إريتريا وإثيوبيا تتفقان على انهاء عقدين من العداء و المضي قدما نحو تطبيق اتفاق الجزائر
اتفقت أريتريا وإثيوبيا على طي صفحة الخلافات وإعادة فتح السفارات و المعابر الحدودية بين البلدين, وذلك تتويجا للزيارة "التاريخية" التي قام بها رئيس الوزراء الاثيوبي أبي أحمد إلى إريتريا والتقى خلالها الرئيس أسياس أفورقي, في اطار جهود أسمرة و اديس أبابا لإنهاء قرابة عقدين من القطيعة و العداء و المضي قدما نحو تطبيق اتفاق السلام الموقع بين البلدين عام 2000 بوساطة الجزائر.
وقال رئيس الوزراء الاثيوبي في تصريحات صحفية عقب لقاء قمة مع الرئيس الأريتيري أمس الاحد "بعد النقاش... اتفقنا على إعادة فتح سفارتينا و على بدء خطوط الطيران بالعمل و السماح بالدخول و الخروج بين البلدين".
واضاف أن البلدين اتفقا أيضا في (اعلان اسمرة) الصادر عقب القمة, على فتح المرافئ وأن تبدأ إثيوبيا - التي لا تملك منافذ بحرية "في استخدام ميناء إريتريا", كما جرى الاتفاق على استعادة الاتصالات الهاتفية الدولية المباشرة بين إثيوبيا وإريتريا "للمرة الأولى بعد عقدين".
وكان فيتسوم أريجا, رئيس ديوان رئيس الوزراء الاثيوبي قال في بيان صحفي صدر بمناسبة الزيارة التي قادت المسؤول الاثيوبي الى اريتريا و التي تعتبر الاولى التي يقوم بها زعيم إثيوبي للبلاد منذ عام 1997 , أن المحادثات الاثيوبية الاريتيرية التي ستركز على العلاقات الثنائية والملفات الخلافية بين البلدين وأبرزها ملف الحدود , تهدف الى " إحياء التاريخ والعلاقات المشتركة بين البلدين التي أربكها عقدان من انعدام الثقة".
وصرح المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية ميليس أليم أن الزيارة " جزء من مساع لتطبيع العلاقات مع إريتريا.. ورأب الصدع" بين البلدين , بينما نشر رئيس أركان الجيش الإثيوبي صورا على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) مصحوبة بتعليق كتب فيه "الزيارة توفر فرصة رائعة للمضي قدما بلا تردد نحو السلام لمصلحة شعبينا".
وعن الجانب الإرتيري علق السيد جبر آب , مستشار الرئيس الأريتيري على نتائج القمة الاثيوبية الاريتيرية بقوله أن " أسمرة و أديس أبابا قررتا طي صفحة الخلافات الماضية و لا توجد أي تنازلات من البلدين لتحسين العلاقات , فالعلاقة قائمة على الشراكة والتكامل بين الدولتين وأعتقد أن التكامل سيكون في مصلحة الشعبين ويصب في مصلحة المنطقة" , مضيفا أن " الحكومة الجديدة في اثيوبيا مهتمة بإرساء السلام مع اريتيريا".
من جهته كتب وزير الاعلام الأريتيري يماني جبر ميسيكل في تغريدة بعد اجتماع الزعيمين , أن قمة اليوم "تمهد الطريق أمام تغييرات إيجابية سريعة" في العلاقات بين البلدين.
(اعلان اسمرة) استكمال لمشروع التقارب الاخير بين البلدين و المضي نحو تطبيق اتفاق السلام الموقع بالجزائر-
وتأتي هذه التطورات في العلاقات الاثيوبية الاريتيرية استكمالا لمشروع التقارب بين البلدين الذي ظهرت بوادره شهر يونيو الماضي عندما قرر الرئيس الأريتيري اسياس افورقي ارسال وفد حكومي الى البلد الجار اريتريا - الامر الذي لم يكن من الممكن تخيله من قبل - و ذلك ردا على "الاشارات الايجابية" القادمة من أديس ابابا بعد مبادرات انفتاح أبداها رئيس الحكومة الاثيوبي الجديد ابيي احمد و تأكيد استعداده لتنفيذ اتفاق السلام الموقع بين بلاده و اريتريا بوساطة الجزائر قبل 18 عاما.
كما وصفت زيارة الوفد الحكومي الاريتيري الى إثيوبيا في يونيو الماضي ب"التاريخية" بهدف وضع حد لعقود من العداء الذي طبع العلاقات بين البلدين الجارين الواقعين في القرن الافريقي.
ومنذ تولي ابيي أحمد (42 عاماً) رئاسة الحكومة في اثيوبيا في ابريل الماضي قام بتغييرات "غير مسبوقة" في بلاده منذ 25 عاماً, ومن بين هذه التغييرات, اعلانه في بداية يونيو الماضي عزمه تطبيق اتفاق السلام الموقع في العام 2000 مع اريتريا برعاية الجزائر , ونتائج عمل اللجنة الدولية المستقلة حول ترسيم الحدود.
وفى اطار مساعي رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد لتطبيع العلاقات مع إريتريا, أعلن في شهر يونيو المنصرم أن "إثيوبيا ستنسحب من بلدة /بادمي/ وغيرها من المناطق الحدودية المتنازع عليها", بحسب الحكم الصادر عن لجنة ترسيم الحدود, تدعمها الأمم المتحدة عام 2002.
وكانت اللجنة التنفيذية للحزب الحاكم (الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي) قد مررت في 5 يونيو الماضي قرارا يؤكد " التزام إثيوبيا بالتنفيذ غير المشروط لاتفاق السلام مع إريتريا" الذي تم التوصل إليه في الجزائر في ديسمبر عام 2000 برعاية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وأدت عدة قضايا بينها رفض إثيوبيا ( في وقت سابق) تنفيذ قرار لجنة ترسيم الحدود إلى تجميد العلاقات بين البلدين و استمرار التوتر حيث خاضت اسمرة و اديس ابابا من عام 1998 إلى 2000 حربا بسبب الخلاف المتعلق خصوصا بالحدود المشتركة بينهما , أسفرت عن مقتل قرابة ثمانين ألف شخص.
وقبل عامين تقريباً, في يونيو 2016, أدى نزاع مسلح بين جيشي البلدين على الحدود الى مقتل أكثر من مئتي جندي اثيوبي. وحذرت أديس ابابا آنذاك من انها " تملك القدرة على خوض حرب شاملة ".
وصرح جبر آب مستشار الرئيس الأريتيري من أسمرة, أمس الاحد أن "المشكلة بين البلدين لم يكن جوهرها الحدود, بل كانت هناك بعض الأيدي الخارجية فضلا عن الحكومات الأثيوبية السابقة التي شاركت في إحداث هذا الشرخ في العلاقات".
وقال جبر آب عقب القمة الاثيوبية الاريتيرية أمس " إن مسألة الحدود قد حلت بحسب ما تم الاتفاق عليه بين البلدين والمؤشرات الأولية تبعث على التفاؤل".
وختم قائلا: "لطالما أكدنا على ضرورة العمل سويا وأن الخلاف يؤثر سلبا على المنطقة".
يذكر أن إريتريا كانت قد استقلت عن أثيوبيا عام 1993 بعد حرب استمرت 3 عقود لكن الصراع اندلع مجددا بينهما في عام 1998 حول بلدة "بادمي" الواقعة على حدودهما المتنازع عليها.
و يتوقع المراقبون أن تشهد العلاقات بين اثيوبيا و اريتيريا حقبة جديدة من السلام عبر وقف عسكرة الحدود بينهما حيث ينتشر حوالي مئتي ألف جندي و كذا انخفاض التوتر و" بروز تحالف جديد سينعكس على الوضع العام في منطقة القرن الأفريقي".
المصدر: وكالة الانباء الجزائرية