-->

ندوة العلاقات الخارجية هل تجيب عن تناقضات العمل الدبلوماسي والبون الشاسع بين الشعار والممارسة


في ظل الانتصارات التي تحققها القضية الصحراوية على واجهات الصراع مع الاحتلال المغربي وقوة الحق الذي يتعزز يوما بعد اخر في المعركة القانونية والحقوقية وما تجاهر به الدول الافريقية مجتمعة وفرادى يغيب الفعل الدبلوماسي الصحراوي الذي يستثمر تلك الانتصارات ويحولها الى مكاسب حقيقية تدفع بعجلة البحث عن حل ينهي واقع الاحتلال. 
حيث يلاحظ غياب الدبلوماسية الصحراوية عن المشاركة في الكثير من الفعاليات الرسمية الافريقية والقمم الافريقية المشتركة مع الدول والقوى الاخرى في اوروبا واسيا، كما ان انشغال بعض المسؤولين بحياته الخاصة واستغلال الصفة الدبلوماسية لممارسة السياحة او تفقد الثروة الحيوانية في الاراضي المحررة لفترات ليست بالقصيرة مع استمرار غضب اخرين ومكوثهم في الديار الاسبانية الى حين ارضائهم من قبل الممسكين بالقرار السياسي وتعيينهم في اماكن اكثر اريحية سمة طبعت عمل بعض الدبلوماسيين المفوضين فوق العادة في دول صديقة وشقيقة، ووضع العراقيل والعقبات امام الشباب الجدد ومحاولة تعجيزهم مع فاشلين اثبت تاريخ الدبلوماسية الصحراوية عجزهم عن احراز أي تقدم ولا تزال اثارهم السلبية تعمق الفجوة مع حركة التضامن مع الشعب الصحراوي، في عجز واضع لمركزية القرار عن اتخاذ أي اجراءات او تطبيق الحد الادنى من النظم والقوانين التي تتلى على المشاركين في كل ندوة للعلاقات الخارجية ويظهر المسؤول الاول وهو يؤكد عليها وعلى انها ستكون نافذة المفعول مع انتهاء الندوة ليجد العمل الدبلوماسي نفسه امام نفس الواقع وتعود حليمة لعادتها القديمة في تعايش مع واقع الضعف والتسيب الذي يعصف بالعمل الدبلوماسي. 
كما ان التمثيل الدبلوماسي في الساحة الاسبانية تراجع بشكل مخيف بات يعكسه الواقع الميداني وتراجع الكثير من المتضامنين والداعمين في ظل تراجع مشاريع الدعم الانساني التي اثرت على بعضها ضعف المصداقية في التعامل وغياب الشفافية في تسييرها وانحصار النشاط السياسي على الجالية الصحراوية وهو ما تجسد في مظاهرات مدريد الاخيرة والتي غابت عنها حركة التضامن بشكل لافت. 
حالة الجمود هذه يحاول البعض تغطيتها بالغربال بالنفخ في انتصارات، لا توجد الا في اذهان من اعتادوا تسويق الوهم، إذ تعاني الخارجية الصحراوية منذ سنوات من واقع الضعف الذي تغذيه بعض التصرفات الغريبة لبعض الدبلوماسيين الذين يغيب نشاطهم منذ الاعلان عن انضمامهم للعمل الخارجي حيث تشهد بعض المناطق التي تتواجد بها سفارات او تمثيليات للدولة الصحراوية وجبهة البوليساريو غيابا مريبا للدبلوماسيين فضلا عن نشاط سياسي او ثقافي للتعريف بالقضية الصحراوية في ظل تحرك نظام الاحتلال المغربي لترويج اطروحاته الاستعمارية وتشويه نضال الصحراويين. 
وفي انتظار ندوة الخارجية الصحراوية المزمع تنظيمها نهاية الشهر والتي تعرف تعددا في الرؤوس اثر بشكل سلبي على الفعل الدبلوماسي خلال السنوات الاخيرة وهو ما جرى التمادي فيه بخلق لجنة للخارجية على مستوى الامانة الوطنية في حضور وزير الخارجية و وزراء منتدبون في القارت واخرون مستشارون بوزارة الخارجية ومعطاة ادوات الرئيس، يبقى الرهان على التغيير ضئيلا باسقاط تجارب التعينات الحكومية والدبلوماسية التي تلت المؤتمر الاخير والتي يغذيها الدافع القبلي للممسكين بزمام العمل الخارجي والذي اصبح اشبه بلوبيات تخدم اجندة الاشخاص بدلا من العمل لصالح الشعب والقضية. 
ان انسداد افق الحل السياسي والتحولات الامنية والاقتصادية والسياسية الاقليمية والدولية تبرز مدى الحاجة الى ادراك متطلبات المرحلة الحساسة وهو ما يدشن معركة دبلوماسية مع العدو ويبرز مدى استعداده في اطار التحضير لها.وفي ظل غياب الرقابة على العمل الدبلوماسي الذي لايخضع للرقابة والوقوف على مكامن القوة والضعف، يعتمد النظام الصحراوي في العادة في تقييم دبلوماسيته على الصورة التي يرسمها السفير او الدبلوماسي عن ادائه والساحة التي ينشط بها والتي تكون في العديد من الحالات مبنية على النظرة الذاتية و بعيدة عن الموضوعية والواقع الحقيقي ويتم تسويقها الى التنظيم في غياب للصورة الحقيقية الموجودة على ارض الواقع، وفي وقت يكون الدبلوماسي خارج مكان عمله في غالب الاحيان ما جعلنا نتفاجأ من تصريحات بعض المسؤولين في تلك الدول تؤيد اطروحة الاحتلال او تجميد العلاقات في احيان اخرى. 

و يؤخذ على ندوات العمل الخارجي السابقة بحسب احد الدبلوماسيين :
ـ غياب تحليل وافي وشافي ، مرتكزعلى تقديرات دقيقة ومستنيرة عن الوضع الراهن عموما ، و المسار التفاوضي وآفاقه خصوصا، ورسم معالم جلية يسير على هديها أعضاء السلك الخارجي للجبهة، ويسترشد بها كل العاملون في حقلها الدبلوماسي
ـ رغم أولوية المعركة مع العدو في افريقيا {قضية الساعة} لم تخصص الندوة وقتا كافيا للتطورات المتلاحقة والسناريوهات المحتملة في حال قبول أو عدم قبول المغرب في الاتحاد الافريقي
ـ تكرار وزيرالخارجية لأكثر من مرة وبشكل علني في بعض جلسات الندوة مؤكدا على اجراء حركية فورية على مستوى بعض السفارات والممثيليات، أو في أبعد تقدير مع اختتام الندوة وهو ما لم يحدث ، في وقت لم يتطرق بقية المعنيين للموضوع من قريب أو بعيد
ـ حالة من الحيرة والارباك ، انعكست على التلقائية والارتجال في تسيير الجلسة الأخيرة للندوة التي لم تكن مبرمجة أصلا والتي بدأت وانتهت بدون جدول أعمال، وبدون نتيجة تذكر، رغم ما كان ينتظر منها من حلول أو على أقل تقدير اجابة على انشغالات ومشاكل التسيير االتي طرحت بموضوعية والتي بقيت عالقة ومؤجلة كالعادة الى حين، وليس أقلها حرب الميزانيات
ـ خروقات وتجاوزات في اعداد تأشيرات المندوبين ، و بطريقة تعيد الى الأذهان ما حدث من تأخير للوائح المشاركين من الخارجية في المؤتمر الرابع عشر للجبهة ، حيث حرم المشاركون من جلسات الندوة التحضيرية بسبب عدم تلقي لجنة اثبات العضوية للوائح من يحق لهم المشاركة بالصفة ، وقد تطلب الأمر تدخلا شخصيا من الرئيس الشهيد محمد عبد العزيز لحل الاشكال، علما بأن أهم ما يميز صدور القوانين الصحراوية في المجال الخارجي ويذهب عنها الالتباس ويكسبها قوة الشرعية، هو كونها تصدر عن رئيس الجمهورية حصرا
ثمة اجماعا وطنيا صحراويا، وحاجة تقتضي تحديث الممارسة الدبلوماسية وأدواتها، وتتطلب تغييرا مفاهيميا من أجل النهوض بمؤسسة الخارجية الصحراوية ، وعليه نقترح هذه المساهمة المتواضعة
ـ إصلاح النظام الاداري القائم حاليا وجعله يتماشى و يتناسب مع الظروف الجديدة، ليتسنى له متابعة ورصد القضايا الهامة، ومعالجة المعلومات والتقارير التي ترد إليه، وتزويد البعثات والمكاتب بما يلزم من مواد ونشرات وتقارير إعلامية تتصل بمهامهم ، و رصد ومتابعة ما ينشر في وسائل الإعلام الدولية والوطنية من أمور تتصل بالقضية أو المؤسسة
ـ استحداث قسم خاص بامريكا الشمالية ، وتقوية مكتب نييورك ، وفتح قنوات اتصال جديدة بالأمم المتحدة، وعدم الاكتفاء بتقرير شهر ابريل أواللجنة الرابعة كما هو الحال، والاستفادة من الاتحاد الافريقي ممثلا في مبعوثه الخاص السيد شيسانو
ـ العمل على فتح آفاق جديدة بالوطن العربي
ـ الاستفادة من قدرات الطاقات الشابة بالمركزية وفتح المجال أمامهم
ـ إعداد برامج للتدريب الدبلوماسي والقنصلي في معاهد الدول الصديقة، أو المعاهد الوطنية والاستفادة من التراكم التاريخي في الممارسة للدبلوماسيين الصحراويين المخضرمين
ـ تطوير قاعدة معلومات خاصة بالمنظمات الدولية والإقليمية والقرارات التي تتخذها في الشؤون المختصة بها ، وتزويد متخذ القرار بها على نحو يساهم في ترشيد القرارات وتأكيد الاستفادة من المشاركة الصحراوية في أنشطة هذه المنظمات، و متابعة حصص الجمهورية في وظائف الاتحاد الافريقي
ـ إجراء ما يلزم من التعيينات والتنقلات اللازمة " الحركية" بما يتناغم ويستجيب لمتطلبات المرحلة ، خصوصا على مستوى عواصم التأثير و القرار
ـ اعداد إطار قانوني شفاف ومعلن يحدد الصلاحيات ويبين المهام لتفادي أي تداخل في الاختصاص وللحفاظ على المناخ الايجابي والودي بين اطارات الخارجية الصحراوية
ـ إصدار نشرة متخصصة يتم تعميمها على جميع البعثات
ـ العمل على إعادة فحص كافة الاجراءات التي تتعارض مع أحكام المراسيم الرئاسية الذي تنظم العمل الخارجي
أخيرا يجب أن تكون لدبلوماسيتنا مردودية تبرر ما تكلفه من نفقات ، وأن تترجم الى أرض الواقع خطاب الرئيس فيما يتعلق بالقطيعة مع سنوات التراخي الماضية، وأن تعتمد مبدأ النقد والنقد الذاتي وإصلاح الخطأ أولاً بأول، وهذا ينبغي أن يأتي في مقدمة الأولويات، وان لا يسمح باجهاضه أو اعاقته من قبل قوى الشد العكسي من داخل وخارج مؤسسة الخارجية.
وان يعكس الدبلومامسي روح الثورة والشعب الذي ينتمي اليه وان يحافظ على اخلاق ومثل مجتمعه وإن كان عاجزا عن تحقيق الاختراق المطلوب في الساحة التي ينشط بها ويحقق مكاسب دبلوماسية على الاقل يحافظ على سمعة القضية الوطنية من الفضائح التي باتت تزكم الانوف.
فهل تحدث اخر ندوة للعلاقات الخارجية قبل المؤتمر الخامس عشر الجديد ام ان دار لقمان ستبقى على حالها تكريسا لواقع الجمود المهدد للوجود اصلا؟

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *