-->

بعد مرور ثلاثة وأربعين عاما على ملتقى كليبات الفولة،الدولة الصحراوية والتحدي الكبير


بعد مرور ثلاث وأربعين عاما على ملتقى كليبات الفولة في الحادي والثلاثين من ديسمبر 1975، الذي كان إستثنائيا في الزمان لأنه جاء بعد شهرين من الدخول العسكري لقوات الغزو المغربية إلى الصحراء الغربية، كان لابد للذاكرة ان تنبش في تفاصيل الماضي بكل تجلياته ،ماضي أمة كان يستفحل فيها الجهل وتحتل الأمية مراتب عليا بها وتعاني من القبلية والبداوة ،أمة قدر لها أن تعرف الإستعمار وأن يغتال براءة بدوها الغزاة ،حين فكر الشهيد الولي في الثورة ونظر لها، فكر أيضا في حاجة الشعب الصحراوي إلى الخروج من ظلمات الجهل إلى نور العلم والمعرفة والى نبذ القبلية واستبدالها بدولة المؤسسات وترك عباءة البدوي في اتجاه ركب الحضارة والحداثة مثل سائر الأمم ، وراهن على قدرة الصحراويين على صنع الفرق ،وتغيير الوضع نحو الأفضل ،وهكذا بدأت مسيرة طويلة وقصة كفاح لأجيال من أجل القضاء على الأمية والسعي الحثيث للعلم والمعرفة والقضاء على سم القبلية والسير على سكة التمدن ،لقد زاوج هؤلاء بين عملهم التنظيمي ، واضطلاعهم بمختلف المهام ،وبين دورهم في نشر الوعي الوطني و السياسي بين كل شرائح المجتمع فكانت محاربة الأمية مرافقة لكل عمل منذ تشكيل الخلايا الاولى للثورة وحتى قبل انطلاقها ،واستهدفت القبلية من خلال التركيز على بناء مؤسسات الدولة الدولة الصحراوية حتى تحل محل التشريع القبلي والاتجاه نحو بناء الجيش وتطويره وتزويده بكل مايلزم من تقنيات الحرب حتى يكون في مستوى تطلعات الشعب الصحراوي هذا دون نسيان الدور الليبي آنذاك بحكم أنهم أول من دعموا الثورة الصحراوية بالسلاح ،وكذا بث الوعي من اجل القضاء على الجهل والبداوة فكانت النتيجة القضاء على الأمية، ومواجهة سوس القبلية ووضعت لها المتاريس من خلال الاجتهاد في ترسيخ هيبة المؤسسات والقانون الحديث للتعامل بين أفراد المجتمع الواحد، وبدأ الإنسان الصحراوي مرحلة إنتقالية كبرى من حياة الترحال والتنقل إلى الإستقرار وتوفير سبله رغم ظروف الغزو ، وبعدها أصبح التعليم ركيزة مهمة، من ركائز بناء العنصر البشري الصحراوي أولى لها التتظيم السياسي والدولة الصحراوية الاهمية القصوى ،وهكذا استطاعت أجيال الشعب المتلاحقة، ان تتابع الدراسة في مختلف الجامعات ،من كوبا غربا حتى الاتحاد السوفياتي شرقا ،ومن مدارس ومعاهد الجزائر وليبيا حتى أقصى تخوم أوروبا شمالا ،تعلم الشباب الصحراوي ونال أعلى الشواهد ، و أصبح لدينا مئات الخريجين في كافة الاختصاصات ،إن حرص الشهيد الولي على ضرورة الإهتمام بالتعليم وردع القبلية والقضاء على الجهل والانتقال المفروض من مرحلة البداوة إلى تكوين دولة حديثة، كل هذا كان أساسه إدراكه العميق بأنها وسيلة أي تطوير في هياكل التنظيم السياسي ومؤسسات الدولة الصحراوية،وحماية الصحراويين من الدعايات لأنه يتيح الفرصة للفكر المتنور بأن يتطور أكثر وأكثر وهو ماسينعكس إيجابا على مستوى العمل ومردوديته في بناء وتكوين العنصر البشري الصحراوي القادر على تحدي الجهل والقبلية وتطوير مجتمعه والارتقاء به إلى صف الأمم الحديثة ،إن الحادي والثلاثين من ديسمبر يذكرنا بأهمية التعليم متسلحين بقول الشاعر العربي :

قف للمعلم وفه التبجيلا /كاد المعلم ان يكون رسولا /أرأيت أشرف أو أجل /من الذي يبني وينشئ أنفسا وعقولا .
وهو خير وسام، لمن كافح من أجل أن يأخد بيد أبناء شعبه ليزيح عنهم شبح الأمية ، وينشر العلم والمعرفة، ولأهمية التعليم والصحة، اعتبرا مؤشران للتنمية في بلدان العالم، يعتمد عليهما لمعرفة مدى رقي الأمم وتقدمها ، ويعتبر الشعب الصحراوي مثالا يحتذى به في شمال إفريقيا في هذا المجال مع وجود الفارق بين شعب لاجئ يعاني ظروفا قاسية ودول قائمة مستقلة منذ عقود، حيث أن نسبة الامية منخفضة ،بالمقارنة مع الجيران ، كما نجح الصحراويون في بناء دولة مؤسسات في اللجوء ،هذا بالاضافة لكثرة التخصصات التي اختارها أبنائه ،وتفوقوا ؤفيها في الدول التي ساندت كفاح شعبهم في الطب والهندسة والأدب وفي الإختصاصات المدنية والعسكرية، وصل الصحراويون إلى تجسيد ثقة الشهيد الولي في قدرة الجماهير على صنع المعجزات، تحت ظروف أقل مايقال عنها أنها قاسية، ومعاناة طال أمدها ،إن الإهتمام بتعليم الأجيال ،ومدها بالمعارف، في مختلف مجالات الحياة ،يبقى من أهم رهانات التفوق ،وتبوأ المكانة اللائقة بشعب عظيم بين جيرانه ،كما أنه يجسد عمق الإمتنان ، لكل تلك الحكومات والدول والشعوب ، التي ساندتنا من خلال حرصها على مجانية التعليم، لأبناء الشعب الصحراوي المكافح ،ويبقى طلب العلم أولوية في حياتنا وضمان من ضمانات سيرورة ثورتنا جنبا إلى جنب مع نبذ القبلية ونشر الوعي بين مختلف أطياف الشعب. خصوصا وأن النخبة الصحراوية لم تقرأ الواقع انطلاقا من الغزو المغربي ولكن بالرجوع إلى مئة سنة من الاستعمار الإسباني والتي كان لايمكن أن يتم تناسيها من اجل بلورة ورسم الخطوط العريضة من اجل النجاح في مختلف الرهانات التي ركز عليها الشهيد الولي ورفاقه من أجل أن يضع قاطرة الثورة على السكة الصحيحة التي ستحمي أولا شعبا جيئ به من ظلمات الجهل والأمية ،شعب تتفشى فيه القبلية، ولاعلاقة له بالحداثة ، وتوصله إلى بر الأمان عند استكمال المشروع الوطني المتمثل في دولة حديثة حرة لكل الصحراويين ينير العلم أركانها وينزوي الجهل والأمية إلى غير رجعة بعيدا عنها،دولة يعيش فيها الصحراوي بكرامة وأمن وأمان متمتعا بخيراته سيدا فوق أرض قدمت لأجلها قوافل الشهداء .
المصدر: موقع وزارة الارض المحتلة والجاليات

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *