-->

إضراب عام يشل تونس.. واتحاد الشغل يهدد بالمزيد


يجلس العجوز عبد العزيز البوغانمي أمام فرع الخطوط الجوية التونسية المغلق في مطار تونس قرطاج إحدى أبرز الشركات الحكومية التي شلها الإضراب العام الذي نفذه اليوم اتحاد الشغل احتجاجا على رفض الحكومة الزيادة في رواتب موظفي القطاع العام.
ينتظر الرجل دون جدوى كغيره من المسافرين العالقين في المطار بعد إلغاء جميع رحلاتهم الحصول على معلومة من قبل مسؤوليه لكن دون جدوى، وشهدت منشآت المطار حالة من الشلل التام وسط غياب الموظفين.
ولم ينجح التسخير الحكومي -الذي نشرته الحكومة أمس في المجلة الرسمية- في إجبار الموظفين على الالتحاق بمراكز عملهم مطلقا، ذلك أن جميع موظفي القطاع العام البالغ عددهم أكثر من 650 ألفا تقيدوا بتنفيذ الإضراب العام، مما جعل نشاط المؤسسات الحكومية يتعطل كليا.
وأثر الإضراب بشكل مباشر في حركة النقل الجوي والبري والبحري، حيث انقطعت المواصلات الحكومية بشكل كامل، كما تعطلت الدراسة في المدارس والمعاهد والكليات وتوقفت أنشطة مختلف البنوك العمومية والمؤسسات الحكومية.
ينظر العجوز عبد العزيز بعينين تائهتين في الفضاء الخالي داخل المطار تونس قرطاج، ومع تواصل فترة انتظاره يزداد توترا، إذ كان من المفترض أن تقلع طائرته صباح اليوم باتجاه نيس الفرنسية للعلاج.
وليس ذلك سوى جزء بسيط من تداعيات الإضراب على وضع البلاد التي بدت كمدينة أشباح موحشة يطغى عليها صمت رهيب بشوارعها الخالية ومؤسساتها المغلقة ومرافقها المعطلة وحركة مواصلاتها المشلولة.
وينظر جزء من التونسيين باستياء إلى الإضراب، ويحمل بعضهم الاتحاد العام التونسي للشغل أكبر منظمة نقابية بالبلاد مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي بسبب تراجع الإنتاج وكثرة الإضرابات القطاعية المطالبة بالزيادة في الرواتب دون حث منتسبيه على العمل وفق رأيهم.
غير أن الموظف في بلدية أريانة حمد بن عمارة يقول للجزيرة نت إن اتحاد الشغل كان مكرها على اللجوء إلى الإضراب المنصوص عليه بالدستور، للدفاع على حق الموظفين الذين يتخبطون بمعاناة اجتماعية كبرى جراء غلاء الأسعار دون زيادة الأجور.
وكغيره من الموظفين المضربين شارك حمد في فعاليات الإضراب العام بساحة محمد علي قبالة مبنى اتحاد الشغل حاملا معه رغيف خبز، في إشارة إلى "تدهور المقدرة الشرائية للموظفين وسط لامبالاة تامة من قبل الحكومة الحالية".
وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد أعلن أمس عن أسفه لعدم التوصل إلى اتفاق مع اتحاد الشغل، مشيرا إلى أن الحكومة قدمت مقترحات جدية لزيادة رواتب الموظفين. 
بالمقابل، أكد الأمناء العامون لاتحاد الشغل أمس أن الاتحاد قدم تنازلات عدة، لكن الحكومة أفشلت التفاوض.
ويقول النقابي صابر التميمي للجزيرة نت إن الحكومة الحالية خاضعة لأوامر صندوق النقد الدولي الذي اشترط عليها تجميد الأجور مقابل منحها القروض. 
وأضاف أن لديه معلومات بأن الحكومة تتفاوض حاليا مع صندوق النقد للسماح لها برفع الأجور حتى لا تتفاقم الأزمة الراهنة.
ومن المقرر أن تنعقد الهيئة الإدارية لاتحاد الشغل يوم السبت المقبل لاتخاذ قرارات بشأن الخطوات المقبلة في ظل توتر العلاقة مع الحكومة. 
ويقول صابر -الذي شارك التجمع العمالي أمام مبنى الاتحاد- إن الأخير قد يقرر التصعيد إذا لم يحصل على اتفاق مع الحكومة.
ولم يستبعد التميمي أن يلجأ اتحاد الشغل إلى إقرار إضراب جديد في القطاع العام والوظيفة العمومية وكذلك القطاع الخاص ليومين متتالين، قائلا "نحن لن نضرب اليوم ثم نبقى مكتوفي الأيدي، ربما يدخل عمال القطاع الخاص على الخط في إضراب جديد ليومين".
ويقدر الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي قيمة الخسائر المالية للدولة جراء الإضراب في المؤسسات الحكومية والوزارات والإدارات بنحو أربعمئة مليون دينار (مئة مليون دولار)، مؤكدا للجزيرة نت أن الإضراب العام ستكون له تداعيات سلبية على مناخ الأعمال والاستثمار والترقيم السيادي.
ويرى الشكندالي أنه كان بإمكان الحكومة تجاوز هذا الإضراب باقتراح زيادة مجزية لموظفي القطاع العام لتحفيزهم على العمل ودفع الاستهلاك الداخلي كأحد محركات النمو، مذكرا بأن انهيار قيمة الدينار وارتفاع الأسعار تسببا في تدهور الوضع المعيشي للتونسيين بعد الثورة.
المصدر : الجزيرة

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *