-->

الاجتماع الوزاري للاتحاد الافريقي-الاتحاد الأوروبي بروكسيل: تأكيد على قوة الحق وضعف الباطل


بقلم: الديش محمد الصالح
من حيث الوقائع، شهدت العاصمة البلجيكية بروكسل يومي 21 و22 يناير الجاري ، بمقر الاتحاد الأوروبي، تنظيم اجتماع للشراكة بين وزراء خارجية الاتحاد الافريقي والاتحاد الأوروبي الذي حضره جميع الدول الأعضاء في الاتحادين بما في ذلك الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية والمملكة المغربية. ومثل الدولة الصحراوية في هذا الاجتماع وفد هام يقوده وزير الشؤون الخارجية السيد محمد سالم ولد السالك. وقد جرى هذا الاجتماع، الذي يأتي بناء على توصية من القمة الخامسة للاتحادين بالعاصمة الايفوارية ابيدجان نوفمبر 2017، في جو عادي طبعه الاحترام المتبادل بين الدول الأعضاء في الاتحادين والذي تخلله التقاط صورة تذكارية للوزراء، رغم المحاولات الطفيلية البائسة التي عودتنا المملكة المغربية على القيام بها في مثل هذه الاجتماعات والتي باءت بالفشل مثل سابقاتها.
اما من حيث مضمون وابعاد اجتماع بمستوى وزراء خارجية الاتحادين الافريقي والاوروبي في عاصمة هذا الأخير بروكسيل، فإن حضور الجمهورية الصحراوية يؤكد قوة الحق وعدالة كفاح شعب الصحراء الغربية ضد الاحتلال اللاشرعي لأرضه من طرف المملكة المغربية. فقبل قمة ابيدجان الخامسة حاولت المملكة المغربية وعرابتها فرنسا الاعتراض على حضور الجمهورية الصحراوية لتلك القمة، إلى حد التصريحات الاستعلائية التي بدت من فرنسا تحديدا، الا ان الموقف الجماعي لدول الاتحاد الافريقي في التشبث بحضور كل دوله الاعضاء كان فرض حضور الجمهورية الصحراوية كدولة كاملة السيادة مثلها مثل بقية الدول الأعضاء في الاتحاد. وكان ذلك رسالة واضحة للأوروبيين مضمونها انه لا مساومة على الجمهورية الصحراوية وأنها هي والمملكة المغربية على قدم المساواة في المنظومة الافريقية. وكانت الأجواء الهادئة التي طبعت الاجتماع الوزاري الماضي عكست مدى الاستيعاب الجيد لمفوضية الاتحاد الأوروبي ودوله لمضمون رسالة الأفارقة تلك، بحيث تم تجاوز مسألة حضور الجمهورية الصحراوية كدولة من دول الاتحاد الافريقي الى الاعتراف الضمني بها مادام الدولتان الصحراوية والمغربية يوجدان في نفس الاتحاد وكل واحد منها يقبل بالآخر.
واذا كانت فرنسا، اسبانيا والبرتغال قد قامت بجهود حيثية لإقناع بقية دول الاتحاد الأوروبي لضم الصحراء الغربية في اتفاقيات هذا الأخير مع المغرب في انتهاك صارخ للقانون الدولي وفي تجاهل تام لأحكام القضاء الأوروبي، فإن حضور الجمهورية الصحراوية إلى جانب المملكة المغربية في اجتماع بروكسيل جعلهم يبتلعون مرارة الحقيقة الصحراوية مما شكل ضربة قاصمة لتلك الاتفاقيات ولمحاولات الالتفاف على الشرعية الدولية وللدعاية التي ظلت المغرب تلوح بها بأنها اخترقت الموقف الافريقي المساند للدولة الصحراوية.
كان على الاتحاد الاوروبي ان لا يذهب بعيدا في ضع مصداقيته على المحك بضم الصحراء الغربية لاتفاقياته مع المملكة المغربية التي لا تمتلك السيادة على هذا الاقليم، وان يقتصر الطريق بالتفاوض مع من يجلس معها الآن وفي مقره الرسمي؛ الجمهورية الصحراوية بقيادة جبهة البوليزاريو التي تمثل الشرعية الدولية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعب الصحراء الغربية. وبالتالي فالجمهورية الصحراوية هي الضامن الحقيقي للاستقرار قبل المصالح في المنطقة، لان لا استقرار ولا مصالح في غياب احترام تقرير مصير شعب الصحراء الغربية واستقلاله.
ان حضور الجمهورية الصحراوية ضمن دول الاتحاد الافريقي والاتحاد الاوروبي بمقر هذا الاخير ليس بالحدث العادي، بل كان تاريخيا، كونه او حضور الدولة الصحراوية في اجتماع للشراكة بين للاتحادين يعقد في أوروبا، ومن كونه أيضا يأتي مباشرة بعد أسبوع على مصادقة الاتحاد الأوروبي على ضم الصحراء الغربية في اتفاقياته المخالفة للقانون مع المملكة المغربية، كما أنه ينظم في ظرف يتسم باستئناف المفاوضات بين طرفي النزاع، جبهة البوليساريو والمملكة المغربية، تحت إشراف الامم المتحدة ممثلة في المبعوث الشخصي للأمين العام السيد هروست كوهلر، وفي ظل احتدام المنافسة بين القوى العظمى على منطقة شمال افريقيا. واذا كانت فرنسا ارادت ان تظهر من خلال الخطوة التي اقدم عليها الاتحاد الأوروبي بإن قوة نفوذها في المنطقة تجعلها قادرة على توجيه الأمور حسب اهوائها، فإن حضور الجمهورية الصحراوية يؤكد انها قد أخطأت الحساب، لان إفريقيا اليوم ليست إفريقيا الأمس، فاليوم هي سيدة نفسها بقيادة الاتحاد الافريقي الذي توجد الجمهورية الصحراوية من بين اعضاءه، وقراره هو الحاسم في كل ما يتعلق بقضايا القارة، وقد سبق وان اتخذه بخصوص قضية الصحراء الغربية منذ أكثر من 34 سنة عندما قبل بانضمام الجمهورية الصحراوية في منظمة الوحدة الافريقية، تلك الدولة التي أصبحت فيما بعد من المؤسسين للاتحاد الافريقي ولها حدودها المعترف بها دوليا التي يتوجب على المملكة المغربية احترامها والانسحاب من الاجزاء التي تحتلها من الاراضي الصحراوية.
لقد دخلت الجمهورية الصحراوية أوروبا من بابها الواسع عبر مقر الاتحاد الأوروبي ببروكسل، معززة ومكرمة بحكم مكاسبها وإنجازاتها وعظمة تضحيات أبنائها. ويكون هذا الدخول قد اسس لمرحلة جديدة في العلاقات مع هذه القارة تفتح فيها الدولة الصحراوية ذراعيها للشراكة والتعاون الحقيقي الذي لا يأتي بالتحايل على القانون بقدرما يأتي بالاحترام الكامل لحقوق الشعوب وسيادتها على أراضيها.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *