امنات الثور والثورة على القيم والأخلاق!
✍:بقلم احمد بابا خطري.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين ،أما بعد:.
فإن التنبيه على الأخطاء وردها الى الصواب الموافق للشرع والعقل نهج رباني وطريق شرعي امر به الله تعالى وحث عليه رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم فقد قال الله تعالى:((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )) التوبة 70_71،وثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال:((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان))متفق عليه.
هذا وقد برز في مجتمعنا الصحراوي المحافظ الأصيل مجموعات تتبنى أفكارا هدامة قوامها الجهل و مطيتها الهوى سمتها البغي والشطط وديدنها الضلال والانحلال، التقطوا هذه الأفكار المسمومة من الوسط الغربي الذي يدين بالحضارة الغربية المدنية التي تقوم على الانحلال الأخلاقي والسفور الإجتماعي،وقد وجد هؤلاء في المواقع التواصلية ضالتهم المنشودة فأخذوا يمررون باطلهم على السذج و الهمج الرعاع الذين لا علم ولا دراية عندهم.
ومن هؤلاء الذين يقع عليهم هذا الوصف مجموعة فيسبوكية تديرها شبكة من النساء تقبع أغلبهن في أوروبا تسمي نفسها " امنات الثورة " وهذه المجموعة مجموعة مشبوهة يدل ما تنشر على خبث وقلة حياء و انعدام أدب وهي اوصاف طرأت على الشعب الصحراوي لم يكن يعرفها من قبل.
وتعمد هذه المجموعة المشبوهة إلى مهاجمة ثوابت شرعية وأصول اخلاقية تربى عليها الشعب الصحراوي المسلم ،مثل ولاية الرجل على المرأة بالحق وكذا تعدد الزوجات الذي له مقاصد عظيمة ومرام جليلة ،بل وصل بهم الحال الى التهكم على احاديث صحيحة ثابتة عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كما هو الحال عند كلام إحداهن عن معنى حديث ناقصات عقل ودين!،كما تحاول هذه الشرذمة العبث بالأخلاق من خلال كسر الطابوهات وتجاوز الخطوط الحمراء وذلك باثارة مواضيع تافهة ساقطة تثير الغريزة ،لا بغرض المعالجة والتصحيح وإنما بغرض الاثارة والإفساد كالحديث عن الاغتصاب وعن التحرش و العلاقات بين الجنسين _ المحرمة منها _ وعن حرية المرأة….ونحو ذلك من السفاسف ،ولا ريب ان هذا من إشاعة الفحشاء في الذين آمنوا والله تعالى يقول:(( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ))النور 18_19 .
هذا على سبيل الإجمال ،وأما على سبيل التفصيل فإن هذه المجموعة تتبنى شعارات خطيرة ودعوات شريرة كا دعوتهم إلى محاربة النظام الأبوي ،ولتعلم خطورة هذه الدعوة اليك تعريف ما يعنون به محاربة النظام الأبوي كما يتصوره عتاة الفكر التنويري،يقول المفكر الفلسطيني هشام شرابي الهالك عام 2005 في كتابه "النظام الأبوي واشكالية تخلف المجتمعات العربية " عند الحديث عن مفهوم النظام الأبوي : " هو تجلي ومأسسة للهيمنة الذكورية على النساء والأطفال في الأسرة، وتوسيع الهيمنة الذكورية على النساء في المجتمع بعامة." 1 ويقرر في موطن آخر من نفس المصدر السابق أن التخلف الذي يعيشه المجتمع العربي مرده إلى ما يسميه هو النظام الأبوي ،ويرى إبراهيم الحيدري وهو عراب آخر من عرابي الفكر التنويري العهري "ان هذا المفهوم الأبوي يتسم بالتحجر والجمود والتناقضات الداخلية التي تمزقه وتستنزف طاقاته المعنوية وتدفع أفراده إلى الشعور بالتمزق, ما يؤدي الى تقييم دوني للذات."2 فأنت ترى أيها القارئ الكريم كيف يؤسس هؤلاء المفسدون
لمفاهيم فاسدة ويتلاعبون بها حسب عقولهم المتحجرة وافهامهم المتعطلة لينشئون صورا سوداوية عن المجتمعات المسلمة المحافظة ساعين الى جر الشعوب لبؤر الرذيلة والفساد وهذا ما وقعت بناتنا فيه وقوع الذباب على القمامة والزبالة على الأرض!
ومن خلال هذه التعريفات يمكننا فهم المغزى الذي ترمي إليه هذه المجموعة المشبوهة ،فمحاربة النظام الأبوي إذن هي الدعوة إلى الانتفاضة والثورة على القيم والأخلاق وجر بنات المسلمين الى حضن الرذيلة والفساد والزج بهن في بحور متلاطمة من الفتن ورفع مسؤولية الرجال والقوامة التي فرضها الله تعالى على النساء لأجل سعادتهن واستقرارهن وسعيا في بناء حياة هنيئة كريمة للمرأة المسلمة، خلافا لما تعيشه نساء العالم الغربي اللائي يعشن في دوامة من المتاهات وبحور من الشهوات فالغاية منهن عند الرجال قضاء الشهوة ثم يرمى بها إلى مزبلة الحياة وكداحة المدنية المادية الفاجرة ،فأي دعوة تقوم بها هؤلاء النسوة وأي فساد يردن بثه في بنات المسلمين العفيفات ؟!! واي صلة لهن بالثورة التي نعتز بها وننتمي اليها؟!،فإن لم يتدارك اهل الوعي والنخب هذه البلية فنخشى أن تسترسل وان يعم ضررها على الأمة كلها .
ثاني تلك الدعوات الدعوة الى وعي نسوي! ويقصدن به توعية النساء الصحراويات واعدادهن للتمرد على المجتمع وإعلان العصيان و التفسخ ثم الخروج عن العادات والأصالة المضبوطة بالشرع والحشمة والحياء حتى يسهل التلاعب بشرفهن والانقضاض على عفتهن.
ومن المهم قبل إعطاء تعريف اصطلاحي لهذه الدعوة المزعومة ان ننبه إلى أصل هذه الدعوة كيف بدأت ؟ واين ظهرت ؟ ولماذا ظهرت ،ومتى؟
تقول الباحثة الأكاديمية السعودية امل بنت ناصر الخريف في تقدمت كتابها " مفهوم النسوية دراسة نقدية في ضوء الإسلام " :
كانت المرأة محط الاحتقار والازدراء وهي تحت سيطرة الرجل وممنوعة من التصرف دون إذن من الأب أو الزوج، بل نصّ قانون بريطانيا لعام 1805م على حق الرجل ببيع زوجته! وكان تعليم المرأة يعد نوعا من الشتيمة! وكانت المرأة تعمل في البيت بالصناعات الخفيفة لتدفع ثمن إعالة زوجها لها، ولما قامت الثورة الصناعية وخرجت المرأة للعمل في المصانع تخلى الزوج عن النفقة على زوجته! وقام أصحاب المصانع باستغلالها ماليا بإنقاص أجرتها عن الرجال، وحتى لما قامت الثورة الفرنسية لم تستفد منها النساء شيئا وبقي ظلمها مستمرا، فقد بقي القانون الفرنسي ينص على أن القاصر هو الصبي والمجنون والمرأة! ولما عدلت تلك القوانين قبل عقود قريبة وقعت المرأة من جديد تحت ظلم جديد باسم تحريرها فأصبحت أداة لجمع المال وتحصيل اللذة والمتعة!3
وفي تعريف الوعي النسوي حسب جيردا ليرنر في كتابها "خلق وعي نسوي" (The Creation of Feminist Consciousness)، تقول:هو وعي النساء بأنهن ينتمين إلى فئة ثانوية، وأنهن تعرضن للظلم باعتبارهن نساء، وأن وضعهن الثانوي الخاضع ليس وضعا مرتبطا بالطبيعة وإنما هو مفروض اجتماعيا، وأنه يجب عليهن التحالف مع نساء أخريات للتخلص من أشكال الظلم الواقع عليهن، وأخيرا أنه يجب عليهن تقديم رؤية بديلة للنظام الاجتماعي، بحيث تتمتع فيه النساء مثلهن مثل الرجال بالاستقلالية و حق تقرير مصيرهن!.4 ،فهذا هو المفهوم الذي يتصوره الغرب عن النساء وهي مفاهيم تتولد عنها دعوات الى تحرير المرأة لا كفالة لحقوق المرأة كما يزعمون وإنما لضمان حرية الوصول إليها والعبث بشرفها وعفتها ولا حول ولا قوة إلا بالله ،وهذا الذي يدعو إليه بناتنا جريا على التبعية العمياء و ترديد الببغاء وهو جهل مغلف وحمق شديد يدل على سخافة في العقول وسقم في الأفهام! ، لكل داء دواء يستطب به
الا الحماقة اعيت من يداويها
ولله در القائل:
يَرَوْنَ أَنْ تَبْرُزَ الأُنْثَى بِـزِيْنَتِهَا وَبَيْعَهَا الْبُضْعَ تَأْجِيْلاً وَتَنْتقِدُ
مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بِالإِفْرَنْجِ قَدْ شُغِفُوْا بِهُمْ تَزَيّوا وَفي زَيّ التُّقى زَهِدُوا
وَبِالْعَوَائِدِ مِنْهُمْ كُلِّهَا اتّصَفُوا وَفِطْرَةَ اللهِ تَغَييراً لَهَا اعْتَمَدُوا
قالوا رُقِيَّاً فَقُلْنَا لِلْحَضِيْض نَعَمْ تُفْضُوْنَ مِنْهُ إِلَى سِجِّيْنَ مُؤْتَصَدُ
ثَقَافَةٌ مِنْ سَمَاجٍ سَاءَ مَا أَلِفُوا حَضَارَةٌ مِنْ مُرُوْجٍ هُمْ لَهَاعَمَدُوا
عَصْرِيَّةٌ عَصَرَتْ خُبثاً فَحَاصِلُهَ سُمٌّ نَقِيْعٌوَ يَا أَغْمَارُ
فازْدَرِدُوا
مَوْتٌ وَسَمُّوْهُ تَجْدِيْدَ الْحَيَاةِ فَيَا ليْتَ الدُعَاةَ لَهَا في الرَّمْسِ قَدْ لُحِدُوا
وفي الأخير فإني اوجه رسالة خاصة الى بناتنا واخواتنا اللائي يكتبن في هذه الصفحة أن يعرضنا عن هذه المغالطات وان يرجعن إلى حضن المجتمع الذي يحفظن لهن الكرامة ويقوم على صيانتهن والا يرتموا في أحضان الغرب الذي لا يريد لهم خيرا ،وإنما يريد فصلهن عن المجتمع كي يشد الرباط ويضيع عليهم الحياة السعيدة الطيبة ،كما اوجه كلامي هذا إلى أولياء هؤلاء البنات ان يأخذ على أيديهن وان يمنعهن عن هذا العبث الذي يشوهون به صورة مجتمعهم وعائلاتهم والله الموفق وهو الهادي الى سواء السبيل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
___________
1.انظر كتاب النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمعات العربية pdf
2.أنظر منتدى الحوار المتمدن على الشبكة ،موضوع البطركية وتشكل الشخصية العربية لإبراهيم الحيدري.
3.انظر مفهوم النسوية دراسة نقدية في ضوء الإسلام للكاتبة امل بنت ناصر الخريف.
4.انظر كتاب خلق وعي نسوي "ترجمة " pdf