-->

الى متى السير عكس السير؟

منذ توليه رئاسة الدولة والحركة في مؤتمر استثنائي، قاد رئيس الجمهورية جولات ميدانية إلى كل القطاعات المدنية والعسكرية وتوقف على ضرورة إحداث تغييرات شاملة في مفاصل وهياكل الدولة والحركة، في مؤشر على بداية جديدة من التعاطي مع المشهد السياسي وممارسة صلاحياته الدستورية بعدما اقتصر عمله على سد حالات الشغور وتكريس جهوده على تنفيذ مخرجات المؤتمر.
ولان العجلة تورث الندم واجه الرئيس منذ البداية الأزمات بتريث عميق، افسد مخططات عزله وزيادة الضغط وتشتيت انتباهه، رافضا ركوب امواج لعبة الثور الإسباني والجري خلف الازمات الجانبية والابتزاز المكشوف التي تروم انهاكه وتعطيل مساعيه، بعد أن غلب مصلحة القضية على رغد المنصب وسط تعاطف شعبي كبير.
ومع تقدم الوقت، بدات إصلاحات الرئيس تخرج للعلن وقرر مؤخرا إجراء حركيات أوسع تشمل السلك الإداري المتوسط، طبقا لمقررات المؤتمر الرابع عشر للجبهة المضمنة في محور الإدارة الوطنية والوظيفة العمومية وانطلاقا من توجيهات الأمانة الوطنية في دورتها الثامنة التي انعقدت يومي 14 و15 يوليوز 2018، تولى الوزير الاول إصدار تعليمة وزارية تنص على ضرورة تفعيل دور المسيرين على كل المستويات المركزية والجهوية من خلال الحركية والتكوين وإعادة التكوين وفق الاجراءات القانونية المعمول بها، تشمل إجراء حركية للمدراء المركزيين وامتدادات السلك الإداري على مستوى كل الوزارات.
لكن ظلال المؤتمر القادم وسيطرة التأجيل والتمديد على اتخاذ القرارات الحاسمة وتغول البعض في مفاصل السلك الإداري، عرقل مساعي إحداث حركيات تستجيب لتطلعات المرحلة عبر سياسة الابتزاز وتقويض مبادرات الإصلاح.
وفي وقت باشر بعض الوزراء التشاور مع الوزير الأول بخصوص مقترحاتهم للحركية كما تنص التعليمة الوزارية، تجاهل أغلب الوزراء نص التعليمة من خلال عدم تقديم اي مقترحات بخصوص الحركية في إشارة واضحة لرفضهم تلك الإصلاحات.
ورغم أن الحركيات المعلنة لم تخرج في مجملها عن عباءة المحاصصة ومسلسل التدوير، لكنها كشفت عن واقع مشهد مرتبك عكس حجم التنافر القيادي وهشاشة البنية التنظيمية وانعدام المصداقية والمساواة وازدواجية المعايير في الحركيات والتعيينات المشبوهة في الوظائف العمومية والتعيينات السامية.
ما يجعل أي حركية يقبل عليها النظام مرهونة بمدى القدرة على تجاوز التعيينات القائمة على منطق الشمول الاجتماعي الذي يعزز الفشل والتراجع ويكرس واقع الجمود المهدد للوجود اصلا.
إن أي حركية او تدوير لا يراعي مصالح الشعب وصيانة المكاسب وتطوير الأداء الوظيفي للإدارة الوطنية يبقى ضمن مسلسل ضبابية الرؤية الذي ينزل من الهرم الى القاعدة ليزيد من اعبائها اليومية في مواجهة واقع يزداد تعقيدا يوما بعد اخر.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *