صحيفة فرنسية: ساركوزي والقذافي.. هل هناك مكيدة خلف الكواليس؟
قالت صحيفة لوجورنال دو ديمانش إن أدلة جديدة حصلت عليها تؤكد وجود مؤامرة في قضية التمويل الليبية التي دبرها الوسيط اللبناني زياد تقي الدين، والتي لا تزال لغزا مستعصيا بعد سبع سنوات من تفجرها.
وقال هيرفي غاتينيو كاتب المقال في الصحيفة، إن هذه الفضيحة غريبة ومحيرة، حيث تتراكم الاتهامات وتبدو متناقضة فيما بينها، إلى درجة لا يمكن التمييز فيها بين الحق والباطل.
وتساءل الكاتب هل بالفعل جرى انتخاب نيكولا ساركوزي في عام 2007 بتمويل من الزعيم الليبي معمر القذافي؟ ليوضح أن لا شيء يؤكد ذلك، خاصة أن الرئيس السابق تم التحقيق معه بتهمة "الفساد"، وتمت مقاضاة العديد من معاونيه السابقين، وأجري عدد لا يحصى من عمليات البحث والتفتيش والتحقيقات في فرنسا وفي الخارج.
وأفاد الكاتب بأن العناصر الجديدة التي حصلت عليها الصحيفة تؤكد حتى الآن أطروحة المؤامرة، فالرواية التفصيلية لأحد الشهود، وهو المحفوظ الأديب، الذي كانت تربطه بين أبريل/نيسان ونوفمبر/تشرين الثاني 2012 علاقة حميمة بالوسيط اللبناني زياد تقي الدين المتهِم الرئيسي لنيكولا ساركوزي في هذه القضية التي أثيرت في ربيع عام 2012، عندما كشف موقع ميديا بارت المستند الذي قامت على أساسه.
ويبدو -كما يقول الكاتب- أن المستند كان مذكرة ليبية مكتوبة باللغة العربية على ورقة رسمية مؤرخة في عام 2006، وقد جاء في النص أن نظام القذافي قرر تخصيص "50 مليون يورو" للمرشح ساركوزي.
وقال الكاتب إن الأديب زميل تقي الدين السابق يدعي أن رجل الأعمال كانت لديه المذكرة الشهيرة قبل يومين من الإفصاح عنها، وقال إنه يتذكر "ملفا من الورق المقوى أحمر اللون" كان رئيسه قد حمله مسرعا إلى اجتماع في فندق قرب قوس النصر يتعلق "بقضية مستعجلة".
وحسب الأديب، يحتوي الملف على "خمس أوراق تحمل الرأسية الليبية التي تحمل صورة النسر المحدد باللون الأخضر"، وقال "أنا متأكد"، مضيفا أن إحدى تلك الوثائق كانت هي التي نشرها فيما بعد موقع ميديا بارت، وهي المتعلقة بدفع 50 مليون يورو لساركوزي، أما "الورقة الخامسة فكانت فارغة"، مما يدعم فرضية التزوير التي تمت على أساس الحصول على مجموعة من الأوراق الليبية الرسمية.
وقال الموقع إن رواية الأديب تؤكدها رواية شاهد آخر، طلب عدم الكشف عن هويته، وهو يؤكد أنه تصفح "الملف ذا اللون الأحمر" الذي كان لدى تقي الدين ورأى فيه الورقة الشهيرة.
وبعد إلحاح لوجورنال دو ديمانش عليه أثناء مقابلة معه، قال إنه كانت لديه منذ البداية قناعة بأن هذا "الملف مزيف"، وقال إنه نصح الأديب "بالابتعاد عن الموضوع بأسرع وقت ممكن".
ولكن الشاب -كما يقول الكاتب- لم يتبع نصيحة هذا الشاهد، وبعد فترة وجيزة، في اليوم التالي لنشر ميديا بارت للوثيقة على الأرجح، ازدادت شكوكه عندما فاجأ تقي الدين وهو يحرق ملفا ومعه حوالي عشرين وثيقة، "فقد كنت في منزله (تقي الدين) مع سكرتيرته، كما يقول الأديب، وعندما عرف أننا رأيناه غضب وطاردنا".
أموال ليبية لحساب تقي الدين
ومنذ ذلك الحين -كما يقول الكاتب- تضاعفت التهم التي قدمها تقي الدين في القضاء ووسائل الإعلام ضد الرئيس السابق، متعهدا بتوفير "كل الأدلة" أو بمساعدة القضاء على إيجادها، ولكن هل قدم للقضاة "الملف ذا اللون الأحمر"؟ وحالته -كما وصفها المقرب السابق منه- ألم تكن تدل على أنه على علم بأن الوثائق مزورة، وأن إحداها سربت من قبل شخص آخر لميديا بارت لينطلق التلاعب؟
وأشار الكاتب إلى أن تقي الدين لم يقل أبدا إنه كان يملك نسخة من الوثيقة ولا وثائق مشابهة لها لم تظهر مطلقا.
وختم الكاتب مقاله بأن التحقيقات التي أجريت خلال سبع سنوات، أظهرت أن المدفوعات الليبية الوحيدة المؤكدة كانت لصالح زياد تقي الدين نفسه، ويبلغ مجموعها حوالي ستة ملايين يورو، وأنها استعملت -كما يظهر فحص حساباته في لبنان- من قبل المعني أو أقاربه.
ولا يوجد أي سحب نقدي حسب الفحص، مما يفند -حسب الكاتب- سيناريو الحقيبة التي سلمت إلى كلود غيان ونيكولا ساركوزي، والتي أعلن عنها بصخب في مقابلة مع ميديا بارت، ثم أمام المحكمة في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2016.
وهكذا تبرز الأطروحة الأكثر احتمالا -كما يستنتج هيرفي غاتينيو- وهي أن القضية ملفقة منذ البداية من قبل تقي الدين من أجل الحصول على الملايين من القذافي تحت غطاء التمويل السياسي.
المصدر : لوجورنال دو ديمانش