-->

رئيس موريتان لم يقل الحقيقة كاملة


في الواقع يبدو أن الصحراويين تشنجوا وتنرفزوا بعض الشيء حينما تم نشر حوار لرئيس موريتان- موريتان وليست موريتانيا- مع جريدة عطوان الالكترونية "رأي اليوم"، يقول فيه " أن اوروبا وامريكا" لايريدان دولة في الصحراء الغربية، ولا يريدان فاصلا حدوديا بين المغرب وموريتان. في الحقيقة هو لم يقل هذا، لكن نقله عن الاوروبيين والامريكان الذين يبدو انهم "صدعوه"، كلما التقوه، بتكرار هرطقتهم انهم لا يريدون دولة في الصحراء الغربية. ما قاله ولد عبد العزيز ليس بجديد؛ فكل المتتبعين لملف قضية الصحراء الغربية يعرفون أن الغرب وامريكا هم أصدقاء للمغرب، ولا يريدون دولة في الصحراء الغربية. هذه حقيقة، لكن من جهة أخرى هم – الغرب وامريكا- لا يريدون دولة في فلسطين ولا يريدون ايران ولا كوريا ان تمتلكا السلاح النووي؛ بمعنى أنه لا يجب أن نعتقد في كل ما يقوله الغرب والامريكان، ونجعله حقيقة لا مفر من الالتزام بها والتسليم بها.
غضب الصحراويين من كلام ولد عبد العزيز مرده إلى العلاقة المتشنجة، والتي يمكن ان تصبح تاريخية، بين الشعب الصحراوي وبعض الموريتانيين –بعض- الذين لازالوا لم يتخلصوا من عقدة التاريخ الحديث، ولازالوا يحسون في أعماقهم بشئ ما يوخزهم، بل انهم، في بعض الاحيان، يقفزون قفزات قاتلة على ما يربط الصحراويين والموريتانيين، وما أكثره، ويرتمون في حضن المغرب نكاية بالصحراويين، أو نكاية بأخطاء التاريخ، وليس انهم لا يستقرؤون التاريخ والمستقبل .
نعود إلى تصريح ولد عبد العزيز لندخل مباشرة في الموضوع. فولد عبد العزيز يحتفظ له الموريتانيون، والكثير من العرب وكل المسلمين وكل الفلسطينيين بصورة مشرفة: طرد السفير الاسرائيلي، وهذه شجاعة لم يسبقه لها زعيم عربي ولا زعيم ثوري من الذين طبعوا وسبحوا وركعوا لأسرائيل. وحتى يمحو اي أثر لتلك السفارة الملعونة في نواقشوط قام بتجريف المبنى، رغم أنه كان يمكن أن يجعله مقر سفارة فلسطين، ولو كان حدث ذلك كان سيكون إهانة كبيرة لإسرائيل وانتصار معني للفلسطينيين.
وإذا كان ولد عبد العزيز قد هبت عليه ريح الصراحة وريح الشجاعة وقال ما قال فيما يخص إعلان الغرب له أنه لا يريد دولة صحراوية تفصل بين موريتان والمغرب، فإنه، من زاوية ثانية عض عظمة لسانه وابتلع ريقه ولم يكمل. نص الحقيقة الاخرى التي لم يذكرها ولد عبد العزيز في تصريحه هي انه إذا كان الغرب وامريكا لا يريدان دولة في الصحراء الغربية تفصل بين المغرب وموريتان، فإن هذه الاخيرة – موريتان- في حاجة إلى هذه الدولة، وفي حاجة إلى حماية الشعب الصحراوي مستقبلا. في العمق يعرف ولد عبد العزيز، البيظاني، الموريتاني، الذي يقسم انه ما لم يتمازج الماء والزيت فإنه لن يتمازج البيظان والمغاربة، متأكد أن دولة في الصحراء الغربية هي مفتاح الأمن القومي الموريتاني في المستقبل. لو كان ولد عبد العزيز قالها في نفس السياق الذي كان يتحدث فيه كان سيرفع من شأن شجاعته ، ويضيف حسنة أخرى إلى حسنة طرد السفارة الاسرائلية. فكما نعرف فإن ولد عبد العزيز هو عسكري، وكان ممتعاطفا مع العسكر في زمن الحرب بين الاشقاء، ونتيجة لحصائل تلك الحرب التي لاتريد أن تتبخر بقى هو أيضا يحتفظ في داخله بشئ من المرارة اتجاه الصحراويين، ولا يريد الآن أن يعترف انهم مهمون للأمن القومي الموريتاني. إن عدم إكمال ولد عبد العزيز لصراحته وابتلاعه لنصفها الثاني المر يجعله ينضم إلى الموريتانيين القلة الذين لازالوا لم يستطيعوا تنظيف اعماقهم من مخلفات الحرب بين الاشقاء. الحقيقة التي لانريد ان نرغمها كي تدخل إلى اذهان بعض الموريتانيين هي انه في حالة ابتلاع الصحراويين فإن عليهم- الموريتانيون- ان يتذكروا حكاية الجمل الابيض والجمل الاسود بدل ان يتذكروا حكاية الثور الابيض والاسود.
السيد حمدي يحظيه

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *