إعتزال .!! ..
انا عبداتي لبات الرشيد ولست أبدا في كامل قواي العقلية والنفسية أعلن إعتزال هذا الفضاء .. إعتزال الكتابة والتدوين تاركا ما بين سماء الوطن وأرضه للذين عبثوا بأحلامنا ليعبثوا أكثر ..
هنيئا لكم .. !! ..
ملاحظة .. من المؤسف أن تخوض حربين قذرتين .. واحدة مع عدو يحتل وطنك وتلك الأسهل .. وواحدة أصعب مع بني جلدتك لا لشيء سوى لأنك تتكلم بضمير الناس وعن الناس ..
وأخيرا سأترك لكم هذه الخربشة .. تمعنوا فيها ..
حين يقترب المؤتمر .. !! ..
حين يقترب موعد ممارسة الديمقراطية وإن على طريقة المؤتمر الشعبي العام كما نعرفها، سيكثر الحديث عن المؤامرات وسيغيب الحديث عن الديمقراطية وحرية الاختيار والإصلاح، سيغيب الحديث عن ضرورة التوقف والمراجعة في ميادين عدة كالتعليم المتعثر وصحة الناس المتدهورة، سيغيب الحديث عن أي أمر من شأنه تحريك المياه العكرة الراكدة منذ عقود كي نمضي قدما بشكل أفضل، سيغيب الحديث عن الأخطاء المرتكبة في إدارة المشروع الوطني، وسيتم إلهاء الناس عن الأمور الكبيرة وتحويل أنظارهم الى الأشياء السخيفة، وستكثر الشعارات البراقة وسيقتصر الحديث وفقط على من سيكون في المنصب الفلاني بعد المؤتمر وهل سيغادر فلان الوزارة الفلانية والى أي وزارة سيتجه، حين ذاك سيغزوا الخوف من التغيير عقولنا وسيسيطر القلق من أي بديل محتمل على مشاعرنا، ووسط الخوف او المخاوف من فشل مزعوم لمؤتمر يعقد بين خيامنا وتحت أشعة شمسنا الحارقة ستتراجع حرية التعبير العدو الأول على ما يبدوا، ستتراجع الى الخلف الى أن تنقرض تماما ..
حين يقترب المؤتمر سيلبس المسؤول جلباب الوطنية وسيظهر نفسه وكأنه الحارس الأمين على مصالح الشعب والوطن، فهو المخلص والمناضل والمضحي برفاهيته وأيام عمره من أجلنا وفي سبيلنا وهو الوفي المجسد لكل طموحاتنا وآمالنا وأحلامنا، وسيتم إلباس المواطن العادي تهمة التقصير وحتى الخيانة والعمالة إذا هو تكلم او تحدث بعكس ما يقولون او بالأحرى ما يَتَوَهَمون ..
في آونة المؤتمر سيبدأ المسؤول الذي يملك ما يخاف عليه من الضياع، سيبدأ وقبل كل شيء العمل على التجديد لمنصبه بكل الطرق والوسائل، وسيضغط بكل ما يملك من قوة ومال ونفوذ وكلام معسول وخبرة سنين سعيا وراء ذلك الهدف ..
حين يقترب المؤتمر تظهر الأسماء المستعارة والحسابات المستعارة والوجوه المستعارة، وسيختبيء الكثير خلف الشعارات لحماية مصالحه او خوفا على ضياع المنصب او النفوذ، لا شيء على حقيقته مطلقا، كل شيء مستعار وحتى الشخصية اللطيفة والمتفهمة والحزينة والبرئية التي يبدوا عليها البعض ليست سوى شخصية مستعارة الى حين ..
رغم كل ذلك هناك حديث عن ان المؤتمر القادم سيشهد إنجازا تارخيا، فبربكم عن أي إنجاز يتحدثون؟، أي إنجاز؟ والفشل الكبير تتم تغطيته “بنجاحات صغيرة” من خلال تخوين الناس وإهام كل من يتفوه بكلمة بالعمالة، نجاح يصنع بتتبع هفوات وأخطاء وعيوب وخصوصيات المواطنين العاديين الذين لا يد لهم في ما طُبِخَ ويطبخ حول هذه القضية، عن أي إنجاز يتحدثون وما نراه ونسمعه ليس سوى نقاشا عقيما تافها حول من تكون انت او من كان هو او كيف كان فلان وكيف أصبح علان ؟؟ ..
كيف سيكون شكل ولون وطعم هذا الإنجاز التاريخي وأين صنع وفي أي أرض او سماء او بحر يحفظ وأي نوع من الأغفال وضع عليه ومن يحرصه حتى ذلك الحين، أين هو هذا الإنجاز ومن صنعه وكيف؟ وما نراه اليوم مجموعة من الأشخاص يجتمعون كل يوم من مطلع الشمس الى مغربها يفكرون نيابة عن الشعب، ونقاشا عقيما يدور بين من خذلو هذا الشعب وبعيدا عن الشعب وأخر تافها في مواقع التواصل الإجتماعي وفي الجلسات الخاصة، بعد ذلك سيكون هناك من ستقرر تلك المجموعات السياسات نيابة عن الشعب، نفس الأشخاص أيضا سينتخبون ويطبخون بالنيابة دائما عن من خلفونا من سيقود وينفذ تلك السياسات، ثم سينتهي كل شيء تماما كنهاية كل المؤتمرات السابقة بدعاء أن يكون المؤتمر القادم في مدينة العيون المحتلة على ترابنا الوطني حرا محررا متبوعا بتصفيقات حارة وزغاريد مدوية ..
بعد ذلك ستختفي الحسابات المستعارة والوجوه المسعارة والشخصيات المستعارة وسيظهر الجميع من جديد على حقيقته، السارق يسرق، والخائن يخون، والمتكاسل يتكاسل والبائع يبيع، والمتعجرف يتعجرف، وسيعود المسؤول الى الكرسي، الرئيس الى رئاسته وعضو الأمانة الى “أمانته” والوزير الى وزارته والسفير الى سفارته والمدير الى مؤسسته، سيعود الشيات الى ممارسة الشيتة والمنافق الى نفاقه والحزار الى “تحزاره” والشكام الى “تشكامه” ..
في النهاية أيضا سيعود الشعب الذي لم يبرح مكانه منذ أكثر من أربعين سنة والذي لم يتظاهر بقوة اعنف ضد أي فساد او فشل او سرقة او تقاعس ولم يلجأ الى أي نوع من أنواع العنف او القسوة في التعبير عن الخيبة وفقدان الثقة في كل شيء والذي ظل دائما يكبت ويخبيء و”إفش أطعاينوا في نفسو” طوال كل تلك العقود والذي يؤمن بقضيته وبمبادئه والذي دفع ويدفع الثمن فعلا هنا في مخيمات اللاجئين وفي المناطق المحتلة والشتات، هذا الشعب الذي لا يشكوا قلة الحيلة إلا الى الله والذي لا يملك سوى كلمة “ومزالوا مستخسرينها فيه” والذي سيفكر ألف مرة قبل ان ينطقها او يكتبها، سيعود الى حياته اليومية وهمومه وآلامه بعيدا عن الوطن او قريبا من المحتل، سيعود الى يومياته الروتينية بعيدا عن ضجيج المؤتمر ونقاشات المؤتمر، وسيسترجع المواطن أنفاسه ونفسيته وسيستنشق هواءا يملأه الغبار لكنه أفضل وأنقى وأكثر تاثيرا على يومياته الحزينة من كل ذلك الغبار والدخان المتصاعد الذي أحدثه ويحدثه كل هذا الضجيج الفارغ والحراك العقيم والحديث الممل والمعاد والمكرر والحروب الصغيرة القذرة ..
عبداتي لبات الرشيد