-->

فلسفة التوسع وهاجس الخوف:وحد ممالك النفط مع نظام المخزن..؟


بداية لابد من التذكير بان نظام الرباط بنى سياسته على فلسفة التوسع ومواجهة مد ثورةالتغيير. تلك الفلسفة التي تشكل جزءا من عقيدته السياسية في المنطقة،بينما تعيش ممالك الخليج على "هاجس الخوف"من المد"الشيعي المتنامي فيالسعودية، البحرين، اليمن، الكويت ولبنان" في ظل صعود نجم ايران كلاعب على الصعيد الدولي وبدء العد التنازلي لحل الازمة في سوريا، و عدم احراز تقدم في الحرب باليمن والاخفاق في تجريم حزب الله اللبناني. بحسب المراقبين. 
ورغم ان علاقات النظام في المغرب بتلك الأنظمة ليست بجديدة كما ان الدعم السخصي من السعودية وغيرها من دول الخليج لم يكن وليد اليوم،بل يعود لسنوات تفجر نزاع الصحراء الغربية،وبرز جليا في المشاركة الرسمية والعلنية والتمويل لمسيرة "الاجتياح المغربي" للمنطقة 1975 ، وفيكذلك الرعاية والوساطة التي حاولت السعودية القيام بها بين الجزائر والمغرب منذ سنة 1977، متجاهلة جبهة البوليساريو، والتي كللت باللقاء بين الرئيس االجزائري الشاذلي بن جديد وملك المغرب الحسن الثاني 1983 ثم رعاية قمة ثلاثية جزائرية مغربية سعودية 1987.

وفي مراحل معينة وصل الامر حد التأثير في مواقف بعض الدول والبحث عن ملجأ للاجئين الصحراويين مقابل تنازلهم عن ارضهم وقضيتهم بحسب مصادر جبهة البوليساريو.
كان اخر ذلك مع جنوبافريقيا ايام نيلسون مانديلا في مسالة الاعتراف بالجمهورية الصحراوية,قبل ذلك حاولت السعودية شراء مواقف بعض الدول الافريقية لحساب المغرب على غرار كينيا وبنين ولم ينقطع الدعم السعودي والاماراتي والكويتي والقطري ،هذه الاخيرة دخلت على "الخط" في البحث عن اطلاق سراح الاسرى المغاربة 2005.
وظل المجهود متواصلا بمد النظام في المغرب بمدد السلاح والعتادوفي المقابل كانت مشاركةالنظام المغربي في حرب الخليج في تحريرالكويت بقيادة تحالف الولايات المتحدة والاطاحة بصدام حسين في العراق ثم اخيرا الحرب في اليمن وسوريا والتدخل في العراق وليبيا. 
ومع اندلاع موجة ما بات يعرف في الادبيات ب "الربيع العربي" انضم المغرب كعضو مراقب بجانب الاردن لمجلس التعاون الخليجي ومنحه هبات مالية فاقت 5ملايير دولار على مدار 5 سنوات، وتعزز سنة 2016 وللمرة بحضور ملك المغرب شخصيا اول قمة مغربية خليجية في الرياض،يصدر عنها بيان يدعم بصريح النص الموقف المغربي الرسمي من قضية الصحراء الغربية.
وكأن القمة تقول لجبهة البوليساريو وللجزائرولحركة التضامن الدولية مع الشعب الصحراوي والامين العام للامم المتحدة ومبعوثه ان للمغرب "حلفاء من ابناء عمومته دولاوانظمة تقاسمه نفس المواقف والمشاعر" بحسب سيمفونية المخزن.ويعتبر الموقف الخليجي الارتباط العضوي بين الأنظمة “الملكية”،التي دائما ما اعتبرت أنها في مواجهة أنظمة “تقدمية” في المنطقة، فأتى هذا الموقف المتمثل في “التضامن السياسي” ليتجلى في ترابط السياسات المعتمدة وإقامة التحالفات الاستراتيجية التي تضمن مصالحها المتبادلة، بداية بدعم برامج التسلح وضمان توازن استراتيجي مع الجوار، وصولا إلى الدعم المالي والاقتصادي، زيادة على الدعم الدبلوماسي الذي يتلقاه نظام المخزن للترويج لسياساته المعتمدة في الصحراء الغربية، إذ تعتبر الدول الخليجية مطالبة جبهة البوليساريو الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي بحق هذا الأخير في تقريرمصيره، مطلبا “انفصاليا” يعارض مبدأ الأمة العربية. وساهم "تقاطع مصالح" الرياض والرباط مؤخرا، مع انخراط الأخير في مسار إستراتيجية تموقع السعودية ورغبتها في لعب دور قيادي لمجموعة الدول السنية في مواجهة "المد الشيعي" عبر تشكيل تحالف إسلامي (لم تشترك فيه الجزائر)،مناهض للإرهاب، (حسبها)، والتدخل العسكري في اليمن، وإبداء السعودية استعدادا لرد الجميل عبر سند ودعم مالي ودبلوماسي يضمن للمغرب هوامش حركة، بعد فشل الرباط في تكريس وتمريرخيار البديل الثالث، أو الحكم الذاتي في الصحراء الغربية،والتوتر السائد في علاقتها مع الشريك الأوروبي، وإثارة قضية انتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية في مجلس خقوق الانسان وكذلك اليمن،بحسب اكثر من مراقب لمسار النزاع الصحراوي المغربي. 
فتلك الانظمة تجمعها "هواجس الديمقراطية وحقوق الانسان والحريات العامة"اضافة الى بعض الاشكاليات المتعلقة بالحدود على غرار الجزر الإماراتية التي تحتلهاإيران ،خط التماس بين السعودية واليمن، بالإضافة إلى اطماع التوسع المغربية في الصحراء الغربية وقبلها موريتانيا والجزائر،بجانب كونهاانظمة وراثية سنية .
القضية الصحراوية من الجامعة العربية الى مجلس التعاون
اختلفت الظروف وتشابه الموقف في الموضوع تقول جريدة الخبر الجزائريةالصادرة الاحد 25 ابريل 2016" لا يعد موقف دول الخليج الداعم للمغرب فيما تعلق بالقضية الصحراوية بالجديد، إذ شارك الملك المغربي الراحل الحسن الثاني في “المسيرة الخضراء” للزحف على الصحراء الغربية سنة 1975، وفود من السعوديةوالكويت وقطر والإمارات، مع حضور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، الذيكان عمره آنذاك 14 سنة، وحملت الأعلام الخليجية يتقدمها علم المملكة السعودية."للاشارة فان مواقفالدول العربية التي طالما عكستها الجامعة العربية،تشكل سابقة في دعم المغربلمطالبه التوسعية ليس في الصحراء الغربية بل وايضا في موريتانيا، فالجامعة العربيةالعربية،كانت مواقفها متناقضة في مساندة المغرب في ضم موريتانيا ثم مباركتها لقرارتقيسم الصحراء الغربية بين البلدين 1975 "في 28 غشت 1960، قررت اللجنة السياسية في الجامعةالعربية، مساندة المغرب في طلبه ضم الإقليم الموريتاني. وفي السنة نفسها خلال جلساتهابمدينة شتورا في لبنان، اعتبرت أن الصحراء الغربية جزء لا يتجزأ من المغرب.
ولدى انعقادمؤتمر الجامعة العربية في الرباط في 29 أكتوبر 1974، أصدر مجلسها توصية تجعل من مشكل الصحراء الغربية مشكلة مغربية موريتانية فحسب، إذ أتى في نص التوصية: “لقد نظر مؤتمرالقمة العربي السابع في قضية الصحراء الغربية، وإن المؤتمر يبدي ارتياحه الكامل لما توصّلت إليه الدولتان الشقيقتان، موريتانيا والمغرب، من اتفاق بينهما، باعتبارهما الطرفين المعنيين بمستقبل الصحراء الغربية، ويعلن مساندته التامة لموقف هاتين الدولتين المعلن عنه مؤخرا.. ويطالب اسبانيا بالإسراع في قبول طلب المغرب وموريتانيا”.
ثم خرجت النشرةالعربية التي يصدرها مكتب الجامعة العربية في نيويورك في 18 أكتوبر 1975 بمباركة “المسيرةالخضراء” والإشادة بها. إلا أن الجديد الذي حمله الموقف؛ هو الإعلان رسميا عن دعم دول مجلس التعاون للرباط والرفض بـ “المساس بالمصالح العليا للمغرب”، وكذا “عدم المساس بوحدة الأراضي المغربية وصحرائه”، وذلك في البيان الختامي للقمة الخليجية المغربية الأولى 2016 ، المنعقدة في الرياض.
مراهنات نظام المغرب
واكثر من هذا فان نظام المخزن في المغرب بات يراهن على دعم دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية على واجهتين: الاولى على مستوى اجتماعي شراء "السلم الاجتماعي" خاصة في المناطق الصحراوية المحتلة في محاولة لسل البساط من تحت اقدام جبهة البوليساريو ونشطائها ولنا في مطالب اكديم ايزيك خيرشاهد،وتروم تلك السياسة تجسيد ما اعلنه ملك المغرب مؤخرا من برامج تنموية وتحويل تلك الربوع الى "قطب اقتصادي"، لكن ذلك يكلف ملايير الدولارات و لايمكن للمغرب القيام بها دون رافعة مالية كبيرة. 
والثانية في الواجهة الخارجية البحث عن اموال خارج الضغوط والشروط التي تفرضها طبيعة المعاملات الدولية الجاري بها العمل في النظم الديمقراطية في اوربا والولايات المتحدة التي لم تعد مستعدة لتمويل مشاريع في ظل الوضع القائم في الصحراء الغربية والمتابعات القضائية وغيرها على خلفية قرار محكمة العدل الاوربية، في حين يمكن ان تقوم بذلك الدور ممالك الخليج وتمنح الااموال خارج نطاق المراقبة القانونية، بعيدة عن انظار الراي العام بحسب ما نشرمؤخرا عبر "اوراق بنما" وقبلها ويكيليكس السعودية .
لكن هل دول الخليج مستعدة لتمويل ذلك وسط تراجع اسعار النفط ودخول ايران على الخط في ظل التصعيد في حرب اليمن المستعرة،ثم ما هو المقابل الذي سيدفعه نظام الرباط لتلك النظم؟. 
بكل تأكيد فان دول الخليج يمكنها فعل ذلك كما فعلت من قبل عندما انقذت الاقتصاد المغربي من هزة سنة 1984 عقب "ثورة الخبز" في المغرب،كما مولت بناء جدران الاحتلال المغربية بملايير الدورات سنوات 1981-1986،في ظل حرمان الصحراويين من أداء مناسك الحج طيلة سنوات عدة .
وفي المقابل شكل نظام الرباط، في الماضي "عراب التطبيع مع اسرائل والصهيونية العالمية ورعاية المصالح القذرة، وسياحة للامراء من الخليج وغيرهم" ومرتع خصب لترويض المعارضة ورافعة في مواجهة مد الثورة في المغربالعربي.
اليوم يقدم نفسه على انه "الملاذ الأمن" لمصالح الامراء والملوك العرب،بل ملجأ لهم في حالة تعرضهم لثورات وزوابع على غرار استضافة السعودية لزين العابدين بن علي قبل وفاته، قبله استضافة الرباط لشاه ايران. 
ثم ان المغرب ظل وجهة سياحية مفضلة للملوك والامراء العرب،لدرجة ان "كل امرأة سعودية تشعر ان لها ضرة في المغرب"، حيث توجد قصورهم واستثماراتهم .
الرهان الإقليمي: سؤال الريادة المغاربية و مواجهة محور الجزائر جنوب افريقيا ونيجيريا، يعتبر المحور المغربي الخليجي ورقة إستراتيجية حيوية على الصعيد المغاربي والأفريقي بالنسبة للرباط، وذلك من خلال الاستفادة من هذاالتحالف في الصراع الدائر مع الجزائر بغية الحفاظ على "النفوذ الإقليمي"،بحكم أن هذا التقارب -المغربي/الخليجي ،اريد به "اختلال التوازن" في المنطقة المغاربية لصالح الرباط، خاصة على المستوي العسكري والدبلوماسي، سواء من خلال التمويلات المالية الضخمة التي تمنحها كل من السعودية والإمارات لاقتناء الأسلحة المتطورة، أو من خلال تمويل الصناعات الحربية؛حيث نقل موقع أمريكي متخصص في الصناعة الحربية أن المملكة العربية السعودية ستخصص22 مليار دولار لتمويل تطوير غير مسبوق للترسانة الحربية للمملكة المغربية.
بحسب التقرير،فان السعودية ستقدم هذا التمويل من أجل تمكينه من تطوير الصناعة الحربية فوق أراضيه،وذلك في عقد يقوم على انخراط عمالقة الصناعات الحربية لتقديم الخبرات اللازمة، مثل شركات "بومباردي وإيرباص وصافران وتاليس"، والتي ربما تكون قد باشرت الدراسات، عبر فتح مكاتب لها، من أجل تطوير منظومة المغرب الدفاعية،وجعلها وحدة مصنعة بدل اكتفائها بإبرام صفقات التسلح.
ذلكم ان المغرب يراهن على الرساميل المالية الضخمة التي توفرها الصناديق الاستثمارية الخليجية، قد تساهم في تكريس الشراكة المغربية في مختلف المجالات مع علاقاته مع الدول الأفريقية الفقيرة في مواجهة ما يشعر به "محور معادي"لمصالحه الذي تمثله جنوب أفريقيا- نيجيريا- الجزائر، من خلال دعم حلفائه بالسنغال وبعض دول غرب أفريقيا .
الرهان التنموي "الجديد" في المناطق الصحراوية المحتلة يسعى المغرب إلى "تنزيل" مايعتبره رهان تنوي واستراتيجية غايتها تتجاوز ، ما كان قائما من تدبير قائم على نمط الريع.
في هذا الإطار، يحاول المغرب، من خلال المخططاتالجديدة، أن يحاصر اطروحات جبهة البوليساريو التي تجد" بيئتها الحاضنة في الفقروالتهميش والفوارق واقتصاد الريع"..إذ تعتبر تنمية تلك الربوع مدخلا رئيسيا لتقوية وتثبيت الاستقرار وتقوية روابط الانتماء للمغرب بنظر نظام الرباط الذي اطلق ملكه من العيون العاصمة" دعاية إنجاز مشروعات ضخمة تنقل سكان المنطقة إلى نموذج اقتصاديواجتماعي أكثر استقرارا." 
غير أن التحدي الذي يعيق ويؤخر انجاز هكذا مشاريع تنموية ويخلق "الاقلاع الاقتصادي" هناك يرتبط بضعف الامكانات المالية، لاسيما أن بعض المشاريع تحتاج إلى استثمارات ضخمة، مثل تقوية شبكة الطرق، وإقامة محور للنقل الجوي مد السكة الحديدية بين مدينة مراكش ومدينة الكويرة، وبناء الميناء المتوسطي الكبيربمدينة الداخلة، وإنجاز مشاريع كبرى للطاقة الشمسية والريحية بالجنوب.
سبق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي، في هذا الإطار، أن دعا إلى استثمار حوالى14 مليار دولار في المناطق الصحراوية على مدى عشرة أعوام، استثمار يفترض أن تتشارك فيه الدولة والقطاع الخاص بحسب مراقبين. 
الواقع المرتبط بالصعوبات والاكراهات المتصلة بالتمويل يمكن تخطيه في سياق التحالف مع مجلس التعاون الخليجي، في ظل الدعم "المعلن" من طرف تلك الدول في قضية الصحراء الغربية على أرض الواقع وبشكل ملموس، من خلال تمويل المشاريع أو تشجيع رجال الأعمال الخليجيين على الاستثمار ؛ حيث تندرج، في هذاالإطار، الزيارة التي قام بها رجال أعمال سعوديون خلال السنة الماضية وقبلها إلى المناطق الصحراوية المحتلة لأجل "استكشاف أفضل سبل الاستثمار" ويرى كاتب مغربي انه من الضرورة "تشجيع وتعميم مثل هاته الزيارات على باقي الخليجيين، وخلق مبادرات وفضاءات، سواء مؤتمرات أو تجمعات اقتصادية، في الصحراء تضم هؤلاء المستثمرين والخبراء الاقتصاديين."
النظام المغربي يبيع "المغالطات"ويسوق الأوهام 
نظام الرباط يقدم نفسه انه خبير بمكافحة الارهاب والجريمة العابرة من مخدرات وهجرة سرية وغيرها والتي "يوظفها" في علاقاته الدولية ويبتز بها جيرانه و يبيعها بضاعة لشركائه وفي الداخل للتخدير
لكن الحقيقة غيرذلك فمعظم اعضاء الجماعات الارهابية من اصول مغربية حيث تستغل اجهزة المخابراتالمغربية الاعداد الكبيرة من المغاربة الذين يتواجدون مجندين في تلك الجماعات وغيرهم من اعضاء الجالية المغربية بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي،لمدها بالمعلومات التي توظفها في ذلك كما ان الرباط توظف"استقرار" المغرب المحروس بفضل جيوش الجزائر وموريتانيا وجبهةالبوليساريو، ويبيع ذلك مع ما يدعيه منمحاربة الهجرة السرية والمخدرات التي يشكل المغرب مصدرها الاول بحسب تقاريرالمنظمات الدولية . والمفارقة الاخرى ان نظام الرباط بات يشعر بتململ ليس فقط في الشارع المغربي،بل وصل الامرللجيش المغربي الذي خارت عزائمه في جدرانالصحراء الغربية . 
وهو ما يعيد للاذهان صراع القصر والجيش عقب محاولات الاغتيال والانقلابات سنتي 1971 و 1972 ممادفع بالحسن الثاني يومها الى ابعاده عن القصر وتوريطه في حرب الصحراء الغربية.
ثم حرب التصفيات للجنيرالات على غرارالمذبوح واوفقير والدليمي .
فهل سيكون تخلي المغرب وانسحابه من حرب اليمن و غض الطرف عما يحدث من تطورات في المنطقة، بداية لدور جديد، في ظل اختراقه من طرف عصابات المتاجرة بالمخدرات،والجماعات المتطرفة في سياق وضعية الحراك في المنطقة.
الكاتب والاعلامي : السالك مفتاح

Contact Form

Name

Email *

Message *