-->

خروج الآلاف من طلبة الطب المغاربة في مسيرة حاشدة في الرباط ومنظمات دولية تدخل على الخط


خرج بالعاصمة المغربية الرباط الآلاف من طلبة الطب الذين اختاروا الشارع لإيصال مطالبهم، ملبين دعوة «التنسيقية المغربية لطلبة الطب بالمغرب» بعد أن باءت حلول الحوار بالفشل بين أطباء الغد والحكومة المغربية، بعدما قوبلت جهود الوساطة بتصعيد في الاحتجاجات.
وتوافد الآلاف من طلبة الطب، منتصف الخميس، أمام مقر وزارة الصحة المغربية، حيث عقدوا العزم على الانطلاق بمسيرتهم من هناك، حاملين ملصقات ولافتات ومرتدين وزراتهم البيضاء، بعدما استجابت لنداء المسيرة كل كليات الطب بالمغرب ورافقهم عشرات الآباء ممن صاروا يعقدون اجتماعات لمساندة أبنائهم، حيث انتهت المسيرة أمام مبنى البرلمان بقلب المدينة، معلنة عدم التراجع عن خيار مقاطعة الدروس والاحتجاج إلى غاية تسوية مطالبهم.
وعنون طلبة الطب لافتة لهم بـ»سنة بيضاء لا ترهبنا، بل يرهبنا مستقبل أسود»، مرددين «لا صحة لا تعليم، هذا مغرب الفقر والبؤس»، وشعارات تطالب بتحصين التعليم العمومي «لا، لا للخوصصة» كان الشعار الأكثر ترديداً، فجوهر الأزمة في الأًصل هو صراع بين تعليم عمومي في مجال الطب وآخر خاص حديث الولادة ويأمل في تنامي أكثر.
وتتمحور مطالب طلبة الطب أساساً حول تحسين شروط الدراسة والتكوين، سواء في كليات الطب أو داخل المراكز الاستشفائية، وتزويدها بالمعدات اللازمة للتحصيل العلمي، إلى جانب إلحاحهم على أن يخرج الإصلاح الموعود منذ سنة 2006 بخصوص إعادة هيكلة قطاع الطب إلى حيز الوجود، وينضاف إلى ذلك مطالبتهم بأن تتراجع الوزارة عن اعتزامها إضافة سنة دراسية أخرى في سنوات تكوين طلبة طب الأسنان لتصير ست سنوات عوض خمس. كما تعد كلية الطب الخاصة أحد مصادر الأزمة التي تم إنشاؤها قبل سنتين، ويرفض طلبة الطب في القطاع العمومي أن «ينافسهم» طلبتها في مراكز التدريب التابعة للمستشفيات العمومية ونقطة خلافية أخرى تتمثل في إجراء بخصوص التخصص، يقول المضربون، إن بموجبه سيتم إعطاء الأولوية للدارسين في القطاع الخاص، حيث يرفض المقاطعون أن يتم تمكين طلبة القطاع الخاص من إتمام سنوات التخصص، وهي أربع سنوات بعد التخرج العام «سبع سنوات» بالقطاع العام، قائلين إن الأمر سيكون فيه إخلال في تكافؤ الفرص لصالح خريجي القطاع الخاص، وسيحد من آفاق طلبة القطاع العام في حدود الشهادة العامة.
وبدأ طلبة الطب البالغ عددهم حوالي 18 ألف طالب وطالبة بمختلف كليات المغرب، مقاطعتهم للدروس من 25 آذار/ مارس المنصرم، وما زالت مستمرة، وهي المقاطعة التي يقول العديد من المتتبعين إنه لم يسبق أن عرفها تاريخ الطب في المغرب، وهي مرفوقة باعتصامات في الكليات، ويوم الخميس كانت أول مسيرة ممركزة بالرباط منذ بدء هذا الخلاف مع وزارة الصحة ووزارة التعليم، وهي رد على التصريحات الأخيرة للوزيرين في ندوة مشتركة يوم الأربعاء، حيث صرح أمزازي أن «المخاطب في ملف طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة لا يريد الحل، بل يسعى لأن تستمر هذه الأزمة من أجل أمور أخرى لا علاقة لها بالجانب البيداغويغي»، وهو نفس ما ذهب إليه وزير الصحة، وأكد المسؤولان أن وزارتيهما تجاوبت مع كافة المطالب باستثناء نقطتين «غير شرعيتين» تتعلقان بمباراة الأطباء المقيمين والسنة السادسة في طب الأسنان.
وعلى عكس المقرر سابقاً بأن يتم اجتياز الامتحانات في العاشر من يونيو القادم، دعا أساتذة كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء إلى تأجيل الامتحانات إلى حين توفر الشروط، بسبب «عدم إتمام الدروس النظرية وعدم استكمال الأشغال التطبيقية لفائدة الطلبة، وبالتالي أصبح تاريخ 10 حزيران/ يونيو غير عملي لتنظيم هذه الامتحانات في ظروف بيداغوجية سليمة».
ودخلت منظمتان دوليتان على خط احتجاجات طلبة الطب، وهما كل من «حركة صحة الشعوب» و»المنتدى العالمي للصحة والحماية الاجتماعية»، هذا الأخير عبر عن تضامنه مع طلبة المغرب المحتجين، وقال إن احتجاجاتهم من أجل حماية الجامعات العمومية بشكل عام، ومدارس الطب والصيدلة بشكل خاص، من تهديدات سياسات الخوصصة وسوء تدبير المرافق التعليمية العمومية. وبدورها، أدانت «حركة صحة الشعوب» ما أسمته في منشور لها «التدابير الأمنية التي اتخذتها الحكومة المغربية ضد المحتجين السلميين من الطلبة ومنعهم من تقديم مطالبهم»، مطالبة وزارة الصحة والتربية الوطنية بـ»الحوار بدل القمع» وبـ»وقف العبث بقطاع الصحة، ووقف السماح بمشاريع الاحتكار في مجالي التعليم والصحة». ومن المنتظر أن تعقد المنظمتان لقاء مع مدير «منظمة الصحة العالمية» التابعة للأمم المتحدة في الأيام القادمة، سيتم التطرق فيه كذلك إلى ملف طلبة الطب بالمغرب، هذا إضافة إلى استعدادات لإطلاق عريضة دولية توقع من طرف عمداء كليات الطب عالمياً لوقف الخوصصة في مجال تدريس الطب في العالم وضمنه المغرب.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *