غير المعلن في زيارة وزير الخارجية الأمريكي للمغرب
قام وزير الخارجية الأمريكي مارك بومبيو يوم الخميس الماضي بزيارة إلى المغرب، تعتبر الأولى من نوعها، يقوم بها مسؤول أمريكي رفيع المستوى للمغرب منذ انتخاب دونالد ترامب سنة 2016. ومنذ ذلك الحين، لم تراوح العلاقات المغربية الأمريكية مكانها، واقتصرت في الآونة الأخيرة على البعد العسكري/التجاري، من خلال إبرام صفقات سلاح، وحتى منصب السفير الأمريكي في المغرب، لا يزال شاغرا منذ 2017، ويقتصر التمثيل الأمريكي على قائم بأعمال السفارة.
غير أن مصادر إخبارية متعددة، وعلى رأسها الصحافة الإسرائيلية، ذكرت أن الهدف الرئيسي للزيارة، هو محاولة إقناع المغرب بضرورة تقوية الروابط بين المغرب و»إسرائيل»، وإعادة تطبيع العلاقات بينهما، بعد ما يناهز عقدين من قرار المغرب إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي، عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في سبتمبر/أيلول 2000، وهناك ثلاثة أسباب رئيسية تعزز من صحة هذه الأخبار:
*أولها: إن الدبلوماسية الإسرائيلية حققت خلال الخمس سنوات المنصرمة «اختراقات» تكاد تكون غير مسبوقة على مستوى تطبيع علاقتها بالعالم العربي والإسلامي، خاصة في منطقة الخليج العربي، مستفيدة من الدعم الأمريكي اللامشروط، ومن هشاشة الوضع الجيوسياسي والجيواستراتيجي في المنطقة (التحالف التركي القطري، فشل التحالف السعودي/الإماراتي في اليمن، التهديد الإيراني)، ومن ثم برزت اتصالات سعودية/إسرائيلية لمواجهة إيران وتنسيق إماراتي/إسرائيلي لتأمين الرحلات البحرية الأمريكية في الخليج، ناهيك من العلاقات العلنية الإسرائيلية/العمانية. بهذا تكون «إسرائيل» قد أمنت – إلى حد ما- علاقاتها ضمن المجال الحيوي الخليجي، كما أمنته سابقا في المجال الحيوي الشرق أوسطي عبر مصر والأردن، وتبقى في حاجة إلى إيجاد موطئ قدم لها في المغرب العربي (المجال الحيوي الثالث)، وتعي الولايات المتحدة الأمريكية أن المغرب يبقى الأقرب للاضطلاع بهذه المهمة، كونه الدولة المغاربية الاكثر تقاربا مع الكيان الصهيوني وليدها تعاملات تجارية وعلاقات سياسية سرية معه.
*ثاني الأسباب: إنه على الرغم من أن المغرب قطع اتصالاته مع «إسرائيل» علنيا منذ عقدين من الزمن، إلا أن بعضا من صور التطبيع «الهادئ» استمرت وتصاعدت خلال الآونة الأخيرة، ضمن مجالات متعددة، اقتصادية وثقافية وفلاحية وسياحية وغيرها، وهو أمر لطالما نبه إليه وكشفه المرصد المغربي لمناهضة التطبيع. وهذا المستوى من التطبيع يشكل أرضية مثالية لمحاولة الدفع بعلاقات مغربية إسرائيلية متقدمة.
*السبب الثالث يتمثل في كون الإدارة الأمريكية مستوعبة جيدا لجهود المملكة المغربية في المساهمة في بناء اسرائيل ودعم هجرة اليهود اليها ما عزز رصيد الكيان الصهيوني ضمن الصراع الإسرائيلي بشكل عام، من منطلق ثلاثة محددات أساسية: *الأول هو أن المغرب يجعل من الهوية العبرية أحد مكونات الدولة بالنظر إلى وجود عدد مهم من اليهود المغاربة، سواء كمواطنين في «إسرائيل» أو في مراكز القرار هناك، أو أولئك الذين لا يزالون في المغرب.
*الثاني هو الدور التاريخي للمغرب في التجسس على القمم العربية والتخابر لصالح اسرائيل ودعم الكيان الصهيوني في خضم الصراع العربي الإسرائيلي.
وتأتي الزيارة في سياق تقارب إسرائيلي مع بعض الدول العربية، إذ أفادت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» على موقعها الإلكتروني، بأن حكومة العدو تأمل حدوث اختراق في تطبيع العلاقات مع المغرب خلال أيام، كي يستخدمه نتنياهو للاحتفاظ بالحكم.
ونقلت القناة الـ12 الإسرائيلية، أمس الأربعاء، عن مسؤول رفيع المستوى في الحكومة قوله إن الدولة العبرية تأمل إحراز «إنجاز دبلوماسي حقيقي» في عملية إقامة علاقات طبيعية مع المغرب حتى 11 كانون الأول/ ديسمبر، أي موعد انقضاء المهلة الممنوحة للكنيست لتقديم مرشح يتمكن من كسب دعم 61 من أصل 120 نائباً فيه لرئاسة الحكومة، بغية تفادي سيناريو الانتخابات التشريعية الثالثة على التوالي.
وقالت القناة إن نتنياهو الذي فشل مرتين منذ بداية العام الجاري في تشكيل الحكومة «يتطلع إلى استخدام هذا الإنجاز كي يكسب الدعم المطلوب من المشرعين لتشكيل الائتلاف الحاكم أو التعويل عليه في حملته الانتخابية الجديدة».
من جانبه، أفاد موقع «Axios» الأميركي، الثلاثاء الماضي، نقلاً عن مصادر إسرائيلية وعربية وأميركية، بأن نائبة مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، فيكتوريا كوتس، التقت الأسبوع الماضي في واشنطن سفراء المغرب والإمارات والبحرين وسلطنة عمان، لحث هذه الدول على توقيع اتفاقيات عدم اعتداء مع إسرائيل، وقال هؤلاء السفراء في المقابل إنهم سيتشاورون مع حكوماتهم وسيبلغون إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قرارها قريباً.