-->

رمضان و حال بعض شبابنا فيه...


*بقلم : الشيخ لكبير / محمد البخاري*
- يرتابك شعور عندما تكتب عن حال الفئة الشبانية في شهر رمضان على ورقة ناصعة البياض ، و تشرع حينها في التفكير على أن تلك الورقة قد يتحول لونها من بياض إلى سواد بمجرد أن تكتب عليها حروفا هجائية لتعطي لك كلمات ومن ثم جُملا مفيدة أو غير مفيدة، و فجأة بين الحين و اﻷخر تصبح سوداء ، و قبل أن تسودّ تلك الورقة كان الكل يتمنى لو يكون مثلها في البياض الذي يشبه صفاء النفوس ، أما السواد فممقوت و قرين للخبث و الجفاء ، فحالها كحال شبابنا اليوم مع شهر رمضان الكريم ، فنمهم كالورقة الناصعة البياض و منهم دون ذلك و منهم كالورقة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء ، تلك أحوال قلوبهم ، و على كل حال فشبابنا ينقسم في هذا الشهر المبارك إلى فئات عدة أذكر بعضا منها على عجالة من أمري ، *فمن تكن تلك الفئات ياترى ؟ و ما حالهم في رمضان ؟*
قبيل أن يهل شهر الخير و البركات بأيام معدودات، تبدأ الفئة الأولى من شبابنا بالتحضير له ماديا و معنويا ، يحضرون دوروسهم العلمية الخاصة برمضان و كل واحد منهم يهنئ صاحبه بقدوم الضيف الكريم، و يكثرون بقولهم : *( اللهم بلغنا رمضان )* ، يبدأ رمضان و هم في كامل تحضيرهم له ، و ما إن أوشك شهر رمضان على الانتهاء إلا و ترى سِيم وجوههم ناصعة البياض من أثر السجود و من خشوعهم لله الواحد القهار من خلال صيامهم و قيامهم في امتثال أوامر الله في هذا الشهر الكريم على أكمل وجه ، ممتثلين قول رسول الله صلى الله عليه و سلم : *((من صام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر ))*رواه البخاري ، و متمسكين بسنة المصطفى من خلال حضورهم للجماعة و الجمعة في بيوت الله التي أذن أن يذكر فيها اسمه ، أسأل الله العظيم أن يوفقهم و يتقبل منهم صالح أعمالهم.
أما *الفئة الثانية* فيبدأ رمضان و هم مذبذين بين ذلك لا إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء، لا هم من الفئة الأولى و لا هم من الفئة الثالثة ، يصومون النهار و هم سكارى ، بسبب نومهم العميق الذي تحسبهم أيقاظا فيه و هم رقود ، يستبدلون ليلهم بنهارهم ، يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، ﻻ ترأهم في صلاة إلا صلاة الجمعة و هم كسالى يرآؤون الناس و ﻻ يذكرون الله إﻻ قليلا ، *فإي صوم هذا بالله عليكم ؟* ألا تعقلون أم على قلوب أقفالها ، لينتهي رمضان وهم في نفس الحال نسأل الله لهم السلامة و العافية و أن يهديهم و يصلح بالهم.
و أما *الفئة الثالثة* فلا صيام و ﻻ قيام كأن الأمر لا يعنيهم ، أما الصلاة فتارة تقام و تارة أخرى تنسى ، يجاهرون بالمعصية بيننا و كأننا غير موجودين متجاهلين قول الرسول صلى الله عليه و سلم *(( أشد الناس عذابا يوم القيام المجاهرون بالمعصية ))* رواه البخاري، والمجاهرون بالمعصية هم من الذين يشيعون الفاحشة في الذي امنوا المتوعدون بالعذاب، ودليله قوله جلّ وعلا *(( إن الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين امنوا لهم عذاب أليم في الدينا و اﻷخرة ))*، يشربون و يأكلون و يتمتعون كما تتمتمع الأنعام، أفلا يعظمون شعائر الله التي هي من تقوى القلوب؟ ، أم نسوا فاطر السموات و اﻷرض الذي خلقهم من نطفة ثم من علقة ثم من مضقة مخلقة و غير مخلقة؟ ، و الغريب في الأمر أن ليس لديهم أي عذر شرعي يمنعهم من الصيام ، يأكلون رمضان و هم في أصح الأبدان ، سوف يأتيكم يوم تندومون على ما فرطتم في أيام شبابكم ، نسأل الله لكم الهداية و السلامة و النجاة من النار.
و في اﻷخير يا معشر الشباب اتقوا الله حق التقوى ، و اعلموا علم اليقين أنما هذه الدنيا لعب و لهو و زينة و تفاخر في الأموال و الأنفس و الأولاد ، و أنما هي أعمالكم توفى إليكم من عمل خيرا فالحمدلله و من أساء فعليها و لا تزر وازرة و زر أخرى ، و هناك باب مفتوح من أراد منكم أن يدخله قبل فوات الآوان ألا و هو باب التوبة قال تعالى *(( إنما التوبة على الله للذبن يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب ))* و قول تعالى *(( و ليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني توبت الآن ))* و قال الرسول صلى الله عليه و سلم :
*(( باب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها ))*. فبادروا بفتح هذا الباب قبل يوم الحساب يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *