المؤتمر القادم للجبهة الشعبية بين قانونية الانعقاد ومبررات التأجيل
ينعقد المؤتمر الشعبي العام للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب من كل ثلاثة سنوات (03) في دورة عادية قابلة للتأجيل مرة واحدة ولمدة أقصاها سنة، بطلب من الأمين العام للجبهة أو الأمانة الوطنية بأغلبية ثلثي أعضائها بحسب القانون الاساسي للجبهة الشعبية ويعتبر المؤتمر الهيئة العليا للشعب، تصدر عنه قرارات ومواقف بشأن كبريات المهام في جميع ميادين الكفاح السياسية والتنظيمية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية والدبلوماسية والإعلامية والثقافية وغيرها.
ومن المرتقب ان تتخذ الدورة العادية الثامنة للامانة الوطنية المزمع عقدها يوم السبت القادم قرار الحسم في تاريخ انعقاد المؤتمر والبت في مسالة انعقاده في اجاله القانونية او تاجيله لسنة اضافية مع شرح المبررات التي دفعت القيادة السياسية وفي مقدمتها الامين العام للجبهة الى خيار التاجيل ولعل قراءة موضوعية للمحطات القادمة التي تستوجب اخذها في عين الاعتبار والتي من بينها حلول اجال عقد مؤتمرين لمنظمات جماهيرية ويتعلق الامر بالمؤتمر الثالث لاتحاد الطلبة والمؤتمر التاسع لاتحاد النساء وانتظار النتائج التي ستسفر عنها الانتخابات الرئاسية في كل من البلدين الجارين الحليف الجزائري ودولة موريتان بالاضافة الى جولة المفاوضات المقررة شهر سبتمر المقبل وهي محطات اساسية في تقييم المرحلة الحالية وبناء استراتيجية المرحلة المقبلة دون ان نغفل طبعا الوضع الداخلي وضرورات المراجعة الشاملة والتركيز على الخدمات الاساسية وترقية القطاع الصحي والتعليمي ومجال المياه والبيئة وبناء المؤسسة الامنية وتقوية امتدادات وزارة الداخلية حتى تتجاوز مكامن الضعف التي باتت تؤرق المواطن وتضعه امام تفاقم الوضع الداخلي الذي بات وضحا للعيان ولا يحتاج لتشريح اكثر مما يعرفه كل لبيب وفيما يلي نظرة الى اهم المحطات القادمة التي يجب وضعها في اعتبار اي تقييم.
جولة المفاوضات المرتقبة بين الجبهة الشعبية والاحتلال المغربي
لطالما وقف الاحتلال المغربي حجر عثرة أمام استئناف المفاوضات وواصل عرقلته لأي توجه من شأنه اختراق الوضع الراهن للقضية الصحراوية بل واصل في ممارساته بحق الشعب الصحراوي بالأراضي المحتلة من قتل واعتقال و إهدار للحقوق الإنسانية وفرض للحصار التام على الأراضي الصحراوية المحتلة في وجه الإعلام المحلي منه والدولي وعلى مراقبي حقوق الإنسان.
وامام تحديات الوضع بالأراضي الصحراوية المحتلة و وضعية حقوق الإنسان إلى جانب التطورات الأخيرة التي عرفتها القضية الصحراوية والمكاسب المحققة على المستوى الإفريقي و الأوروبي ، تفرض نفسها على مهمة المبعوث الشخصي للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، هورست كوهلر، الذي قادته زيارات إلى المنطقة ونتائجها التي يتطلع إليها الصحراويون وبخاصة فيما تعلق بشقها في بعث التفاوض بين طرفي النزاع بعد قيام السيد كوهلر بجولته الثانية في المنطقة منذ تعيينه في منصبه عام 2017 والتي تندرج في إطار مساعي الأمم المتحدة لاستئناف المفاوضات المباشرة بين الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي جبهة البوليساريو والمملكة المغربية طبقا لقرار مجلس الأمن الدولي 2414 المصادق عليه في ال 17 أبريل الماضي الذي يطالب طرفا النزاع بالعودة إلى التفاوض المباشر "بدون شروط مسبقة و بحسن نية " .
و كان كوهلر اعترض خلال اجتماعه الأول بمجلس الأمن على شروط المغرب الذي يرفض العودة إلى طاولة المفاوضات إلا إذا تم وضع مخططه للحكم الذاتي كخيار وحيد لتسوية النزاع.
وجدد الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريس موقف الأمم المتحدة الداعي الى الشروع في مفاوضات مباشرة و دون شروط مسبقة بين جبهة البوليساريو والمغرب لتسوية النزاع في الصحراء الغربية.
وأكد السيد غوتيريس في تقريره حول الصحراء الغربية أن “مجلس الأمن أمرني في لوائحه منذ 2007 بتسهيل مفاوضات مباشرة بين طرفي النزاع يجب أن تجري دون شروط مسبقة وبحسن نية”.
ومن اجل حلحلة الوضع الجامد اجرى المبعوث الأممي مباحثات مع الرئيس الصحراوي، الأمين العام لجبهة البوليساريو، إبراهيم غالي قبل توسيعها لتشمل أعضاء الوفد المفاوض الصحراوي وزار كوهلر الاراضي المحتلة من الصحراء الغربية وعقد لقاءات من الجمعيات الحقوقية الصحراوية في كل من لعيون والسمارة والداخلة كما قام بزيارة الى المغرب وكل من موريتانيا والجزائر تطبيقا لتوصيات اللائحة الأممية (2414) و التي تدعو دول الجوار لاسيما هاذين البلدين باعتبارهما دولتين مراقبتين للمساهمة في بعث المسار السياسي وعلى أساس هذه المحاولة الأممية الجديدة ستكون إفادة كوهلر إلى مجلس الأمن الدولي شهر أكتوبر القادم من أجل تقييم التقدم الذي حققه المسار خاصة ان المرة الأخيرة التي جلست فيها جبهة البوليساريو و المغرب حول طاولة المفاوضات تعود إلى شهر مارس 2012 بمانهاست في الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ ذلك الحين و مسار السلام الذي بادرت إليه الأمم المتحدة يراوح مكانه بسبب وضع المغرب لشتى أنواع العراقيل من اجل الحيلولة دون تسوية النزاع على أساس مبادئ الشرعية الدولية التي تضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
مؤتمرات المنظمات الجماهيرية
من المحطات التي تفرض نفسها الاجال القانونية لعقد مؤتمرين لمنظمتين جماهيريتين هما المؤتمر الثالث لاتحاد طلبة الساقية الحمراء ووادي الذهب الذي بدأت لجنته التحضيرية عملها وصادقت على خطة عملها ، كما حددت ولاية الداخلة مكان انعقاد المؤتمر أيام 24/25/26 اغسطس 2018 بولاية الداخلة، وهو ما لايمكن تاخيره يوما واحدا بحكم القانون خاصة انه تاخر لمدة سنة وفق اجتهاد خاطئ من امانة التنظيم السياسي.
بالاضافة الى بلوغ الاجال القانونية ايضا لعقد المؤتمر التاسع للاتحاد الوطني للمرأة الصحراوية المزمع عقده في نهاية السنة الحالية وهو محطات سياسية مهمة يجب التركيز على استغلالها في التعبئة السياسية والاعلامية واحداث النقلة النوعية من خلال عمليات التجديد وترقية برامج العمل والقوانين المنظمة لروافد الجبهة الشعبية فضلا عن تحويلها الى منابر للمرافعة عن القضية الوطنية وجلب اكبر عدد ممكن من المتضامنين الاجانب وكانت القيادة السياسية تخصص الفترة ما بين المؤتمرين لعقد مؤتمرات المنظمات الجماهيرية بتخصيص كل سنة لعقد مؤتمر منظمة جماهيرية كعناوين اساسية للجبهة.
الانتخابات الرئاسية في الجزائر وموريتانيا
من المحطات ايضا التي يجب وضعها في الاعتبار الانتخابات الرئاسية في البلدين الجارين الحليف الجزائري والذي سيشهد انتخابات رئاسية مع مطلع العام 2019 حيث ستقام خلال السداسي الأول من عام 2019م انتخابات لاختيار رئيس للجمهورية الجزائرية لعهدة مدتها 5 سنوات تنتهي سنة 2024م ومن خصائص هذه الإنتخابات سيكون الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة آخر رئيس جزائري بعهدات رئاسية مفتوحة، وتم تحديد حسب الدستور الجزائري بعهدتين (10 سنوات) وهي محطة مهمة حيث ان الوضع السياسي يتاثر بما يجري بالجوار وهو الحال ايضا بالانتخابات الرئاسية بموريتانيا والمقرر الإعلان عن فتح الباب لها فى ابريل 2019 والتي من المحتمل ان تشهد منافسة وربما تغيير في المنصب الرئاسي الذي شكلت فترته الرئاسية عودة العلاقات الثنائية الى مرحلة الارتياح والايجابية ما يجعل الوقوف على تقييم نتائج الانتخابات في البلدين امر مهم في وضع التصورات والسياسية العامة التي سيخرج بها المؤتمر الخامس عشر للجبهة الشعبية.