-->

روسيا عززت نفوذها في الشرق الأوسط للتقارب مع الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة في منطقة الخليج


القدس العربي”: عملت روسيا خلال السنوات الأخيرة على تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط، بدعم من بعض الدول العربية، وعلى رأسها السعودية والإمارات ومصر، بحسب ما أكدته مجلة “ذي أتلانتيك” الأمريكية.
وذكرت المجلة أن الوجود الروسي المتنامي في الشرق الأوسط يمكن بحثه من النواحي العسكرية والاقتصادية. فعلى الجانب العسكري، فإن تدخل روسيا عام 2015 لتثبيت نظام الرئيس السوري بشار الأسد زاد نفوذها وإيران، ودق إسفينا بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وبذلت روسيا، خلال السنوات الأخيرة، جهودا للتقارب مع الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة في منطقة الخليج، تجلى ذلك في صفقات بيع الأسلحة والاستثمارات. أما التوجه الذي لم يلحظه كثيرون فهو تركيز موسكو على التعزيز السياسي لما وصفته المجلة “بالإسلام السلمي”، وذلك بالتزامن مع الاندفاع القوي من قبل بعض الدول العربية لمكافحة “الإسلام السياسي”.
وأوضحت “ذي أتلانتيك” أن مبعوث روسيا لهذه الجهود هو رئيس الجمهورية الشيشانية رمضان قديروف الذي يعتبر أن “التطرف الإسلامي” هو امتداد للحرب في الشيشان، حيث يكافحه نيابة عن موسكو ضد ما يعتبرها الحركة الشيشانية الانفصالية.
مبعوث روسيا لهذه الجهود هو رئيس الجمهورية الشيشانية رمضان قديروف الذي يعتبر أن “التطرف الإسلامي” هو امتداد للحرب في الشيشان
وأشارت المجلة إلى أن المؤتمر الدولي الذي عقد في العاصمة الشيشانية عام 2016 بحضور باحثين إسلاميين مثال أولي على الجهود الروسية للتحالف الديني مع دول عربية، حيث شارك في تنظيم المؤتمر رجال دين على صلة وثيقة بالحكومات في مصر والإمارات، وهما البلدان اللذان ينظر إليهما باعتبارهما “أعداء للإسلام السياسي”.
ورغم أن هذا المؤتمر ربما نظر إليه على أنه يسعى لعزل السعودية، لا سيما أن المشاركين فيه يرفضون السلفية التي تمارس رسميا في السعودية، فإن موسكو أقامت منذ ذلك الحين علاقات وطيدة مع القيادة السعودية.
ففي عام 2017، ناقش الملك سلمان بن عبد العزيز في لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بموسكو قضية نشر الدعوة الإسلامية، وقال مسؤولون سعوديون وروس للخبير في الشؤون الروسية ثيودور كاراسيك إن الملك وافق على سحب تمويل المساجد ونشر الدعوة، وهي خطوة اتبعتها السعودية أيضا في تخليها عن دعم أكبر مسجد في بلجيكا.
وأشارت “ذي أتلانتيك” إلى جملة من الأسباب التي دفعت روسيا إلى هذا التواصل الديني، منها المخاوف المحلية، لا سيما أن المسلمين يشكلون نسبة 15% من الروس، وأن موسكو “خاضت تمردين: دينيا وقوميا، في شمال القوقاز التي تقطنها أغلبية مسلمة”.
فظهور تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” والقاعدة في سوريا زاد مخاوف روسيا بشأن تهديد التطرف، خاصة مع تنامي دور المسلحين من شمال القوقاز في هذه التنظيمات.
ومن بين الأسباب التي سردتها المجلة أن روسيا ربما تحاول مواجهة الاعتقاد السائد بأن موسكو معادية للإسلام بسبب الإرث المتبقي من الغزو السوفياتي لأفغانستان، أو للإسلام السني على نحو خاص بسبب ارتباط روسيا مع إيران ووكلائها.
في هذا السياق، قال المحلل السياسي يوري بارمين إن موسكو تستخدم العامل الشيشاني (نشر قوات شرطة شيشانية في سوريا وبناء الشيشان مسجدا بحلب) لدحض الانتقاد بأنها جزء من التحالف الشيعي.
موسكو تستخدم العامل الشيشاني (نشر قوات شرطة شيشانية في سوريا وبناء الشيشان مسجدا بحلب) لدحض الانتقاد بأنها جزء من التحالف الشيعي
السبب الآخر هو رغبة موسكو في تمييز نفسها عن الولايات المتحدة، خاصة مع تنامي الخطاب العدائي للمسلمين في الغرب، حيث إن “روسيا تستثمر في فكرة أنها ليست أميركا، وأنها ليست ضد الإسلام، وتقدم الشيشان نموذجا”، وفق محلل سياسي في الأصول الشيشانية.
وعلى الجانب العربي، فإن الحكومات مستعدة للشراكة مع روسيا لأنهم يستشعرون أهمية قديروف، وفق المجلة.
ووفقا لـ”ذي أتلانتيك” فقد وصل حجم المعارضة للإسلام السياسي والسلفية إلى مرحلة غير مسبوقة في العالم العربي، لافتة إلى أن العديد من الدول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعمل معا لكبح التطرف وتوجيه الشعوب لفهم جديد، وهو أن احتجاجات الشارع هي أداة الجهاديين وعائق أمام السلم الاجتماعي. فيما اعتبرت أن روسيا تعزز مكانتها في المنطقة بشكل أكبر من خلال تعزيزها “الاعتدال الإسلامي” بالتناغم مع القوى العربية، أكثر من اعتمادها على الوسائل العسكرية والاقتصادية.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *