الآن علينا معشر شباب الوطن الوعي بثقل الحمل و ثمن الأمانة و ادراك متطلباتها من زاد و عتاد اغتنام النصر، ففيما يتمثل هذا العتاد؟
ان رياح الطمع و هب رياح الامبريالية و فتنة الآيدولوجيات المختلفة التي تخدم المنافع وتستدرج اليها، شكلت تاريخا اليما لشعبنا، كبدته خصائر جسام من نفيس دماء أبنائه و عتاده و ارضه، ان جثامين الأفكار الوافدة على مبادئ المقاومة تستدعي منا التكييف مع الواقع لنخرج للعصر أدوات الصراع فيه المؤدية للنصر، وذلك لايتم الا بحملة أفكار يتقدمون الميادين بأفكارهم و عزائمهم و أدواتهم الحقة.
لقد تماد البغاة الطامعين نهبا و استغلالا وتكريسا لخدمة الذات وبيع الأمل في مهده، فتناسخت الطبائع بين الأجيال، فدجنت المثقف و أطمعت يد القبلية و استنصرت بأبخس الأعراف و كرست الوعي المنحط تستبيقه في وحل التبعية و المادة يسمم شعبنا و مجتمعنا يزرع فيه الموت البطيئ و يفسد المعتقدات.
ان سبب نصر الطلائع و الرعيل الأول وصمودهم و وحدتهم، هو نقائهم من كل هذه الأحداث، و سبب تراخينا و وهننا هو عيشنا فيها و استسلامنا لها، ما دمنا لا نحاربها فنحن نطلب المستحيل ونطلب نصر لسنا أهله و لا قومه.
الأمة أيها الرفاق تحتاجنا أصحاب وعي و أفكار و مبادرات تصحيح، متفقهين بالدين و مثقفين في أمور الدنيا، هذا من أجل احياء الذاكرة من أديمها، ونستنهض الضمير الحق، متيقنين أن الظلم زائل و مدحوض، وهذا لا يتم الا بتجردنا من مناصبة الخصومة للأفراد و المؤسسات و اعتبار أزمتنا في الظواهر المختلفة التي يعكسها الواقع و تحدياته أمامنا، التي أردت الوطن يتمايل في أمواجه سقيما بين الكفاح من أجل التحرير و الحفاظ على القيمة الأخلاقية لذاته.
يجب أن لا نكون ذخيرة الطامعين للكراسي و الصفقات، و أن نتحرر لنصنع نصرنا بأيدينا و ان نصنع مشروع الدولة الصحراوية بإرادة و أدوات و قدرات الصحراويين بالفكر و العلم متوجا بقوة تدفعه للتحقيق، لنشكل وطنا ترعاه اعيننا و تفديه ارواحنا و ذلك بمنهج عملي نير مفاده تصورا لبناء الدولة و ترميم القيم، و تأهيل الأجيال بروح انسانية تعطي بسخاء و تحتسب الأجر عند الله أقصى الغايات، و تطهير التجربة الوطنية و مهرها بجوهرها بتجريدها مما يشيبها من باطل، و حمل الحق على كواهل الضمائر الواعية المضحية، من اجل استصلاح أرض خصبة لزرع الأمل و حصاد ثمار نصر يروي عطش البلاد ويحقق حلم طال انتظاره للعباد.