-->

سلسلة الفيلق الرابع، الجزء الثامن : معركة أم أدگن...الفجر الدامي.


كان الظلام لازال يخيم على منطقة أم أدگن والمشاة يحيطون بثغرة العبور التي كان عليهم تأمينها مهما حدث, وطبعا تتعرض تلك المجموعة القليلة العدد دائما لضغط هائل قبل وصول المهاجمين.
ومع وصول أولى موجات المهاجمين سيكون على أولئك الرجال الذين يلازمون الجدار منذ ساعات طويلة أن يقتحموا القاعدة الرئيسية مباشرة قبل وصول الناقلات, ودائما تكون تلك اللحظات حرجة للغاية ورغم كثافة النيران المعادية في ذلك الفجر الساخن كان وصول الناقلات يبعث الحماسة في تلك المجموعة المنهكة ويزيدها إصرارا على مواصلة الاقتحام.
بعد أن تمكن المشاة من قطع نصف المسافة تقريبا بدأت تلك القاعدة الكبيرة تصوب نيران رشاشاتها في إتجاههم وفجأة وصلت أولى الناقلات .
إجتازت تلك الناقلة ثغرة العبور وهي تسير بأقصى سرعتها وبدون أي إنتظار إستدرات مباشرة نحو اليسار وهي تطلق النيران والشرر يتطاير من جنازرها في الظلام , وعلى الفور لحق بها المشاة ,وبدل أن تنتظر وصول بقية المهاجمين واصلت تلك الناقلة تقدمها نحو القاعدة, ورغم الظلام كان المشاة يعرفون تلك الناقلة التي تحمل رقم 907 التابعة للكتيبة الأولى والتي يقودها محمد ولد جاعة فقد كانت تصل دائما قبل الجميع, وكنا واثقين من أن ذلك الرجل النحيل الذي لا أدري ماذا فعلت به الأيام بعد كل هذه السنين سيصل أولا مهما حدث.
بعد أن تمكن المشاة من الوصول إلى القاعدة أصيبت تلك الناقلة إصابة مباشرة وإشتعلت فيها النيران , وعلى الفور ترجل عناصر الطاقم وأخرجوا سائقها الذي كان قد أصيب إصابة بليغة على مستوى الساق.
بعد دقائق قليلة وصلت بقية الناقلات وبشكل سريع شكلت العربات طوقا أحاط بتلك القاعدة القوية ومباشرة فتح الجحيم أبوابه, ومع مرور الوقت بدأت تلك القاعدة العنيدة تختفي خلف أعمدة الدخان والغبار الذي تخلفه القذائف والصواريخ وإختلطت مشاهد الدمار والقتلى وإمتزجت صيحات الرجال ودوي القذائف في ذلك الفجر الدامي وبدت مشاهد الدماء وألسنة اللهب تغطي وجه تلك القاعدة المترامية الأطراف, وطبعا بين أزيز الرصاص و دوي المدافع تتلاشى القوانين, ومع وجود الكتيبتين الأولى والثانية من الفيلق الرابع لم تكن أمام تلك القاعدة أية فرصة. 
كانت الكتيبة الثالثة من الفيلق الرابع قد إلتفت مباشرة نحو اليمين متبوعة بوحدات من الفيلق 17 وإقتحموا جميعا نقطة الإسناد الشرقية التي فر أغلب جنودها تحت جنح الظلام وتمت السيطرة عليها و تدميرها بالكامل.
وفي نفس هذا الوقت تقريبا تمكنت الناحيتان الأولى والثالثة من الوصول إلى أعماق المعركة وبدون إنتظار إنتشرت الناحية الأولى على الميمنة وتولت الناحية الثالثة أمر الميسرة.
كانت الساعة قد تجاوزت السادسة فجرا بقليل وكتائب الناحية الأولى جاثمة في عمق المعركة وفي ظلام ذلك الفجر الساخن كان الرجال ينتظرون بصمت وبهدوء كبير, وفجأة ظهرت أضواء طلائع الراجمة الثالثة قادمة من منطقة أميطرات أم أدݣن,وطبعا كان عدد آليات تلك الراجمة كبير جدا,ومع ذلك تمسك الرجال بمواقعهم.
أخيرا ستتمكن تلك الراجمة الشهيرة من المشاركة في المعركة وسيكون فجر يوم أم أدݣن هو أول إختبار حقيقي لصلابة هذه الراجمة التي طالما تبجح الحسن الثاني بقوتها. 
إتجهت تلك القوات الجرارة مباشرة نحو الخط الذي تحرسه الناحية الأولى وبدت مشاهد أضوائهم في الظلام كمدينة تتحرك وفجأة لعلع صوت رشاشات 23 ملم وتحولت تلك المنطقة إلى ما يشبه فوهة البركان, وبدا وميض الرشاشات الثقيلة يضيء أعماق المعركة ويبدد ظلام الفجر, وتحت تأثير كثافة النيران بدأت الراجمة الثالثة الشهيرة في التراجع, وبدل أن تندفع الناحية الأولى لمطاردتهم كما كانت تفعل دائما , بقيت متمسكة بموقعها وكأنها كانت تحرس ذلك الخط الذي إحتلته فجر ذلك اليوم.
كنا قد أصبحنا ندرك بفعل التجربة أن تلك الناحية المتمرسة والتي تقاتل برزانة غريبة لا يمكن تجاوزها أبدا, ومع مرور الوقت ظهرت أضواء نجدات أخرى تتجه نحو المعركة,وعندما إقتربوا ساقتهم الأقدار مرة أخرى نحو ذلك الخط الممنوع الذي تحرسه الناحية الأولى.
وتكرر ذلك المشهد الدامي ثانية, إنتظرت الناحية الأولى حتى وصلت النجدات إلى تلك النقطة المحظورة ثم أطلقت العنان لكل أسلحتها وبعد لحظات قليلة إندلعت النيران في مقدمة النجدات المغربية التي أذهلتها صلابة الدفاع الصحراوي ومع مرور الوقت أصبحت تلك النجدات تبحث عن من ينجدها ووسط عاصفة الرصاص تراجعوا مرة أخرى.
وطيلة أربع ساعات كاملة لم تتزحزح الناحية الأولى مترا واحدا نحو الخلف رغم الإصابات التي لحقت بها جراء مواجهتها لكل تلك النجدات ,وبقيت تلك الناحية الرائعة صامدة تحرس ذلك الخط الممنوع حتى نهاية المعركة.
مع بزوغ شمس يوم أم أدگن كان الصحراويون قد إرتموا بكل ثقلهم في أتون المعركة، كما كانوا يفعلون دائما , وطبعا كان الرجال في تلك الأيام البعيدة يتسابقون نحو المجد ومع مرور الوقت تأكدت الراجمة الثالثة أن الميمنة محروسة بشكل صارم فحاولت بعض تشكيلاتهم الإلتفاف جنوبا والدخول من الميسرة وهناك كانت الناحية الثالثة في إنتظارهم ووجدت تلك الراجمة التي كانت تبحث عن الصحراويين نفسها كالمستجير من الرمضاء بالنار.
كانت الناحية الثالثة تنتشر على اليسار وتولت تأمين منطقتها تماما وظلت متمسكة بذلك الجزء الذي إحتلته فجر ذلك اليوم حتى النهاية.
وخلافا لما تدعيه بعض الكتابات المغربية التي تفترض أن العقيد لعبيدي عبد السلام وقع في كمين نصبته البوليساريو خارج الحزام وأنه إصطدم بالناحية الثالثة ,فإن الحقيقة هي أن ذلك العقيد الشهير جاء متأخرا جدا تتبعه كتيبة حمايته المشكلة من عربات AML90 وساقته الأقدار الى الإصطدام بخمس سيارات فقط تابعة للناحية الثالثة كانت ترابط في أقصى الطرف الجنوبي من المعركة, ولو قدر الله أن ذلك العقيد وكتيبته إصطدموا فجر ذلك اليوم بالناحية الثالثة مجتمعة لتم إجتياحهم جميعا.
في حدود الساعة الثامنة صباحا وفي الوقت الذي كانت فيه المعركة في آخر فصولها, كانت خمس سيارات تابعة للناحية الثالثة تعمل بشكل متقارب داخل عمق المعركة وفجأة شاهدوا سيارة تويوتا مغربية توقفت على مرتفع غير بعيد ,وتبين لاحقا أن تلك السيارة كانت تراقب المعركة وفجأة وقعت قذائف أطلقتها المدفعية الصحراوية قرب تلك السيارة التي إختفت خلف الغبار تماما,وبعد لحظات قليلة كان رامي مدفع B10 يراقب ذلك الموقع من خلال جهاز التسديد و لاحظ أن تلك السيارة تحمل عدة أسلاك لمحطات الإتصال, وكان هذا يعني أن تلك السيارة ربما تحمل قائدا مغربيا ,عندها فقط قررت تلك المجموعة التي تتبع كلها للناحية الثالثة أن تطاردهم, وطبعا كان أسر قائد في المعركة بالإضافة إلى أهميته العسكرية يعني تسجيل نقاط إضافية في مسابقة الشهيد الولي العسكرية التي كانت قاعدة الشهيد هداد ستحتضن نسختها الثانية بعد أشهر قليلة.
كنا جميعا وفي إطار التنافس الإيجابي نحرص على تدعيم نقاط تشكيلاتنا خلال المعارك وعلى هذا الأساس كانت النواحي تتبارى في أسر الضباط والجنود وجلب الغنائم ولم يكن أولئك الجنود في الواقع يعنون لنا أكثر من مجرد نقاط على سلم العمل القتالي.
بعد أن تلاشى غبار القذائف عن تلك السيارة ظهرت كمن يحاول الهروب نحو الغرب وعلى الفور تبعتها سيارات الناحية الثالثة التي كانت تراقب ذلك المشهد, ولم تدم تلك المطاردة طويلا فقد كانت السيارة المعادية تبدو معطوبة,وبعد وقت وجيز كانت سيارة تويوتا تحمل رشاش 23 ملم وسيارة لاندروفير تحمل رشاش 14.5 فردي تحيطان بتلك السيارة التي كان حظ ركابها على وشك النفاذ.
حاول المقاتلون إيقاف السيارة الهاربة ومحاصرتها وفجأة ظهرت كتيبة من مدرعات AML90 المغربية كانت فيما يبدو تحاول الوصول إلى تلك السيارة المطاردة لكن تدخل قواذف الفاگوت التابعة للناحية الثالثة أرغم كتيبة المدرعات المغربية على التراجع, وفي نفس هذا الوقت تقريبا وبعد رفض السيارة المعادية للتوقف أطلق المقاتلون نيران أسلحتهم مستهدفين عجلاتها الخلفية التي تحولت بشكل سريع إلى شظايا ممزقة ومع ذلك ظلت تلك المجموعة السيئة الحظ تحاول النجاة, ومع إصرار المقاتلين على أسر أولئك الجنود كان لابد من إستهدافهم بشكل مباشر وبعد لحظات قليلة توقفت السيارة المعادية تماما, وعلى الفور كانت سيارة تويوتا FG 45 الصحراوية تقف على بعد أمتار منها وفوهات 23 ملم تسد منافذ النجاة, وبعد لحظات قليلة وصلت سيارة لاندروفير وأحاط المقاتلون بتلك السيارة التي كانت ثقوب الرصاص تغطيها, ومباشرة وقع كل ركابها في الأسر.
نزع أحد المقاتلين عجلات السيارة الأمامية ومحطة الاتصال الكبيرة التي كانت تحملها وبعض الوثائق والأسلحة الفردية وهم رفاقه بإشعال النار في السيارة المغربية وفجأة صرخ أحد الجنود المغاربة الأسرى قائلا: هذا هو العقيد لعبيدي عبد السلام قائد الراجمة الثالثة, وبشكل سريع تم وضع العقيد وجنوده الأسرى داخل سيارة تويوتا قرب قاعدة رشاش 23 ملم, وبعد وقت قليل تم إخراجهم من المعركة.
وفي نفس هذا الوقت تقريبا كانت الكتيبتان الأولى والثانية من الفيلق الرابع تشددان الخناق على القاعدة الرئيسية التي كانت قد بدأت تتحول إلى أنقاض وألسنة اللهب تأكلها من كل جانب .
كان مشاة فيلقنا يحيطون بالناقلات ويقاتلون إلى جانبها وفجأة أصيب عبداتي ولد الراحل من الكتيبة الثانية وسقط شهيدا وبعد وقت وجيز أصيب معط اللا ولد محمد سيد أحمد و حسنة ولد عالي ولد هدو من الفيلق السابع عشر وسقطا شهيدين, ومع مرورالوقت أصيب محمدو ولد أعلي طالب والصالح باب والناجم آگميني بجراح طفيفة.
كان القتال لازال ضاريا داخل محيط تلك القاعدة الضخمة التي تحيط بها ناقلات BMP ويحاصرها الرجال من كل الاتجاهات وفجأة أصيب قائد فيلقنا سيدي ولد عثمان ولد أحمد لبراهيم إصابة بليغة وهو يقف في برج آمر ناقلة السيطرة وعلى الفور لحق بركب الشهداء.
كانت الأحداث تجري بشكل متسارع والمعركة تسير نحو نهايتها وبشكل آلي إستلم قائد الكتيبة الأولى قيادة الفيلق و أمطر الشباب تلك القاعدة المشؤومة بوابل من الرصاص والقذائف,وقبل نهاية المعركة بدقائق قليلة أصيبت ناقلتنا بصاروخ دراگون واشتعلت فيها النيران.
كنا نحيط بتلك الناقلة عندما أصيبت كعادتنا دائما أثناء القتال وتسببت الشظايا التي أحدثها الانفجار في إصابة مجموعة من فصيلتنا إصابات متفاوتة , وشاءت الأقدار أن أكون هذه المرة بين المصابين, وبعد وقت وجيز صدر أمر الانسحاب ومباشرة تم إجلاء الجرحى خارج المعركة.
كانت السرية الخامسة التابعة للفيلق الرابع لازالت تحرس ثغرة العبور ورغم تعرضها لقصف مدفعية العدو بقيت تلك الكتيبة المتمرسة متمسكة بموقعها حتى النهاية وقبل الانسحاب بقليل سقطت قذائف بين سياراتهم جرح على إثرها لبيهي ولد أمبيريك والناجم ولد المهدي ولد أبريكة.
كانت القيادة العسكرية قد قررت أن تنسحب الناحية الأولى أولا بسبب نفاذ ذخيرتها بعد كل تلك المواجهات التي خاضتها منذ الفجر, وفعلا إنسحبت تلك الناحية الجديرة بالاحترام ثم تبعتها الناحية السابعة و تأخرت الناحية الثالثة لتؤمن إنسحاب الناحيتين,وعندما همت بالانسحاب كانت النجدات المغربية قد وصلت إلى نقطة قريبة من ثغرة العبور وعلى الفور حدثت معركة ضارية قرب الثغرة ورغم ذلك تمكنت الناحية الثالثة من الانسحاب تحت النيران.
في الوقت الذي كانت فيه الناحية الثالثة تقاتل حول الثغرة تأخرت خمس سيارات خلف الحزام وعندما إقتربوا من الثغرة وتأكدوا من أن العدو قد وصل إليها إلتفوا جميعا نحو الجنوب وإقتحموا الجدار مباشرة وتمكنوا من تجاوزه بصعوبة , وفي تلك اللحظة بالذات قرر عمار ولد أحمد سالم قائد سيارة B10 التوجه نحو حشد من الآليات كان يوجد شرق الجدار فيما واصلت السيارات الأربعة الأخرى طريقها نحو الشرق, كان طاقم تلك السيارة يعتقد أن ذلك الحشد قوات صديقة بسبب وجودهم شرق الجدار وعندما إقتربوا وتبينت لهم شاحنات GMC التي يستعملها الجيش المغربي بكثرة كان الأوان قد فات للتراجع, ورغم ذلك حاولوا التملص من ذلك الموقف الصعب لكن سيارتهم أصيبت بصاروخ RBG7 وعلى الفور إستشهد سائقهم ووقع الآخرون في الأسر.
بعد نهاية المعركة توجه الفيلق الرابع مباشرة نحو منطقة أگراير لبيار وتم دفن شهداء فيلقنا في تلك المنطقة ثم توجه الفيلق مساء نفس اليوم نحو منطقة لگطيطيرة.
عندما وصلنا إلى نقطة إستقبال الجرحى الأمامية كان الأطباء والمقاتلون التابعون للصحة العسكرية يعالجون الجرحى تحت شجرة طلح جنوب آميگيز ورغم الدماء والألم والعطش البالغ كان الرجال الجرحى ينتظرون دورهم في العلاج بصمت.
وفجأة توقفت سيارتان تابعتان للناحية الثالثة وبشكل سريع ترجلت مجموعة من المقاتلين الذين كانوا يحملون جريحا تغطيه الدماء, وعلى الفور سلموا ذلك الجريح للطبيب العام ثم تبادلوا معه كلمات قليلة وتوجهوا مباشرة نحو سياراتهم وانطلقوا نحو الغرب.
كان واضحا أن ذلك الجريح أسير مغربي من خلال ملابسه ويبدو أنه كان مصاب على مستوى الظهر والبطن وكانت رجله تبدو مكسورة, كان رجلا في منتصف العمر يرتدي زيا أخضر فاتحا , تحدث قليلا بالفرنسية وبعض الدارجة المغربية , وطبعا لم نفهم ما قاله رغم قرب المسافة.
كنا لازلنا ننتظر دورنا في العلاج عندما قال أحد الأطباء أن ذلك الأسير الجريح هو العقيد لعبيدي عبد السلام قائد الراجمة الثالثة.
بذل الأطباء الصحراويون جهودا كبيرة من أجل إنقاذ حياة ذلك العقيد الجريح ورغم كل محاولاتهم مات ذلك العقيد الشهير تحت شجرة طلح جنوب آميگيز.
بعد أن تمت معالجة الجرحى إنطلقت بنا السيارات مباشرة في رحلة العودة نحو مستشفى الشهيد بلة أحمد زين البعيد جدا, وخلال كل مراحل تلك الرحلة لم تتوقف السيارات إلا في بعض الحالات الخاصة التي كان الأطباء المرافقون يرونها ضرورية لتغيير ضمادات الجرحى.
مساء يوم المعركة كنا نجتاز منطقة لعريݣ الوعرة وتوقفت بنا السيارات لمعاينة وضع الجرحى ويبدو أن أحد سائقي السيارات كان يحمل مذياعا وفي تلك الدقائق القليلة إرتفع صوت الموسيقى العسكرية معلنة تباشير ملحمة أم الدݣن, ومع إرتفاع دوي الموسيقى العسكرية المميز ساد صمت مطبق, وقرأ المذيع البلاغ العسكري التالي:
تدمير رأس حربة جيش الاحتلال.
صنع أسود جيش التحرير الشعبي الصحراوي يوم 16 سبتمبر 1988 بمنطقة أم الدگن قطاع أم أدريݣة ملحمة جديدة ورائعة إستهدفت واحدة من أهم قلاع الغزو الملكي, اللواء الثالث للمشاة المحمولة من القوات المغربية التي حول المقاتلون الصحراويون معظمها إلى أشلاء هائمة يعوزها التماسك وتسودها الفوضى , محطمة الرأس مكسورة القوائم خلال هجوم مظفر نفذته وحدات باسلة من جيشنا المقدام بدأ من الساعة الخامسة فجرا إلى غاية التاسعة صباحا.
وأثناء هذا الهجوم المظفر تحولت أجزاء كبيرة من الجدران المغربية إلى جحيم ونار تحت أقدام الغزاة على جبهة طولها 15 كلمترا وبعمق تجاوز 10 كلمترات وراء تحصينات العدو .
وهكذا تمكن المقاتلون الصحراويون المعززون بالإيمان بحتمية النصر وشرعية الهدف من إلحاق خسائر فادحة بالقوات المغربية نذكر منها:
- تدمير الجمهرة الثانية من الراجمة الثالثة.
- قتل وجرح ما يزيد على 200 جندي وضابط صف من بينهم النقيب الحافظي سيدي الملياني قائد الجمهرة الثانية من اللواء الثالث.
- إحتلال قاعدتين وتدمير قاعدة أخرى.
- تدمير مدفعين عيار 155 ملم ذاتي الحركة.
- حرق 06 مصفحات AML90.
- حرق وتدمير أكثر من 25 سيارة من نوع LANDROVER.
- حرق 23 سيارة TOYOTA.
- حرق 08 شاحنات مابين GMC و PICASSO.
- حرق 04 شاحنات ONIMOG.
- تدمير 30 رشاشا متوسطا 12,7 ملم.
- حرق 08 رشاشات من نوع 14,5 و23 ملم.
- حرق 04 هاونات 120 ملم.
- تدمير قاعدتين لإطلاق الصواريخ.
- حرق 04 مستودعات للذخيرة.
وتمكن المقاتلون الصحراويون من غنم وسائل العدو التالية:
- 30 سلاح أكلاشينكوف.
- 15 سلاح فال.
-12 رشاش 12,7 ملم.
-06 رشاش MAG.
- 02 هاون عيار 120 ملم.
- 02هاون عيار 81 ملم.
- 04 قواذف لاطلاق الصواريخ.
- قاذفتان لإطلاق صواريخ أدراكون.
- قاعدة لاطلاق صواريخ طاو.
- 02 ستريلا مضادة للطائرات.
- 06 سيارات LANDROVER.
- 03 سيارات TOYOTA.
- وخلال هذه الملحمة التاريخية تم أسر العقيد لعبيدي عبد السلام قائد الراجمة الثالثة الذي توفي متأثرا بجراحه,والنقيب الراگراݣي عبد الهادي قائد الكوكبة الرابعة إضافة الى 24 جنديا وضابط صف.
بعد نهاية البلاغ العسكري كان أولئك الجرحى يشعرون بالفخر, فقد تم أخيرا تدمير تلك الراجمة التي كان الحسن الثاني يعتبرها إيقونة جيشه وسيتأكد الضباط والجنود المغاربة بعد يوم أم أدگن أن راجماتهم ستبقى دائما ضعيفة أمام هجوم الفجر الصحراوي.
مساء يوم 18 سبتمبر1988 توقفت بنا السيارات داخل باحة مستشفى الشهيد بلة أحمد زين العسكري الذي كان يبدو في تلك الأيام كخلية نحل,وبعد أيام قليلة كان النقيب الرݣراگي عبد الهادي الذي يخضع للعلاج في نفس المستشفى يعقد ندوة صحفية حضرها العديد من الصحافة الدولية التي جاءت لمعاينة نتائج معركة أم أدگن,وخلال هذه الندوة قال النقيب المغربي الجريح:
لقد كانت معركة أم أدگن ضارية ومن أشد المعارك التي شهدتها في الصحراء الغربية منذ أن دخلتها سنة 1981 رغم كثرت المعارك التي شاركت فيها,ذلك أن راجمتنا الثالثة شاركت في بناء كل الجدران الدفاعية ماعدا المثلث النافع.
- وعن الظروف التي أسر فيها لعبيدي عبد السلام قال الرگراگي عبد الهادي:
بعد لحظات من بدء إطلاق النار أصيب قائد راجمتنا بجراح خطيرة في ظهره , فحاولت الفرار به لكن وحدة صحراوية إعترضت طريقنا وتبادلنا معها إطلاق النار وعلى إثر ذلك أصبت بجراح كما أصيبت سيارتنا بأعطاب فوقعنا جميعا في يد القوات الصحراوية على بعد 04 كلمترات غرب الجدار,وتم إخراجنا من المعركة وكان بصحبتنا ضابط الإتصال وسائق السيارة,ورغم العناية التي قدمها المقاتلون الصحراويون للعقيد إلا أنه توفي في حدود الساعة التاسعة والنصف صباحا.
صباح يوم 22 سبتمبر1988 عقد الشهيد محمد عبد العزيز ندوة صحفية حضرها عدد من مراسلي وكالات الأنباء الدولية, وأمام كل الحاضرين أكد الأمين العام للجبهة أن هناك مساعي يقوم بها الأمين العام الأممي خافيير بيريز دكويلار بالتنسيق مع منظمة الوحدة الإفريقية من أجل إحلال السلام في الصحراء الغربية وقد وصلت هذه المساعي إلى مرحلة متقدمة تجسدت في تقديم مقترحات لطرفي النزاع جبهة البوليساريو والمغرب, والتي تم الرد عليها بالإيجاب من حيث المبدأ.
كانت الحرب قد بدأت تدخل منعطفا جديدا ودور السياسة قد بدأ يتقدم وطبعا كانت تلك الأيام حبلى بالأحداث والتطورات.
وبعد أسابيع قليلة كان الصحراويون يحتفلون بالذكرى الثالثة عشر للوحدة الوطنية بولاية الداخلة وأمام جمع غفير أنشد الأديب بادي ولد محمد سالم قصيدته الشهيرة:
فَمْدًݣًنْ مَخَلْ بَيْ لَبْطَالْ أَهْلْ الْعَزِيمَة
جَابُو عَقِيدْ أَكْبِيرْ حَيْ وَأقْضَاوْ أعْلَ رَاجِيمَة.
يتبع...معركة الگلتة.
بقلم: الكاتب حمدي ميارة

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *