-->

الاحداث في باريس "صناعة الآخر" ...


العالم الرقمي أو المعلوماتية هي من يقود دفة سفينة صناعة الرأي اليوم وليست المعرفة، فالمعرفة تتشكل من شقين هما المعلومات والخبرة، فغياب الاهتمام بتراكم الخبرة والتجربة فتح المجال مصراعيه للمعلوماتية كي تكتسح المشهد.
تطبيقات ذلك نجده لا الحصر في "حركة النجوم الخمس" التي تحكم ايطاليا وفازت في الانتخابات التشريعية في فبراير 2013، حيث حصدت الحركة 109 مقعدًا في مجلس النواب و54 في مجلس الشيوخ.
أنه ليس حزبًا بل "حركة"، ولا يمكن تصنيفه في تصنيفات الاتجاه السياسي اليمينية أو اليسارية،فالتنظيم ظاهرة سياسية كانت لا تملك مقرا ولا مكاتب بل على جهاز الكومبيوتر والهاتف.
ونفس السلاح الذي يذبح الرئيس الفرنسي ماكرون اليوم، هو الذي فاز به امس دون ان يكون له جزبا سياسيا وانما عمل على تحريك الراي من خلال الصورة والصوت والكتابة واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي, فالاديولوجيات والاحزاب التقليدية والقنوات الحكومية والقنوات الخاصة الغير موثوقة لم يعد لها مكانا كما كان.
العالم يتخلى تدريجيا عن العمق لم يعد هناك وقت للغطس، لذلك نجد في كثير من الاحيان من يتصدرون المشهد هم السطحيون من امثال ترامب.
ودون أن أطيل ففي ظرف أيام لولا القوة لاحرق الايليزي.
أن السياسيين الفرنسيين إستطاعوا ان يحصلوا على نصر مؤقت، ولكنه وهميا، حيث حولوا المشكل الى صراع من أجل الامن ضد المخربين، ونجحوا في تكوين وصناعة "الآخر" الذي هو "المخرب المندس"، الذي جيشوا له "89000" عسكري.
لقد أكدوا انهم خسروا كسياسيين المعركة تماما حين ما عمدوا الى حمل العصا على رأس الشعب ووضعوا أيدي الاطفال على رؤوسهم واجلسوهم على الركب في وضعيات تستخدم قبل قطع الرؤوس.
دون روح الاقناع والحجة والعلاج بالفكرة، قد فشل ماكرون وحكومته فشلا ذريعا، وهو يتراشق مع هولاند الاتهامات في من اوصل البلاد الى النفق المظلم، الذي حول باريس الى مدينة خراب.
ان صناعة "الآخر" "الارهابي" أو "المهاجر" ليست الحل وكانت تغريدة اوردوكان تكشف الحقيقة حين قال "ان جدران الامن والرفاهية التي تغنوا بها بدات تتزعزع على يد مواطنيهم بالذات وليس من قبل اللاجئين المسلمين".
وكان رد المانيا على فرنسا حين احتجت على المهاجرين، ان المانيا استقبلت اكبر عدد من المهاجرين حتى أن أنغيلا دوروتيا ميركل لقبت بأم المهاجرين وازداد الاقتصاد الالماني في الصعود، ان المشكل يكمن في السياسات.
ان الطبقات الثرية في فرنسا تتحمل كل المسؤولية في خلفية الاحداث حيث انها هي من تقوم بوضع تلك الضرائب المجحفة لصالح شركاتهم واملاكهم التي اعمتهم ففي الابراج العالية لا يمكن رؤية ما يدور في الشارع ولا سماعه.
تلك الطبقات السياسية الفرنسية التي لا تزال تعشش في رأسها السياسات الاستعمارية تطبيقاتها في دول افريقيا تتصدر المشهد ولكن بهذه الحركات الاجتماعية قد يكون ذلك بداية فقدانها تلك القوة، تلك الطبقات التي لا تؤمن بالمبادئ ولا الأيديولوجيات نراها في شخصيات اسبانية فقد يتحول "كونزالس" من اشتراكي يساري الى يميني وارستقراطي ثري دون مشكل، ان هذه الحركة في باريس قد تكون بداية اكتشاف لسبل جديدة للحد من غطرسة الطبقة، والتوقف عن ضخ المال الى جيوبها بل طريقة لحلبها في مصلحة الدولة والشعب الذي تتغذى عليه.
العلاقة بين السياسيين واصحاب الشركات الكبرى الذين هم جزء منها او يعملون لصالحها، كشفت جزء منها الضرائب تلك العلاقة التي يحيطها الكثير من الحيطة دون اظهارها شفافة للشعب, فذلك المجهول يولد الريب والشك والانسان عدو ما يجهل وهو ما يقود الى الكراهية.وهو ما عبر عنه المحتجون كره الرئيس كرمز بل كل الرموز المنتخبون فطالبوا باستقالته وحل الجمعية الوطنية ، انه البناء بكامله الذي يريد سرقة المكاسب الاجتماعية للجمهورية الفرنسية التي كسبته عبر عقود من النضال والشقاء والتضحيات.
.......................................................................النجوم الخمس: إشارة إلى خمس قضايا رئيسية هي: المياه العامة والنقل المستدام والتطوير والاتصالية وحماية البيئة
بقلم حمدي حمودي

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *