-->

كوهلر و اسباب الاستقالة الحقيقية


بقلم الاستاذ :خطري الزين
كنت قد كتبت في مقال سابق حول انتهاء مهام روس او استقالته المتأخرة، انه بالرغم من المساعي التي بذلها سيصطدم حتما بجدار التعنت المغربي، و سيكون مآله الاستقالة او الفشل و الانسحاب كما فعل فالسوم، اعيد نفس الاستنتاج مع كوهلر، الذي اخذ الملف بدون معرفة مسبقة بخلفية النزاع، لكنه بدا متحمسا لفعل شيء يحسب له دبلوماسيا و تاريخيا و مصرا على تحقيق شيء على الارض.
تعلمنا في عالم السباقات ليس من ينطلق مسرعا يصل اولا ، هذا ما ينطبق على الجهود و المساعي التي قادها كوهلر لمدة عامين، حيث كثف الاتصالات بالطرفين، و عززها باللقاءات التشاورية شملت العديد من شرائح و فئات المجتمع بالمناطق المحتلة و مخيمات اللاجئين، و زار مختلف العواصم المؤثرة و صاحبة القرار في موضوع النزاع، و استمع الى الاطراف الملاحظة و تقييم جهود الامم المتحدة و اسباب التعثر الحاصل، هذا الاخير الذي شكل عقدة المبعوثين السابقين، ما ان يصلوا الى الحقيقة ، حتى تبدأ الالة المغربية بالتحرك عكس التيار، محدثة جلبة من التشويش و ضوضاء تصم اذان المبعوثين، و لا يقوى على الاعتراف منهم الا ذو مُثل و اخلاق سياسية عالية، و يؤمن بالإنصاف و التصريح بالحقائق، فكوهلر من باب خلفيته كرئيس سابق ، لا يعير اي اهتمام للأوامر، و لم يلتفت للانفعالات المفتعلة و اوامر الملك المفترس، خلافا للمبعوثين السابقين من صنف السفراء و الوزراء، و آثر التحدي و الاصرار الالماني، الذي لا يعرف المستحيل، و دخل بالطرفين الى جولة محادثات او ما اصطلح عليه الطاولة المستديرة، تطبيقا لقرار مجلس الامن، ولم يبق على مرجعيات و قرارات الامم المتحدة لوحدها، بل اعاد اشراك المنظمة القارية- الاتحاد الافريقي- في اشارة الى العودة الى اصل مخطط التسوية الاممي، الافريقي.
المقاربة الجديدة لم ترق للمحتل المغربي، و بدأ يزرع الشوك و الفخاخ في طريق كوهلر، و يلوح عبر تصريحاته بأن مرجعية الحل تنبع من الامم المتحدة، و لا مجال لادخال الاتحاد الافريقي في النزاع، لاحساسه بأن التأثير الافريقي بدأ يتنامى و يزداد قوة، و يتبنى مواقف متقدمة حيال النزاع، فضلا عن تحالفاته و شراكاته المتعددة، التي فتحت المجال له، ليكون محاورا رئيسيا بإسم دوله، مما جعله مساهما فعالا في فض النزاعات بحد ذاته، او شريكا مع اطراف دولية اخرى، و لما كان التأثير الافريقي في القضية الصحراوية شيئا لا مناص منه، و محل اجماع، جعل كوهلر منه رافعة اساسية، يمكن ان تساهم مع الامم المتحدة في ايجاد حل، خصوصا مع تواجد الطرفين داخل نفس الهيئة، من هنا اصبح المغرب ينظر الى كوهلر بعين الريبة و الشك، و يتوجس من تحركاته، بدون ان يرد عليها، لكي لا يتخذ مواقف منه مثل ما فعل مع روس و يفشل، تولت فرنسا الدور العملي عن ربيبتها و عرقلت تقدم كوهلر، لكي لا يتعاظم دور لالمانيا حتى و ان كان من مبعوث اممي، كأنها اصبحت تنظر لالمانيا كمناسف جيوستراتيجي لها، و بطبيعة الماكنة الالمانية، لم يلتفت كوهلر الى الوراء، و نظم جولة ثانية من المحادثات، و يقدم تقريرا لمجلس الامن، عقبه تقرير غوتيريش، الذي اشار الى انتهاكات المغرب لوقف اطلاق النار، مما يقوض فرص السلام في المنطقة، من هنا بدت مؤشرات الاحباط بادية على كوهلر في اول امتحان تحمل له، فلم يصل رغم سرعة الخطوات.
فرنسا غريم المانيا التاريخي .......و عدو الصحراويين الازلي
اذا اردنا ان نعرف قوة المغرب ، فننظر الى دور فرنسا دوليا، ففرنسا هي التي اشرفت على الحرب ضد الصحراويين، و هي التي اشرفت بلغتها- مينورسو- على السلام المزعوم في المنطقة، هي التي ترجع لها صياغة قرارات مجلس الامن، فرنسا اذا هي التي تعين المبعوثين بمباركتها و هي التي تعرقلهم بإرادتها، و لان النزاع يعني الشعب الصحراوي، لا تزال ذاكرة فرنسا تحتفظ بذكريات اليمة مع المقاومة الصحراوية، و تعاقبنا بذنب المقاومة، كما عوقبت المانيا بدفع تعويضات عرفت حينها "بعقوبات ذنب الحرب"، و لما شاءت الصدف ان يكون المبعوث المانيا، كان عقابا انتقاميا مزدوجا، فمادامت فرنسا لم تتحرر من عقدتها ستبقى تصادر حلمنا، و تتعقب المانيا أنى اتجهت.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *