يوم ترجل العظيم: حزن و عهد؛
كانت الساعة تشير عقاربها إلى 15:45 حين تلقت والدةِ حفظها الله إتصال من ولاية السمارة يقول فيها المتصل: الا أخبار الخير السلامة، الرئيس ماتلا سالم و دعاءكم له بالرحمة و المغفرة!!!
كنتُ وحيد في ذلك اليوم من صيف 2016 بمعية الوالدة الكريمة و لاحظت قبل أن تبوح بمضمون الإتصال أن الوجه بدأت عليه معالم الحزن، نعم حزن عميق، حزن كلفها عناء حتى التلفظ بمضمون الإتصال، فساءلتها مسرعا: أنت لباس؟ و كان الجواب الصاعقة حينها: محمد عبد العزيز ماتلى سالم!
لا اخفيكم أن الإيمان بقضاء الله و قدره، ركيزة يجب على المؤمن المسلم التسليم بها، غير أن لحظة وصول الخبر: شككت فيه داخليا، رغم علمي بوضع الشهيد محمد عبد العزيز الصحي المتدهور و غير ذلك من الأخبار المتداولة في اوساطنا عن حالته: تارة متفائلة و في اخرى محملة بخطورة حالة الرجل و إن العلاج بات مستحيلا، و أول الصور التي غفزت من رفوف الذاكرة، هي بزة الرجل العسكرية و لثامه و خطاباتها المحفزة و المتفائلة دوما.
تحدث رئيس المجلس الوطني، و خليفة الراحل المؤقت دستوريا الأخ خطري ادوه، عن الخبر من خلال بيان اذاعته و بثته وسائل الإعلام الوطنية، عن رحيل النجم الذي أضاء درب كل الصحراويين طيلة عقود عدة جمعت بين ظرفية الحرب و مسالك السلم، و لم يتزعزع ذاك الجبل رغم عظم امواج البحر الذي قاد فيه الرجل السفينة.
حب الشعب و شغفه بالقائد الشهيد لم تكلف معرفته البدء في عمل سبر الآراء و لا بعث استبيان حول الحدث، بل جسدته جموع الصحراويين بكل بقاع الارض: عشرات الآلاف بمخيمات العزة والكرامة يستقبلون جثمانه على حافات الطرقات لإلقاء النظرة الأخيرة، سكان الأرض المحتلة خرجوا عن بكرة أبيهم في مظاهرات تحمل صور الراحل و تتغنى بامجاده، الجاليات و المهجر عجلت بتجمعات بالسفارات و القنصليات و التمثيليات يمجدون مناقب الرجل و يشهدون له بجميل الخصال و عظم التضحيات.
الشهيد محمد عبد العزيز حسب الرؤية الصحراوية ليس ذاك القائد السياسي أو العسكري فحسب، بل جمع الراحل بين خصال القائد الملهم و مواصفات الإنسان الطيب، فأخذ من التواضع موضع عزتا ومن الشهامة كان له المكان المرتفع، يرى كل شعبه رحم وصله واجب ، يعد المريض و يزور القعيد و يصل ام الفقيد و زوجة الشهيد، و ذاك أكساه حلة الاحترام فتلاه جبرا التقدير و تعدى بذاك عندنا صفة السياسة رئيسا ليكتسب وسام الملهم و القائد الحريسة.
اليوم ذكرى رحيل الروح عن الجسد، و فكرك يا شهيد مبدأ شرف عندنا وعهدك ميثاق لن يستبدل، فنم قرير العين و تأكد أن الخلف لن يفرط بعهد السلف باذن الله.
رحمه الله الشهيد الرئيس محمد عبد العزيز، و كافة شهداء الثورة و الوطن.
الشيخ لكبير مصطفى سيد البشير.