-->

عجيب .. !! .. حتى بالكلاب يقدمون لنا درسا .. !! ..

كنت دائما أعبر لأصدقائي عن مدى إستغرابي وأحيانا إشمئزازي من تعايش الإنسان في الغرب مع الكلب .. فتقريبا لكل عائلة إن لم يكن لكل فرد كلب يتخذه صديق ورفيق .. يعتني به كما يعتني بنفسه وربما أكثر .. وكنت حذرا جدا، متجنبا سؤال أي إنسان غربي عن الأمر مراعاة لمشاعرهم وإحتراما لثقافتهم وما يحبون او يكرهون .. 
لكن هذه المرة قررت ان أسأل .. وتشجعت وحاولت ان أبدوا كساذج يحاول ان يفهم فقط .. فسألت صديق لي يملك او بالأحرى صديقا لكلب ضخم جدا لا تكاد تفرق بينه وبين "كبش العيد" .. فقلت له والعرق يتقاطر من جبيني خوفا من ان يكون سؤالي محرجا او في غير محله .. قلت .. كيف تستطيع ان تجعل من كلب صديقا ورفيقا لك .. !! .. 
إبتسم الرجل وقال لي بكل ثقة .. عبداتي .. عندما ترى إنسانا يهتم بالكلب او بأي حيوان أخر .. يغذيه .. يداويه .. ويعامله أحسن معاملة .. فكيف ستتخيل معاملته وإهتمامه بالإنسان .. وواصل .. لقد تجاوزنا مرحلة العداوة بيننا كبشر ومن ثمة بيننا وبين الطبيعة ومن ثمة بيننا وبين الحيوان وكانت النتيجة ان نضجت الشعوب وتطورت وإزدهرت الأوطان وتقدمت .. وكما ترى الكل هنا يعيش ويحيا .. الإنسان .. الطبيعة .. الحيوان .. ولن تجد كلبا ولا قطا واحدا متشردا بيننا .. لكل شيء قيمة حتى الشوارع والجسور والمطارات والبنايات وحتى المجاري المائية لها سياسية وتلقى الإهتمام .. 
كان صديقي لطيفا جدا رغم قنبلته العابرة للقارات التي قصفني بها لذلك لم يكمل المقارنة كي لا يحرجني لمعرفته أنني أنتمي الى عالم أخر مازال يعيش في جهل كبير ولا يزال يغض في نوم عميق .. لكن الرسالة وصلتني ومازال العرق يتقاطر من جبيني .. والحرج الذي كنت أتوقع ان أحشره فيه وقعت فيه .. وياله من حرج .. !! .. 
فنحن شعوب غير صالحة ولا متصالحه، لا مع نفسها ولا مع طبيعتها ولا مع حيواناتها .. نحن شعوب مزالنا نتقاتل بيننا كبشر .. يقتل ويجوع ويعذب ويشوه ويهمش ويشرد بعضنا بعضا .. 
لذلك لا غرابة أبدا تمضي يوماياتنا ايضا ونحن في معركة مع الكلاب المتشردة بيننا ..نرمي الكلب بالحجار فيطاردنا .. يعظنا فنقتله .. ينبحنا فنسبه .. وكذلك نفعل مع بعضنا البعض كبشر .. وهكذا بقيت معركتنا في الحياة في عمومها شبيهة جدا وبمستوى معركتنا مع الكلاب .. !! .. 
وقدري وقدرك أنت قاريء هذه الحروف ان نخجل من أنفسنا وأن نستوعب الدروس حتى ولو كان عنوانها "كلب" لأننا ننتمي الى أمة ضحكت من غباءها الأمم .. !! .. 
عبداتي لبات الرشيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *