-->

هل أصبح مجلس الامن مقتنعا بحتمية الاعتراف بالدولة الصحراوية؟


بقلم: الديش محمد الصالح
خلال نقاشاتهم شهر أبريل الماضي حول الوضع في الصحراء الغربية، عبر اعضاء مجلس الامن الدولي عن عميق انشغالهم بثلاثة قضايا رئيسية هي :
1) طول امد الصراع وما يسببه استمراره من معاناة لشعب الصحراء الغربية وعرقلةً لاستقرار المنطقة وتنميتها، 
2) توقف المفاوضات بين طرفي النزاع ، المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، للتوصل الى حل سياسي على اساس ميثاق وقرارات الامم المتحدة يحترم حق شعب الصحراء الغربية غير قابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال  
3) انقضاء وقت طويل دون حصول تقدم في مهمة بعثة الأمم المتحدة من اجل الاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) التي جاءت من أجلها وهي تنظيم استفتاء لتقرير مصير شعب الصحراء الغربية وفي المقابل التكاليف الباهظة المترتبة عن استمرار تواجدها في المنطقة.
وقد دعى مجلس الأمن في قراره 2414 الذي صدر عقب الاجتماع طرفي النزاع، جبهة البوليساريو والمملكة المغربية، للدخول في مفاوضات المباشرة بدون شروط مسبقة وبحسن نية، للتوصل إلى حل يحترم حق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير، كما قرر المجلس تقليص عهدة المينورسو لستة اشهر بدلا من سنة لاختبار نوايا الطرفين مع مراجعة شاملة لعمل البعثة.
إن سبب الجمود وعدم التقدم الحاصل في عملية الحل السياسي يعود الى غياب الضغط الكافي على الطرف المعرقل وهو المملكة المغربية، التي ظلت تضع العراقيل تلو الاخرى بل وافشلت جهودا دولية كثيرة، وللأسف كان ذلك بدعم فرنسي قوي داخل مجلس الامن، مستغلة انشغال الاعضاء الآخرين بقضايا أخرى لتجريد بعثة المينورسو من مهمتها وتحويلها إلى حامي للاحتلال المغربي كما هو حالها الآن.
وعلى ضوء هذا الاستنتاج جاءت قناعة الأمين العام الحالي للأمم السيد أنطونيو غوتيريس ومبعوثه الشخصي إلى الصحراء الغربية، الرئيس الالماني السابق السيد هورست كوهلر، بانه بدون دعم قوي من اعضاء مجلس الامن ووضع القضية ضمن اولوياتهم فإن مهمتهما سيكون مآلها الفشل كما حدث مع أسلافهم من أمناء عامين و مبعوثين شخصيين.
وانطلاقا من هذه القناعة ركز المبعوث الشخصي السيد هورست كوهلر في مقاربته الجديدة على جمع ما أمكن من الضغط باتجاه مفاوضات مباشرة بين طرفي النزاع، جبهة البوليساريو والمملكة المغربية، من خلال حث الأعضاء الدائمين لتقديم مساهمة اكبر، واسترجاع الدور المغيب للاتحاد الافريقي واشراك الاتحاد الأوروبي باعتبار ان نقطة النزاع محاذية لحدوده ونظرا لكونه الشريك الاقتصادي الأول مع القارة السمراء. 
وكان السيد كوهلر صرح خلال زيارته الاستطلاعية الاولى للمنطقة "ان ليس لديه حلا سحريا للقضية" في اشارة الى الى ان الحل يتوقف على موازين القوى والمعطيات والمتغيرات الجديدة الحاصلة، والذي لابد أن يكون قد وقف خلال جولته الاستطلاعية على الآتي:
1. ان حادثة الكركرات حركت المياه الراكدة واظهرت استحالة تمرير اي حل على حساب شعب الصحراء الغربية الذي يمتلك قوة الحق ومصمم على مواصلة كفاحه المشروع من اجل انتزاع ذلك الحق.
2. التنافس المحتدم بين القوى الدولية ( الولايات المتحدة الامريكية ، روسيا، الصين ...) على القارة الافريقية، ممثلة في الاتحاد الافريقي، التي تسير بوتيرة سريعة نحو تشكيل كتلة اقتصادية وسياسة وازنة، وما يسببه ذلك من إضعاف ملحوظ للنفوذ الفرنسي في القارة.
3. وجود الدولتين المتنازعتين، المملكة المغربية والجمهورية الصحراوية، كعضوين كاملين في الاتحاد الافريقي، يؤكد اعتراف الأولى بالثانية وبالمكانة الكبيرة التي تتمتع بها هذه الاخيرة في هذا الاتحاد والتي اصبحت حقيقة فرضت القبول بها كشريك مثل بقية الاعضاء الآخرين من قبل جميع شركاء الاتحاد الافريقي وعلى رأسهم الاوروبيين.
4. العزلة التي توجد فيها المملكة المغربية في المنطقة من جراء تعنتها في احتلالها للصحراء الغربية وما تسببه من زعزعة استقرار وامن الجيران وإغراق المنطقة بالمخدرات ودعم الارهاب. وهو الامر الذي حذى بدول الجوار الى تركتها على الهامش مع بروز الدور المتنامي للجزائر، التي اصبحت قوة اقليمية، في حل النزاعات ومحاربة الارهاب والاحترام الذي تحظى به دوليا. 
5. تأكيد القضاء الأوروبي على أن الصحراء الغربية أراضي منفصلة عن المملكة المغربية فرض على الاوروبيين مراجعة سياستهم اتجاه الصحراء الغربية ومستقبل علاقاتهم مع المملكة المغربية.

ولاقت الإحاطة التي قدمها السيد كوهلر لمجلس الأمن في الثامن من الشهر الجاري ترحيبا كبيرا من طرف اعضاء المجلس الذين قدموا له كل الدعم والمساندة والتشجيع لمواصلة جهوده الرامية الى جمع طرفي النزاع على طاولة المفاوضات في القريب العاجل، هذا الدعم الذي لم يتوقف على الجلسة المغلقة بل صدرت تصريحات وبيانات في عواصم هامة تؤكد ذلك. وقد وجه السيد كوهلر على الفور دعوة لطرفي النزاع، جبهة البوليساريو والمملكة المغربية، لعقد جلسة من المفاوضات المباشرة قبلتها جبهة البوليساريو ولم تعلن المغرب موقفها بعد من هذه الدعوة. 
ان حث مجلس الأمن طرفي النزاع، جبهة البوليساريو والمملكة المغربية، على الدخول في مفاوضات مباشرة هي رسالة واضحة من المجلس موجهة للملكة المغربية تؤكد تجاهله لشروط المغرب وتهديداتها وتدعوها لمقابلة الطرف الثاني المعترف به في الصراع الا وهو جبهة البوليساريو. وهذا الأمر يضع المملكة المغربية أمام خياران: اما القبول بالتفاوض مع الجبهة الذي يعني التفاوض مع الدولة الصحراوية ونتيجته الحتمية هي الاعتراف بالدولة الصحراوية المستقلة، أو رفض التفاوض معها وتتحمل الحكومة المغربية كل تبعات ذلك على المغرب نفسها وعلى امن واستقرار المنطقة.
إن حصول السيد كوهلر على الدعم الذي كان غائبا من مجلس الأمن الدولي، وانخراط الاتحاد الافريقي، الذي قرر خلال قمته ال 31 بالعاصمة الموريتانية، نواقشوط، إنشاء آلية لمتابعة الموضوع، والمساهمة المرتقبة للاتحاد الاوروبي، كل ذلك سيساعده بالتأكيد ان تكون نسبة حظوظ المبعوث الاممي في النجاح كبيرة في إنهاء آخر مستعمرة في القارة الأفريقية. فهل يكون موعد نهاية أكتوبر بداية لرسم خارطة طريق لحل نهائي لقضية الصحراء الغربية؟

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *