-->

الى أين نسير؟


سؤال مشحون بالإنشغال و التحذير و الإستعداد لمواجهة أي إحتمال. سؤال طرحه رئيس وفدنا المفاوض اثناء تدخل له في ندوة شعبية بمخيمات العزة و الكرامة بعد أن أكد في استعراضه لمحادثات جنيف الأخيرة أن الجليد قد ذاب و الخطوة الأولى قد بدأت، مشيرا الى أن التطورات القادمة و الأحداث المتوقعة لا يتحكم في توجيهها إلا من هو في أتم الإستعداد و الحيطة و الحذر خاصة و أن المعطيات الحالية تظهر بأن هناك إرادة لحسم الصراع و بشكل سريع. 
إن المتتبع لمسار الأحداث منذ إقدام مجلس الأمن الدولي على تقليص عهدة المينورسوالى ستة أشهر بدل سنة و الدخول المباشرة للولايات المتحدة الأمريكية على الخط بعدما كانت تساير فرنسا في رغباتها و تجاملها في مجلس الأمن، سواء برفضها لمطلب باريس الإبقاء عى عهدة المنيرسو كما كانت منذ وقف النار، أو سواء وقوفها الصريح الى جانب المبعوث الأممي السيد كوهلر والدفاع عن خطته، أو سواء تتبعها المباشر للقاء جنيف خطوة بخطوة، ولعل الرغبة الأمريكية الملحة في إنهاء نزاع الصحراء الغربية الذي عمر طويلا، عكسه بصريح العبارة مستشارالرئيس الأمريكي للأمن القومي السيد جون بولتون يوم الخميس الماضي بمؤسسة التراث " هيريتيج فاوندايشن" اثناء مناقشة الإستراتجية الجديدة للإدارة الأمريكية بإفريقيا، حين عبر عن إحباطه لإستمرار حالة الإنسداد التي يعرفها مسار التسوية في الصحراء الغربية متسائلا: " 27 سنة من نشرها لا زالت بعثة المينورسو تراوح مكانها، كيف يمكن تفسيرذلك!؟" مضيفا "إذا كنا حقا حازمين في حماية الأبرياء بمناطق النزاع، فإنه يتوجب علينا الحرص على أن تكون عمليات السلام مسؤولة و قوية و فعالة" و بفضل هذا النهج يقول السيد بولتن " اتفق طرفا النزاع و البلدان المجاورة المعنية بالقضية، على اللقاء لأول مرة منذ سنة 2012 بمدينة جنيف السويسرية". 
إن الرغبة الأمريكية القوية المعبر عنها الى حد الساعة في إنهاء النزاع، يقابلها ضعف و إهتزاز في الإرادة الفرنسية التي كثيرا ما عرقلت كل حل في الصحراء الغربية والتي هي اليوم في وضعية تزعزعت فيها مصداقيتها داخليا و خارجيا. لاشك أن امريكا لن تقبل لنفسها أن تبقى الى الأبد حارسة للمصالح الفرنسية في الصحراء الغربية او في افريقيا تحت مظلة قوات حفظ السلام الأممية الممولة شبه بالكامل من ضرائب المواطنيين الأمريكيين. إنه في اعتقادنا أن سفينة الحل قد أقلعت من ميناء الإنتظارلتبحر نحو مرسى الحل تشق عباب البحر و تصارع هبوب الرياح، فهل ياترى ستصل الى الهدف بسلام و تحقق مبتغى الشعب الصحراوي الصبور الصامد؟ 
إن ذلك يرجع بعد إرادة الله عز و جل الى إرادة إطارات و كوادر الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب بالدرجة الأولى الذين تقع على عاتقهم مسؤوليات قيادة الشعب الصحراوي نحو الإستقلال و الذين لاشك ترن في آذانهم و توخز ضمائرهم الى اليوم، كلمات الشهيد الولي و هو يستقبل الناجين من شعبنا بعد قنيلة أم دريكة سنة 1976من طرف طيران المقبورالحسن الثاني و قد بلغ به التأثر مابلغ :" إذا لم نرجع هؤلاء النساء و الأطفال و الشيوخ الى ديارهم معززين مكرمين، نكون قد أجرمنا في حق شعبنا"، و بالدرجة الثانية يتحمل كل مواطن صحراوي من موقع تواجده مسؤوليته في رفع التحدي بالتجنيد و الإستعداد لما يخفيه المستقبل القريب، فلامجال للإتكالية أوالإستكانة الى الركود أو المزايدة أو نشر الغسيل ، فثقب صغير في اي جانب من السفينة يمكن أن يؤدي الى إغراقها بالتمام و بمن فيها – القائد و المقيود- .إن الأشهر القادمة بدخول العام الجديد 2019 تتطلب من كل الوطنيين الصحراويين شحذ الهمم و تمتين العزائم والمزيد من التضحية و العطاء و توحيد الصف و تعزيز الموقف التفاوضي للجبهة بالوقوف وراء وفدها المفاوض و مؤازرته ودعمه في معركته مع المحتل ، فأن أي تشويش و لفت أنظار أو إثارة عوائق و نعرات من هنا و هناك إنما ستصب في كفة العدو و يقوي بها حجته وما وقع اخيرا من مشاجرات و حمية قبلية في منطقة "اجدرية" المحتلة حول حدود مزعومة من صنع المخزن الذي حرض أعوانه على تشجيع الفتنة ، إلاخير دليل على النية المبية للمغرب للتسلح في مفاوضاته المقبلة بنفس حجة السيد جون بولتن حول تعليق الولايات المتحدة مساعداتها لجنوب السودان لأنها كما قال دولة فاشلة استقلت لتتناحرقبائلها في مابينها ،و ذلك بمحاولة العدو خلق الفتنة بين فئات شعبنا و توريطه في متاهات تظهرللرأي العام بأننا أناس بدو لا يعرفون حتى معنى الإستقلال. 
إنه بالإلتحام و اليقظة يمكننا التحكم قي مسار سفينة التسوية و توجيهها في إتجاه الهدف الذي رسمه المؤمنون من أبناء شعبنا الذين حق فيهم قوله عز وجل " مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا" صدق الله العظيم، الا و هو الإستقلال التام و بناء الدولة الصحراوية على كامل ترابها الوطني. 
فل تكن سنة 2019 سنة التصعيد على كل الواجهات خاصة أن الظروف الدولية مواتية و المخزن في وضعية لا يحسد عليها، سنة الفعل و العمل الميداني و التسابق الى تسجيل نقاط ايجابية لصالح القضية الوطنية في كل ساحات العمل النضالي. إنه بالفعل الواعي و المسؤول وحده تحقق الأماني وليس بالكلام ومحاسنه اللفظية، فقنينة زجاج ملتقطة من الأزبال و محشوة بالرمال صنعت على أرض الواقع منازل للاجئين و نقلت القضية الى العالم و رفعت صاحبها الى الدور النهائي في جوائز "الموئل" العالمية لهذه السنة، بينما حشو مواقع العالم الإفتراضي ( فيسبوك ، واتساب و غيرها...) بأطنان الكلمات الرنانة ومئات صور "السلفي" أبقت هواتها وروادها يدورون في نفس الدائرة إلا من رحم ربي، ويبقى السؤال المطروح: الى أين نسير؟ 
 بقلم: محمد فاضل محمدسالم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *