-->

الطاقة... مقترحات موجهة الى المؤتمر 15 للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب


مقترحات موجهة الى المؤتمر 15 للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب
بقل: محمد محمد صالح ـ عضو المجلس الوطني الصحراوي
الطاقة
غرست فينا السنوات الاولى من الدراسة في المدارس الوطنية حب الوطن، التضحية، نقد الذات، الاخوة، كره القبلية و العنصرية، ثم بعد ذلك وخلال بعثتنا للخارج لاستكمال مشوارنا التعليمي هناك عشنا الغربة والتي كانت عاملا وحافزا في ترسيخ روح التعاون,حب العمل، الاخلاص. بالإضافة الى تربية العائلة الصحراوية الأصيلة المبنية على أسس العقيدة المشبعة بالكرم والبعد عن كل ما هو مخالف لعادتنا كصحراويين هدفهم الوحيد هو السهر من أجل تحرير وبناء دولتهم والتي هي في حد ذاتها كانت طاقة إيجابية في الابداع لبناء الاجيال القادمة.
احدى نتائجها تبلورت في بداية التسعينات بالتحديد من 1995 إلى غاية سنة 1999، "ديترميناثيون" بأدوات بسيطة في الكتابة والتصميم اليدوي الأمر الذي جذب اهتمام الكثير من الأساتذة و الطلبة بالجامعة، والفضل يعود لله ثم لزملاء الدراسة في ظهور هذه المجلة المتواضعة الخاصة بنشر القضية الصحراوية إلى النور والتي اصبحت بعد ذلك منبرا ليس فقط لمن هم في الحرم الجامعي وإنما خارجها، وانتشرت لتصل مكان الايواء حتي وصلت إلى اناس من أصول لبنانية قاطنين بالمدينة والذین بدورهم أیضاً ساهموا فیها.
عند شروق الشمس، غير مبالية بما يحدث هنا، ظننا بأنها اضاءة على باب الحرية.. وبمجيئنا إلى مخيم العزة والكرامة "لتحديد الهوية" وجدنا الأنوار تغيرت بتحويل الطاقة الشمسية إلى كهربائية، وفي التلفاز تبينت الصورة التي كانت غائبة بألوانها الأبيض والأسود. يجب تكثيف الطاقة في النظرة الأولى طبعا بالمفهوم التقني، نعم وبعد كثير من التحدي والصعوبات والمثابرة في رجوعنا لاستكمال الدراسة، كانت النتيجة هو مكثف من 12 فولت إلى 220 ثقيل الوزن وليس بالجهد المطلوب ولكن هو مكسب صحراوي وأحد الحلول التقنية.
بعد التخرج وبمرورنا بدار التعليم بالجزائر العاصمة و في احدى جلسات الشاي الروتينية الصحراوية كانت صدمتي الأولى من أحد الشباب المقيمين آنذاك "هذا متوفر في الأسواق ويباع بثمن بخص وأقل وزنا" بلغة استهزاء، وهنا تأسفت لما صدر منه، وقلت في نفسي على حد المثل الصحراوي "اللي هذا أولو يحكم في اعقابه"، لكن هذا لا يمنع من ان نسير في الخط الذي رسمناه في البداية وما هي إلى تصرفات عابرة وشخصية؛ مع العلم، وحسب ما تسرب لي من أحد الزملاء، بأن الشاب هو ابن أحد المسيرين وينتظر التأشيرة (الفيزا) إلى اوروبا
هذه ليست قصة خيالية وإنما هو واقع يعيشه الشباب الصحراوي، ما افظع أن تدفن حلما وأن تبقى الشمس ساطعة ويبقى الكون قائم الأركان عند شروقها، هنا ادركت بأن الطاقة ليست كهربائية التي تحتاج إلى حلول تقنية بقدر ماهي سياسية والتي تغيب عنها الإرادة، المبادرة والابتكار، ولذا يجب الجدية والاخلاص في العمل و المثابرة، وكانت البداية في الرابوني (ولاية الشهيد الحافظ)، وفيه تبلورت لنا فكرة انشاء اكاديمية "الأكاديمية من أجل التنمية والرفاهية للشعب الصحراوي"، من 2003 إلى غاية 2006، تهدف إلى البحث عن الحلول التي من شأنها توقيف هجرة الكفاءات الصحراوية.. كنا آنذاك 12 خريجا من حاملي شهادة الليسانس في الهندسة ومن مختلف البلدان روسيا، الجزائر وكوبا ولكن نتيجة عن سوء الفهم والقراءات الخاطئة من بعض المسيرين تمت بولادة قيسريه ميتة.
ففي كل الرحلات إلى أوروبا غرسنا بصمات حول القضية التي بقيت راسخة في أماكن مختلفة: محاضرات، رسومات ونحت ...، وكذا المحاولة لإنشاء "مركز الابتكار من أجل الصحراء الغربية"، والذي باسمه تمت ملتقيات فكرية بالجامعة حول كيفية ايجاد حلول للمشاكل التقنية الموجودة في مخيمات العزة والكرامة، وكذا المناطق المحررة لتحسين الظروف المعيشية بالإمكانيات المحلية لتفادي الضغوطات السياسية على المساعدات الانسانية.
تابعنا في المحاولة الدؤوبة لإيجاد الحلول المناسبة بإمكانيتنا الخاصة وبدون املاءات، وإنما نتاج عن ايماننا بالقضية ونبذ كلما يشوه سمعة الشعب الصحراوي أو يؤثر على كفاحه، وشددنا الرحال حتى وصلنا إلى المجلس الوطني الصحراوي، والذي فيه لم نتخل عن الخط الذي رسمنا في البداية وحاولنا بكل ما لدينا من طاقة لإيصال الانشغالات والبحث عن الحلول التي من شأنها دفع القضية و كذا تحسين التسيير وتطوير و تنمية الدولة الصحراوية.. وبالمناسبة أثمن مجهود البرلمانيين النبلاء الذين سعوا هم كذلك في ذلك المجهود.. غير أنه بعد أن نفد الصبر لجأنا إلى العالم الافتراضي.
اعتقد بأن هذا كله يعد أحد الأخطاء التي ارتكبتُ و نرتكبها في مسيرة البناء وما تطرقت إليه الا جزءا من الكل خلال الحقبة التي مرت بها القضية الصحراوية (مرحلة اللا سلم واللا حرب) وفي هذا الموضوع حاولنا تسليط الضوء على بعض التصرفات غير الناضجة التي تصدر عن المجتمع خلال جلسات الشاي أو خارجه على سبيل المثال لا الحصر هذا الأخير هدفه هو كبح روح المبادرة والتقليل من قيمة المبدع وكذا التخفيف من شأن ما حققته الدولة من مكتسبات، بالإضافة إلى التصرفات غير اللائقة الصادرة عن كثير من المسيرين والتي شوهت سمعة المؤسسات وعدم الاستماع إلى أو الاعتراف بالقدرات الشبابية ما أدى إلى هجرة الكفاءات.. و بالمناسبة اتذكر كلام "اخوان كارلوس خيمينوا" أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة مدريد أثناء حضوره إلى افتتاح جامعة التفاريتي، والتي لم يدرك مغزاها الكثير من الحاضرين "بعض الأحيان شبابكم يحتاج إلينا لإيصالكم افكاره" من ضمنها هذه الجامعة التي نتحفظ على بداية انشائها.
اذا تأملنا في نورانية الشمس التي خلقها الله تحولت إلى طاقة كهربائية نتيجة للبحث العلمي، والذي أدي إلى تحسين الظروف المعيشية في المخيمات، هو نفسه ينطبق على المجال السياسي إذا تمعنا في كيفية استقلال الطاقات الشبابية بالقدرات العلمية لبناء ركائز متينة لمواجهة المتغيرات الدولية، ويكون هذا المؤتمر (الخامس عشر للجبهة) فرصة تاريخية للتحول نحو مرحلة جديدة في البناء والتجديد لاسترجاع كل ما فقدناه في مرحلة "اللا سلم واللا حرب" لتكون طاقة جديدة متجددة مفعمة بروح الاندفاعة، الأخوة، الصدق في العمل، نبذ القبلية، المثابرة، التعاون، المبادرة، الاخلاص....الخ. هذا لا يمكن تحقيقه إلا إذا تركنا الأنانية ,المحسوبية، الرياء، التستر على المسيرين الفاسدين والتخلي عن الكاريزمية و"الميولات الجديدة" التي تطرق لها الشهيد الولي رحمة الله عليه وعلى جميع الشهداء
وفي لب الختام:
أريد أن أذكّر جميع الصحراوين أين ما كانوا بأن نبادر قبل أن نغادر، أن تكون الطاقة إجابيه الا سلبية وألا نحتقر أي عمل من أين كان إذا كان في مصلحة الوطن والشعب، فإذا كنت مسيرا فاتقي الله في عملك وبادر في تحسين مؤسستك و لا تنسى بأن على عاتقك كثيرا من الحقوق هي للصحراوين المحتاجين سواء في المخيمات، المناطق المحررة، المحتلة وفي المهجر و أنت أيها المواطن عليك أن تساهم في تحرير الوطن من الغزاة ومن كل ما يعيق أمام تقدم الدولة الصحراوية، وبادر في تحسين الظروف حسب قدرتك سواء كانت ظروف حرب أم سلم، واتركوا العصبية لأنها هي ذخيرة العدو التي يتغنى بها ويتغذى والكل يتقي الله. 
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) آل عمران:103
من المواضيع القادمة انشاء الله : 
الحكم الراشد بين العقيدة , الديمقراطية و مرحلة حرب التحرير.
التنمية الاقتصادية والمغالطات في الواقع بين حقيقة هذه و الاعتماد على المواشي.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *