-->

مسار التحرير الأرق الدائم


سبق وأن تناولت موضوع التحرير في مقال سابق نوفمبر، 2016 تحدثت فيه عن ضرورة الإنتباه إلى ترتيب الأولويات بالنسبة لحركتنا الوطنية، وأشرت حسب رأئي إلى ضرورة التفرغ والتوجه بكل الجهد إلى الغاية التي من أجلها تأسس التنظيم الوطني وبموجبها يقود ويمثل الشعب الصحراوي. 
اليوم بعد عامين ونصف من تناول الموضوع أجد نفسي أحن إلى إثارته من جديد، أولا لأنه لم يتغير الكثير منذ ذلك الحين من الناحية العملية رغم ما وفرته فرصة معبر القرقارات من مجال للعصف بأوساخ الركود، وثانيا لأننا على أبواب المؤتمر الخامس عشر لتنظيمنا الوطني الثوري وهو نقطة مفصلية ترسم غالبا معالم التوجه وتحدد مسار البوصلة التي سنتبعها. 
إن هذا الموضوع (التحرير) نظرا لأهميته ونظرا للسنوات العجاف التي مرت من أعمارنا دون التوصل إليه، يتطلب منا دوما إستحضاره والتفكير فيه وجعله الأولوية، وينبغي أن يكون ذلك مجسدا في الممارسات وبعيدا عن الشعارات، وعلينا الإقتداء بالقول العربي المأثور: "المؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين"، وإنطلاقا وبناءا على هذا القول أرى أنه من أن أهم ما ينبغي أن يخرج به المؤتمر موقف واضح وصارم من طريقة التعاطي مع الأمم المتحدة بعد التقييم الذي لا يخفى على أي كان، وندع الله أن لا يكون قرارا مثل القرارت السابقة التي تنتهي بإنتهاء موجة التصفيق والتهليل. 
وبالرجوع إلى العديد من التساؤلات والأفكار المتعلقة بهذا الموضوع، والتي تم ذكرها في ما سبق أعتقد أننا أصبحنا في حاجة إلى الإستعانة بتقنية عين الصقر والتي تطورت وأصبحت تسمى تقنية الفيديو الحكم المساعد، أو لأجهزة المسح بالرنين المغناطيسي لننفذ بها مسحا شاملا على المراحل ونكتشف بها أخطاءنا ونرجو أن نعمل على تصحيحها وتفاديها والإستفادة منها بالإقدام على مواقف وتطبيق إجراءات تكون قطيعة مع الواقع الذي أُجبرنا على النقع فيه لمدة فاقت ربع القرن تآكلنا فيها وعانينا الحت والمسح والتشقق ونالت منا كل مظاهر الطبيعة. لا يفوتني أن أشير إلى أننا لسنا وحدنا من عانى ولكننا بميزان الحساب نحن الأكثر تضررا. 
تشير أجهزة المسح والتحقق أننا وقعنا في الشباك لما وافقنا على إسكات البنادق، ويقول واقعنا أننا للتبرير تغنينا بالجوانب الإيجابية لهذا الموقف والتي إتضح مع الزمن أنها سلبية وأنه علينا تحريك المياه الراكدة التي أصبحت رائحتها تنتشر في هواء ميدان المعارك الذي يحن إلى أزيز الرصاص وروائح البارود لينفض عنه عوالق وشوائب وأسن الركود. 
ويصرخ فينا رنين الأجهزة مشيرا إلى إفراطنا في حسن النية والتفاؤل والإتكال على الهيئات الدولية، وتُظهر الشاشة المثل المعروف " لا يحك الجلد إلا الأظافر"، ونحن قابعون في منفانا ننتظر من يأتي ليعالج لنا مانمر به من معاناة، والغريب أننا رغم أزيز جهاز الكشف مستمرين في التغاضي والسهو والسير على غير هدى في أثر رسل لا يجمعهم بواقعنا إلا رواتبهم المرتفعة، ونلهث وراء المنتظم الدولي ليستمر في تقديم إستعراضاته وتجاربه علينا ونحن نتجرع كل يوم ضياع، ونبلع كل شهر حبوب التنويم، ونغفو كل عام بسبب التنويم المغناطيسي. 
إذا ما أستمرينا في متابعة الأجهزة ورصدها لأخطائنا وعثراتنا سنخجل من أنفسنا، وربما نحكم على أنفسنا بالغباء في حال تمتعنا بالروح الرياضية اللازمة، وفي حال أخذتنا العزة بالإثم وفضلنا الإستكانة إلى التخدير والنوم وإعمار الخلاء فعلينا الإستعداد لما سينجم عن ذلك من عواقب. المعروف والذي لا خلاف عليه أن الذئاب لا تعيش بقرب روائح البارود، وبنات آوى التي تمتهن الصياح عند قيلولة الأسود لا يسمع لها صوت إذا أز الرصاص، وإذا قررنا وعزمنا وحزمنا أمرنا يمكننا بقرار تحريك الماء الآسن أن نغسل أدران المتسخين منا، ونرعب الذئاب عن المرعى، ونضع حاجزا صوتيا يصم آذان الثعالب. 
تقول أجهزة التعقب وتشير إلى إقتراب المؤتمر الخامس عشر للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، وتكشف تقنية عين الصقر أن مجموعة منا بدأت تعد العدة لمزيد من عفن القبلية والمحسوبية وبدون حياء ولا خجل، وعلى الموعد الجامع للتنظيم الوطني الثوري تعريتهم ونبذهم ومسحهم من الممارسة السياسة، وعلى المؤتمرين لفظهم والبصق علي تصرفاتهم وتوجهاتهم وقلة حياءهم. ومع دنو كل موعد مماثل تتعلق آمال المظلومين، وتتشبث أحلام المحرومين، وتتوجه آفاق المنتظرين نحو قبلة الندوة علها تنصر المقهور، وتنجز الوعود المأمولة وتحقق احلام الغافين. وإذا كان المؤتمر سيتحلى بالمسؤولية فسيعمل على ما سبق ولقول الحقيقة عليه أن يعيد حساباته قبل أن يصدر بياناته. 
حمادي البشير 
يوليو 2019

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *