-->

"طوارئ غير معلنة" وانقطاع تام للإنترنت.. ما الذي يجري في موريتانيا؟


تعيش موريتانيا منذ ثلاثة أيام ما وصفه البعض بحالة من "الظلام الرقمي"، بعد قطع الإنترنت بشكل كامل عن عموم البلاد ضمن إجراءات اتخذتها السلطات الحاكمة بعد رفض مرشحي المعارضة نتائج الانتخابات الرئاسية التي نظمت السبت الماضي.
وكانت خدمة الإنترنت قطعت أولا عن الهواتف المحمولة يوما واحدا بعد الانتخابات، ثم قطعت لاحقا وبشكل كامل عن عموم البلاد بعد احتجاجات شهدتها عدة مقاطعات داخل وخارج العاصمة رفضا لنتائج الانتخابات.
وحصل مرشح الأغلبية الحاكمة محمد ولد الغزواني -رفيق سلاح الرئيس المنتهية ولايته ولد عبد العزيز- على نسبة 52.01% من الأصوات، وفقا لما أعلنته لجنة الانتخابات الوطنية، متقدّمًا على عدد من المرشحين، بينهم بيرام ولد الداه اعبيدي (18.58%) ورئيس الوزراء الأسبق سيدي محمد ولد بوبكر (17.87%)، وكان حاميدو بابا (8.71%)، والمرشح ولد محمد ولد مولود الذي حصل على أقل من 3%.
بيد أن هذه النتائج كانت محل رفض من مرشحي المعارضة، وأدت إلى اندلاع احتجاجات في مناطق عديدة، اتخذت لاحقا طابعا عنيفا بعد حرق ونهب ممتلكات وقطع طرقات، وواجهتها السلطات بقمع متواصل، وشنت حملة اعتقالات قالت إنها طالت مئة من الأجانب من دول أفريقية مجاورة، كما اعتقلت بعض القادة والنشطاء السياسيين الزنوج مثل رئيس حركة تحرير الزنوج الموريتانيين صمبا تيام.
أسئلة بلا إجابات
لم تقدم الحكومة الموريتانية حتى الآن أي أسباب أو مبررات لقطع خدمة الإنترنت بشكل كامل عن جميع أرجاء البلاد، خاصة أن إجراء كهذا لم يتخذ في فترات سابقة وكانت أحلك وأصعب، وهو ما أثار استغرابا واستنكارا واسعين في الشارع الموريتاني.
وبينما تتحدث الأنباء الواردة من البلاد عن حالة استقرار في الشارع وهدوء في جميع مدن البلاد، دفعت الأجهزة الأمنية والعسكرية بقوات كبيرة ومعدات عسكرية كثيرة إلى الشوارع، وانتشرت وحدات من الجيش والدرك والشرطة في مختلف أحياء العاصمة نواكشوط وبعض مدن الداخل.
ولا يعرف الموريتانيون حتى الآن سببا حقيقيا ومقنعا لحالة الاستنفار التي تعيشها البلاد، فقد تعودت الطبقة السياسية في البلاد على تشكيك المعارضة في نتائج عدد من الاستحقاقات الانتخابية ورفضها إلى حين، ولكنها المرة الأولى التي تتحدث فيها السلطات عن مكيدة خارجية تستهدف تهييج الشارع وضرب أمن واستقرار البلاد.
آخر جرائم عزيز هو قطعه الانترنت عن موريتانيا للحيلولة دون حصول مواطنيها على المعلومة و بحثها عن الحقيقة.
كما أنها المرة الأولى التي ألقي فيها القبض على هذا العدد (نحو مئة شخص)، وتقول السلطات إنهم أجانب استخدموا في هذا المخطط الذي يستهدف زعزعة استقرار البلاد عن طريق إثارة أعمال شغب ونهب بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت السبت الماضي.
ورغم أن وزير الداخلية الموريتاني أحمد ولد عبد الله أكد أن ما وصفه بالمخطط -الذي قامت به أياد أجنبية بالتنسيق مع أحد المرشحين (لم يذكر اسمه) بهدف تهييج الشارع لارتكاب أعمال عنف وتخريب أدت إلى نهب وتدمير ممتلكات بعض المواطنين الآمنين- أحبط، وتمت السيطرة على الأوضاع الأمنية بشكل كامل؛ فإن حالة الاستنفار ما زالت على أشدها، وما زالت الإنترنت مقطوعة عن الجميع.
كما استدعت وزارة الخارجية الموريتانية أيضا سفراء كل من السنغال ومالي وغامبيا. وقال وزير الخارجية الموريتانية إسماعيل ولد الشيخ أحمد للتلفزيون الموريتاني إنه أبلغ السفراء الثلاثة بوجود موقوفين من بلدانهم خلال حملة اعتقالات شملت الذين شاركوا في ما وصفها بعمليات التهريب والنهب والفوضى التي شهدتها البلاد.
وبالتوازي مع ذلك، اتهم مرشحو المعارضة للانتخابات الرئاسية السلطات بإدخال البلاد في "حالة طوارئ غير معلنة" للتغطية على "عملية السطو الانتخابية"، وقدموا طعونا إلى المجلس الدستوري تطالب بتنظيم انتخابات جديدة.
وقال بيرام ولد الداه اعبيدي المرشح الذي حل ثانيا في الانتخابات الرئاسية خلال مؤتمر صحفي مشترك مع المرشحين المعارضين إنّه "لا شيء يبرر حالة الطوارئ غير المعلنة".
واتهم اعبيدي النظام بـ"وضع الموريتانيين ضدّ بعضهم البعض للتغطية على عملية السطو والانقلاب الانتخابيين"، في إشارة إلى توقيف عدد من المتظاهرين الموريتانيين من أصول أفريقية في المناطق الحدودية مع السنغال ومالي.
من جانبه، تحدث المرشح كان حاميدو بابا عن "سعي النظام الموريتاني إلى تحويل التنافس الانتخابي إلى صراع عرقي من خلال استهداف مكون واحد من مكونات الشعب الموريتاني بالاعتقال وبث الإشاعات المحرضة على النعرات العرقية"، وفق ما نقلته مواقع موريتانية.
اقطعوا الكهرباء أيضا
وأطلق مدونون موريتانيون في الخارج وسما على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بعنوان #موريتانيا_بلا_إنترنت، انتقدوا فيه بشدة قطع شبكة الإنترنت عن عموم موريتانيا، واتهموا السلطات بافتعال أزمة من خلال قطع الإنترنت وتطبيق حالة طوارئ غير رسمية.
وكتب البرلماني محمد الأمين ولد سيدي مولود تحت هذا الوسم، معتبرا أن "من يقطع الإنترنت بحجة توفير الأمن عاجز، مثل من يقطع الكهرباء مخافة استخدامها في الصعق!"، واعتبر أن قطع الإنترنت يمثل مؤشرا على الفشل الأمني، وينافي مبدأ الحق في الحصول على المعلومة.
وكتب المدون محمد فاضل احميلي قائلا إن "عقلية العسكر في عالمنا العربي لا تتغير، يأخذون الشعوب رهائن عندما يتعكّر مزاج أحد جنرالاتهم، لا يأبهون بحق ولا يحترمون قانونا".
وعلق المدون زيدان إبراهيم بالقول "التلفزيون الرسمي يدبّجُ أربعة تقارير مفصلة تخللتها أكثر من عشرين شهادة من مواطنين عن استباب الأمن وعودة الأمور إلى مجراها، ومع ذلك يستمر انقطاع الإنترنت دون أبسط تفسير أو تبرير".
الأمر لا يمكن اختزاله في قطع الانترنت لأن الحياة بدونها ممكنة. 
الأمر أعمق من ذلك بكونه يطرح من جديد إشكالية الوصاية التي تفرضها الدولة -بوصفها العاقلة- على الشعب-بصفته البهيمية-. 
والجميع تنطلي عليه الخدعة ويمنح الدولة تفويضا مطلقا لممارسة العنف المادي والمعنوي وفق مزاج السلطة
واعتبر مدون آخر هو محمد هيبه أن منطق قطع الإنترنت يعني أنه "تجب مصادرة كل السكر الموجود في موريتانيا لأنه يسبب السكري، كما يجب إتلاف كل أنواع الزيوت لأنها تسبب أمراض القلب، ولماذا لا يقطع التيار الكهربائي لأنه يسبب الصعق والحرائق".
المصدر : الجزيرة + وكالات

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *