-->

جامعات العراق تتحول بعد الاحتلال لأماكن ترفيه بعدما كانت في الصدارة في زمن صدام حسين


لعقود مضت تصدرت الجامعات العراقية بإنجازها العلمي وعطائها الأدبي، وأدى خريجوها أدوارا هامة تجاوزت حدود بلدهم ومحيطهم الإقليمي.
لكن السنوات الأخيرة شهدت تراجع المستوى العلمي لهذه المؤسسات وتحول الكثير منها إلى ما يشبه الأندية، التي تتناقل أخبارها وصورها مواقع التواصل الاجتماعي.
ويرى كثيرون أن المؤسسات التعليمية في العراق ما زالت تعاني مشاكل حقيقية، ويؤكد على ذلك الأستاذ في الجامعة العراقية عبد القادر صالح الذي يشير إلى أن الكثير من الأساتذة يخضعون لضغوط بسبب كثرة عدد الطلبة، وعدم توفر الوسائل التعليمية والمختبرات.
ويضيف صالح أنه للوصول إلى التصنيفات العالمية يجب أن تتوفر معايير للجودة في القاعات الدراسية ما زال الطالب العراقي يفتقدها، رغم أنها من أهم العوامل المساعدة في إنجاح العملية التعليمية، إضافة إلى التهديدات الأمنية التي يتعرض لها أساتذة وطلاب من قبل بعض العشائر.
لكن المتحدث باسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي حيدر جبر قال للجزيرة نت إن مستوى التعليم في العراق خاضع للتقييم من قبل مؤسسات وشخصيات أكاديمية، واصفا الاتهامات التي تصدر من البعض بـ"غير المنصفة".
ويرى جبر أن المنظومة التعليمية العراقية جيدة رغم بعض السلبيات، مضيفا أن بعض الجامعات الأهلية العراقية دخلت في التصنيفات العالمية بسبب جودة التعليم فيها.
وأشار إلى أن التصنيفات العالمية تربو على الأربعين، ولعل من أشهرها تصنيف "الشنك هاي" و"التايمز" و"الكيو إس" و"اليو آر"، ونسبة جيدة من هذه التصنيفات توجد فيها الجامعات العراقية، وهذا يؤشر على "إصرار المؤسسة الأكاديمية العراقية على الاحتراف والدفع باتجاه جودة التعليم التي لا تختلف عن باقي دول العالم".
لكنه في الوقت نفسه لا ينفي تأثر الجامعات بما عصف بالبلاد من أحداث ونكبات، دون تجاهل ما تمتلكه الجامعات العراقية من إرث علمي كبير، كان ولا يزال مصدرا ثريا في كثير من الاختصاصات.
ومؤخرا احتفلت المؤسسات التعليمية العراقية بخبر دخول جامعة بغداد تصنيف التايمز العالمي لعام 2019 الذي يخص المستوى العلمي للجامعات في العالم، وشمل 1250 جامعة ومؤسسة بحث علمي، حصدت جامعة بغداد للمرة الأولى التسلسل 801 فيها.
واعتبر وزير التعليم العالي والبحث العلمي عبد الرزاق العيسى أن الجامعات العراقية جديرة بأن تكون منافسة للمؤسسات الجامعية في المنطقة والعالم، متابعا أن الوزارة ملتزمة بتنفيذ خطتها التي تمتد إلى عام ٢٠٢٣ لتطوير جودة التعليم في الاختصاصات كافة.
ويشكو البعض من أن كثيرا الطلاب باتوا يجهلون حتى أساسيات اختصاصاتهم العلمية، فضلا عن غياب الاهتمام بالشأن العام، بعد أن كان التفاعل مع الأوضاع العامة يغطي جل أوقات طلابها، لتحل محله اليوميات التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أصبحت الشغل الشاغل للكثيرين منهم.
ويقول الطالب في كلية الإعلام بجامعة بغداد أحمد هادي إن المنتديات الثقافية غابت لتحل محلها النوادي ومطاعم الوجبات السريعة، وبدل المختبرات العلمية حلت المقاهي الإلكترونية، في حين أصبحت قاعات المكتبات أماكن لقضاء الوقت بعيدا عن البحث العلمي أو الدراسة.
وتقاطعه زميلة له قائلة إن الضغط النفسي الذي يعيشه الطالب خارج الجامعة جعل الجامعة متنفسه الوحيد.
وترى نور أن انتقال مشكلات المجتمع إلى الجامعة قد أثر فيها، كما أن الوضع العام للبلاد "يقتل كل حلم وطموح"، وشعور الطالب بأن الجامعة هي مجرد ممر للحصول على شهادة من أجل التوظيف فقط، مع الخضوع للوساطات والمحاباة، كل ذلك أفرغ العملية التعليمية من محتواها، وأدى إلى تراجعها.
ويقول طالب الدراسات العليا بجامعة بغداد حيدر صالح إن الطلبة أصبحوا يتسابقون مع بداية كل عام إلى محال الأزياء واختيار قصات شعر حديثة وإكسسوارات غريبة يعتقدون أنها تضيف إليهم تفردا، لذا تصاعدت حركة الاحتجاج على قرار وزارة التعليم العالي بفرض زي موحد لجميع الطلبة، مطالبين بإلغائه.
وترجع الباحثة الاجتماعية ماجدة السعدي تدهور المستوى العلمي للطلبة إلى عدة عوامل، منها دخول مواقع التواصل الاجتماعي إلى حياتهم بشكل غير منضبط بعد فترة عزلة شبه تامة لعقد من الزمن عن العالم.
وأضافت أن هذا الانفتاح أدى إلى إقحام عادات غير مألوفة في مجتمع شرقي كالعراق، من أزياء وممارسات، إضافة الى الدور الضعيف للأسرة التي تتحمل جزءا كبيرا من تردي وضع الطالب التعليمي.
ورافق ذلك عوامل اقتصادية كان معظمها بسبب البطالة وعدم توفر الدرجات الوظيفية للخريجين، مقابل وجود منابع "للإرهاب" وشراء الذمم مقابل مبالغ مالية، وهو ما ساعد على تنامي معدلات الفساد بشكل كبير في العراق.
وقد شهد العراق في السنوات الأخيرة افتتاح عدد كبير من الجامعات الأهلية التي أتاحت لذوي المعدلات الضعيفة الانخراط في الدراسة، والحصول على شهادة بالاختصاص الذي يرغبون. 
المصدر : الجزيرة

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *