-->

من لا تاريخ له لا حاضر ولا مستقبل له.




قد نكون الشعب الوحيد الذي يفتخر بكون رجاله سقطوا شهداء لرفع راية الإسلام و طرد المستدمرين من أرضنا و حتى من أراضي جيراننا. لقد عرف أجدادنا بالغيرة على الشرف و مساعدة المظلوم و الضعيف.
من هذا المنطلق و حرصاً مني الدائم على تحري الحق و الإنصاف و الجهر به يدفعني إلى طرح تساؤلات أعترف أنها شائكة و مثيرة للجدل و مفتوحة على سوء الفهم و ربما سوء الظن. رغم ذلك إجدني مندفعاََ إلى طرح هذة التساؤلات رغم يقني بأنها قد تفتح عليّ."أبواب جحيم التخوين و القدح" التي قد يكون "أهونها" أتهامي بالقبلية... لكن ما يشفع لي و بنواياي كون العارفين بي يدركون أن وزاء حديثي قناعة راسخة و جدت ترجمتها في درب حياة بذلتها، غير نادم، دفاعاً عن هوية وطنية صحراوية و مشروع وطني جامع أعتبره إمتداد لما قدمه أجدادنا من تضحيات دفاعا عن الأرض و العرض حتى و إن خانها قصور في الوعي السياسي الذي حال دون تبلور عمل السلف في مشروع وطني، هو بالضبط ما ميز جهاد و نضال حاضرنا عن جهاد أسلافنا، لكن قصور السلف الذي نتفهمه تماما في سياقاته التاريخية و السياسية لا يمنحنا الحق في تسفيه تضحياتهم و لا نكرانها. لكن مداخلة أحد قيادي ثورتنا و "منظريها" دفعت بهذه التساؤلات المخبوءة، و غيرها إلى الواجهة.
و إذ أنني لست بصدد تقييم تلك المداخلة و لا الحكم عليها، إلا أن هجوم القيادي المعني الحاد و المتحامل على تاريخ الصحراويين ما قبل جبهة البوليساريو و تهجمه على ماضينا وربطه بالسلوكات السلبية لمجتمع القبيلة حصرا فرض علي ربط حديثه بقرارات و أحداث تستحضر القبيلة للإنتقام من الماضي و ممن ساهموا في صنع أمجاده بهدف تحقيق ما يشبه" التمييز الإيجابي" و توازن زائف لمصلحة مكونات لم يكن لها في الماضي القبلي نصيب! و تلك مفارقة تحمل مخاطر مستقبلية غير خافية لأن من صنعوا ذلك التاريخ بدمائهم الطاهرة الزكية هم من رسموا طريق الثورة و مهدوا الدرب للشهيد بصيري و للشهيد الولي وللحركة الوطنية التي انبثقت من رحمها جبهة البوليساريو.
و الغريب في الأمر و المحير هو أن هذا الهجوم أو التصريح جاء بعد نشر عطوان لمقابلة مع الرئيس الموريتاني التي لم يأت بجديد، لكن تصريح قائدنا تجعل من ما قاله عن رغبة الغرب حقيقة، فكيف يعقل وجود شعب من العدم كل تاريخه يبدأ من عقد سبعينيات القرن الماضي (1973م)؟. 
إنه بحديثه هذا يمنح المغرب و الغرب حجة تشكك في وجودنا كشعب و دولة : في ذلك السياق تحضرني التساؤلات التالية التي أرجو التفاعل معها بموضوعية لا تسقط في الذاتية ولا في التفسيرات السطحية، إذ الهدف نقد بناء يجمع بين إنصاف مرغوب و لا يلغي مصلحة عامة هي بالتأكيد مطلوبة.
١- هل كان لمغالاة المؤسسين في العداء للقبلية كمكون إجتماعي دور في إقصاء مكونات إجتماعية قبلية من مشهد إنجازات الثورة؟.
٢- هل تماهي إنكار تاريخ و ماضي أهل الصحراء في الجهاد و رد الأعداء و نصرة الدين و الدفاع عن الضيف و الجيران، هل تماهى مع إنتقام من ذلك التاريخ و من المساهمين فيه؟.
٣- هل تحولت الرغبة الجامحة في التأسيس لتاريخ ثوري من اللحظة "الصفر" إلى إنكار ماضي الصحراويين بالجملة؟.
٤- هل يمكن تفسير "إقصاء" لمكونات إجتماعية بعينها من التاريخ للثورة و محطاتها على ضوء ما سبق؟.
ملاحظة: لقد إسترعى إنتباه الكثيرين عدم تسمية مؤتمرات الجبهة ال ١٥ على أي من شهداء الثورة المنتمين إجتماعياََ لبعض تلك المكونات رغم أن منها قادة نواحي و قادة كتائب كثر سقطوا شهداء في جبهة البوليساريو.
كما أنني أخشى أن يأتي يوم يطل فيه علينا أحد قادتنا و يقول أنه لا شهداء و لا أسرى و لا وجود حتى لحرب مع النظام الداداهي الموريتاني. 
أعلم أن الموضوع شائك و قد يجر عليّ متاعب و إتهامات أنا في غنى عنها كما سبق و إن قلت. ومع ذلك إرتأيت التطرق إليه لمعالجته بشفافية و إنصاف حتى لا نستمر في "الطلي أعل لوبر" و أن يكون حاضرنا مرتبط بماضينا نفتخر بشهدائنا متى وأينما سقطوا، في موريتانيا، المغرب و الجزائر .. و في أية بقعة من أرض الله الواسعة.
وخير قول يقال عنهم هو ما جاء في كلام العلي القدير : "و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون" . صدق الله العظيم.
بقلم: النخ بدة.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *