-->

اتفاق مدريد او عندما باع المخزن مالا يملك


شكَّلت "انتفاضة الزملة" التاريخية عام 1970، وما رافقها من قمع للصحراويين من قبل الاستعمار الإسباني، مفصلا هاما أجج حراكا تحرريا لم يعرفه الإقليم من قبل. وأسهم احتضار فرانكو -وما كان يعنيه من خروجٍ وشيك لإسبانيا من الصحراء الغربية- في مضاعفة جهود دول الجوار جهودهم أملا في الاستفادة بأنجع الطرق من مرحلة ما بعد فرانكو.
تكرس ذلك بقيام جبهة البوليساريو باولة عملياتها ضد المحتل الاسباني يوم 20 ماي 1973رفعت البوليساريو شعار الاستقلال الكامل والنضال المسلح، في حين اختار المغرب وموريتانيا تنسيق جهودهما فتوجها إلى الامم المتحدة مطالبين بعرض القضية على محكمة العدل الدولية لتقديم رأي استشاري حول صلاتِ الإقليم بالبلدين من الناحية السياسية والاجتماعية. وفي عام 1974، شرعت المحكمة في الاستماع لمرافعات البلدين، وصيف ذلك العام أعلنت إسبانيا نيتها تنظيم استفتاء لتقرير المصير بالإقليم في النصف الأول من 1975.
يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول 1975، أصدرت محكمة العدل حكمها الذي نصَّ على أنَّ الصحراء الغربية لم تكن أرضا خلاء قبل الاحتلال الإسباني، وأن العلاقات القائمة لم ترق يوما إلى مستوى السيادة ولا يُمكن أنْ تُؤثر على حق سكان الإقليم في تقرير مصيرهم السياسي. وقبل يومين من صدور الحكم، طالبت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتنظيم استفتاء لتقرير المصير في الصحراء الغربية.
أخذ كل المغرب يُروج لما يُناسب أطروحاته من الحكم، فانخرطَ المغرب وموريتانيا في مفاوضات سرية مع إسبانيا انتهت باتفاقية مدريد التي سارعت جبهة البوليساريو كممثل شرعي ووحيد للشعب الصحراوي إلى رفضها واعتبارها "مؤامرة" على سكان الإقليم.
نص اتفاق مدريد على منح موريتانيا منطقة وادي الذهب (الجزء الجنوبي من الإقليم) والمغرب منطقة وادي الساقية الحمراء (الجزء الشمالي) ومقابل ذلك احتفظت إسبانيا باستغلال الفوسفات من مناجم بوكراع وبقاء أسطول صيدها البحري في المياه الإقليمية الصحراوية، وبضمان قاعدتين عسكريتين لها قبالة جزر الكناري.
لتبدأ فصول العدوان الثلاثي على الصحراء الغربية والجرائم المقترفة من طرف الدولة المغربية مع بداية الغزو المغربي يوم 31 أكتوبر 1975 ففي هذا التاريخ كان دخول الجيش الملكي المغربي، لكنه وللتذكير لم يكن أفراده حاملين مصاحف القرآن لكريم وأغصان الزيتون بل كانوا مدججين بمختلف أنواع الأسلحة ومستعدين لسلب حياة كل من يعترض طريقهم سواء كان إنسانا أو حيوانا، منتهجين سياسة الأرض المحروقة وكأنهم في رحلة صيد وأن من واجبهم سلب حياة كل من يتحرك فوق ارض الصحراء الغربية، ولنلقي نظرة على أفظع وأبشع المحاولات المغربية لابادة الشعب الصحراوي ففي يوم الأحد 18 فبراير 1976 قام الطيران المغربي بقصف أم دريكة وهو مخيم للاجئين الصحراويين الفارين من بطش القوات المغربية وهو مكون من أزيد من 25000 لاجئ وقد قصفوا بقنابل النابالم والفسفور المحرمة دوليا، كما قصفت مجموعة طيران أخرى نفس المخيم يوم 20 فيفري ,1976 وقد قصف المخيم كذلك يوم 23 فيفري 1976 ، استطاعت القوات المغربية من خلال مسلسل القصف هذا من أن تصيب 700 فرد مابين قتيل وجريح، ولعل المقبرة الجماعية التي اكتشفت في مدينة السمارة المحتلة مع بداية العام الجديد 2008 أكبر شاهد على فظاعة الجرائم التي ارتكبها المغرب ضد الصحراويين، إلا إن مسلسل الجرائم التي ارتكبتها الدولة المغربية لم ينتهي عند هذا الحد بل توالت انتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية من خلال الاختطافات وممارسة التعذيب والمحاكمات الجائرة التي تفتقر إلى ابسط شروط العدالة، وهناك انتهاكات أخرى لا حصر لها والتي كان بطلها وبدون منازع الدولة المغربية، ولعل تقارير المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية المختصة ستكون أبلغ من هذه الأسطر للتعبير عن مدى فظاعة الجرائم المغربية ضد الصحراويين.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *