-->

التهافت على السقوط


غشت 2018
ان من اغرب مظاهر حال واقع اليوم هو هذا التسابق المحموم على السقوط من قبل بعض من دفعتهم الاقدار او ساقتهم او‘‘ خدمتهم‘‘ ظروف معينة فتبؤوا مراتب الريادة و تربعوا على كرسي القيادة.
شيب و شباب يتهافتون على سقوط حر لا يكاد يعرف له قاع، يتمرقون في اوحال الدناءة و الوهن و هم الذين تقدموا فبنى لهم الشعب صرحا من الاشلاء، من الدماء، من العرق، من الاهات.
امتطوا الصرح فلامست مواطئي اقدامهم مواقع النجوم، و فجأة اذا بهم يتهاوون في سباق مذموم نحو الهاوية.
كنا بالأمس نتنافس و نتسابق للشهادة، للتضحية، للمجد، لخدمة الشعب و القضية.
بنينا مجدا بالسمو و بالرفعة، ارتفعنا بهاماتنا، بطموحاتنا، بأحلامنا و بأفعالنا و سلوكياتنا فتراءات لنا الدنيا صغيرة، حقيرة ...اتسعت لها مداركنا فترامت امالنا كاتساع الكون اللامتناهي.
عملنا و صبرنا و اجتهدنا و ثابرنا فدانت لنا رقاب الأعداء صاغرة ذليلة، و قدرتنا الأمم و احترمتنا.
بلغنا رغم الفاقة و قلة الحيلة من عزة النفس و زهو الذات و من جميل الصفات و نبل الطباع ما لم يبلغه الا ثلة قليلة عبر التاريخ.
كان القائد قدوة فاستحق ان ننقاد له
كان القائد يخدمنا و يبعث فينا الامل و يشحذ عزائمنا، ينير لنا ظلمات الطريق فيرينا الوطن مضيئا وهاجا في حلكة الليل المخيف.
صنع القائد قادة و القادة ربوا قادة فاصبحنا كلنا قادة،
قدنا رحى المعارك فكنا الابطال، بنت نساؤنا المدارس والمستشفيات وربين الأجيال فكن خير نساء تفوق أطفالنا في الدراسة فكانوا الأوائل بنينا الإدارة، زرعنا و حصدنا نظمنا، استثمرنا في بناء الانسان
صنعنا منظومة قيم عمادها القدوة و شعارها التفاني و الإخلاص شكلت مدونة سلوك جماعي للشعب و للقادة ....جمعنا شتات شعب و بنينا دولة، فترأى لنا النصر قاب قوسين او ادنى.
فعجبا لمن يختار اليوم السقوط بعد كل هذا المجد، سحقا لمن يتهاوى بنا و بمصيرنا الى الحضيض، بعدا لمن ينكص على عقبيه.
ان اكثر ما يشوش البال و يبعث الكآبة في النفس ان ترى بعض الرعيل الأول يفتر و يضعف و يتلاشى و مع انه و من باب تلمس الأعذار قد يحتج قائل بطول المسيرة و تعب السفر و الترحال الشاق لسنين و سنين عبر ملحمة التحدي و الصمود مما قد يشفع لبعض هؤلاء ـ ان كان ذلك ممكن حقا ـ.
و لكن ان ترى قادة شباب اناخ لهم الشعب اعناق العيس و روض لهم صهوات جياد المجد ليمتطوها دون كد او عناء، و البسهم عمائم الرئاسة و وشحهم بأوسمة ثقته و امله و رجائه....و بعد كل ذلك اذا بهم أطفالا صغارا لا يجيدون الا فنون الهدم و التدمير و النفاق : حولوا المؤسسات الى نوادي بائسة للأصدقاء و المعارف، استنزفوا الموارد و اختلقوا معارك الوهم بتأجيج صراعات عقيمة. اداروا الظهر للواجب، رهنوا كل شيء لخدمة أغراض ضيقة بعيدة كل البعد عن أدنى حدود ما هو مأمول.
فيا من ساقتك الاقدار او ‘‘خدمتك‘‘ الظروف او منحك الشعب ثقته و سلمك مقاليد زمام اموره و رفعك و شرفك بخدمة القضية و المصير من موقع المسؤول فكن لها او تنحى فلا الوقت و لا الظرف و لا الموضوع يتسعون لتفاهات التافهين و لا لعجز العاجزين، فلا يزال من ارحام أمهات الشهداء رجال و نساء، شيب و شباب بقوة الجبال و بعزيمة الابطال و بصلابة المتعبدين الزهاد ، لا هم لهم و لا مراد الا الوفاء لعهد الشهداء و الانتصار للجرحى و الاسرى و المفقودين و للمسجونين و للصحراويات الماجدات بإرجاعهن للديار و رفع غبن و ظلم و سحل و تعذيب العدو المغربي الجبان.
اـ ب

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *