-->

القرار الصعب ..


" .. يعلم الله أنني ما إتخذت هذا القرار المؤلم بالنسبة لي إلا بعد تفكير عميق ومراجعة أخذت وقتا طويلا، ولقد أجلت هذا القرار الذي كنت قد إتخذته قبل أشهر الى غاية الوفاء بإلتزامات رأيت أنه من واجبي أخلاقيا ومهنيا تأديتها الى جانب رفاقي وزملائي في المهنة .. وأخيرا كانت الدوافع الى إتخاذ القرار أكبر من قدرتي على التراجع عنه رغم محاولاتي الجادة .. " .. 
بعد أكثر من ثماني سنوات قضيتها بالمؤسسة الإعلامية كمخرج وكصحفي محرر ومقدم تقارير إخبارية ومعد ومقدم برامج في التلفزيون الصحراوي وكصحفي متعاون متطوع محرر تقارير ومراسل لكافة الوسائط الإعلامية الوطنية و المستقلة المسموعة والمكتوبة والمرئية دون تمييز، قررت اليوم وبعد تفكير عميق ودون تدخل ولا علم مسبق من أي أحد أن أنهي وبحزن وأسف عميقين علاقتي بالمؤسسة الإعلامية على الأقل في هذه الفترة الصعبة من مسيرتي كمواطن وكمناضل .. 
لقد حرصت كل الحرص خلال المدة التي راجعت فيها نفسي أن أبقي الأمر سرا بيني وبين نفسي مقاوما كل الدوافع التي كانت وراء إتخاذ القرار وذلك حتى لا يتأثر آدائي لواجبي بما حاط بي من ظروف لا يعلمها إلا الله، وبتوفيق منه فقد نجحت وسط كل تلك الضغوط التي كانت تؤرقني على أن أبقى متماسكا وهو الأمر الذي مكنني من أن أأدي عملي داخل مؤسستي كما يجب وكما ينبغي وبأحسن صورة بكل جدية وإخلاص وبنفس الروح والحماسة كما كنت أفعل دائما وحتى هذه اللحظة .. لحظة إتخاذ هذا القرار الصعب .. 
لقد حاولت طوال كل هذه السنوات أن أقدم كل ما لدي كصحفي مناضل وبشكل محترف وراقي بعيدا عن كل الممارسات المشينة المتخلفة، مترفعا عن القبلية والإبتزاز والتملق والتمصلح والكسل والخمول والإتكال .. لقد حرصت كل الحرص طوال هذه السنوات على أن لا أكون إلا في رواق وجناح الذين ينحازون فقط الى الوطن والمواطن والقضية والمصلحة العامة بعيدا عن أي شبهة، مركزا في عملي الوطني ومضحيا بكل وقتي وجهدي، وبعائلتي وأصدقائي، متمسكا بالمهنية والموضوعية والسرعة في نقل الخبر كأساليب ناجعة مساهما بالتالي في تقديم إعلام يواكب العصر، ناجح ومشرف ومتميز في مستوى قضية عادلة وشعب مكافح وجيل يتطلع الى غد أفضل في عالم متغير بإستمرار ..
أقدم الشكر لزميلاتي وزملائي الإعلاميين من صحفيين ومسيرين بالمؤسسة الإعلامية كل واحدة وواحد بإسمه الخاص وأخص بالذكر زملائي وزميلاتي في التلفزيون، مدير المؤسسة وأصدقائي الصحفيين والتقنيين وحراس المؤسسة من مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي، كما أتقدم بالشكر لزملائي وزميلاتي في كالة الأنباء الصحراوية والإذاعة الوطنية وجريدة الصحراء الحرة ولزملائي في كل المواقع المستقلة وأعتذر لهم جميعا عن أي تقصير او هفوة طيلة هذه السنوات التي جمعتني بهم كجزء من أسرتي .. 
أنا وبكل صدق ممتن لكل الذين ساعدوني وكل الذين شجعوني وكل الذين إنتقدوني وكل الذين إختلفوا معي وحتى لأولائك الذين ولسبب او لأخر كانوا ينظرون الى عملي بإزدراء وسخرية، لكم جميعا كل الفضل في أي تقدم او تحسن يكون قد حصل فعلا في مسيرتي وما كنت لأتصف في حياتي بألقاب كبيرة محترمة كلقاب إعلامي او صحفي او مخرج لولا تأثيركم وبصماتكم جميعا وقبل كل ذلك ما كنت لأصبح شيئا لولا تضحيات الشهداء وعرق المواطنين البسطاء الذين ساهمت تضحياتهم في صنع شخصيتي ولعبت دورا كبيرا في تكويني ..
أنا وبكل صدق مدين لكل قطرة دم شهيد سكبت لأجل أن نصبح شعبا أمة ولكل قطرة عرق مواطن صادق مكافح سالت لأجل أن نصبح كيانا موجودا يأبى الأفول .. 
وختاما .. أنا حزين .. حزين لأنني أردت دائما أن أكون قريبا وجزءا من المهنة التي دخلتها هاويا متطفلا فأحببتها وأشعر بالأسى لإضطراري مغادرة المؤسسة التي أصبحت وبكل صدق ومع مرور السنوات بيتي وعائلتي وآمل أن أعود ذات يوم الى أسرتي الإعلامية في ظروف أفضل وأحسن .. 
*عبداتي لبات الرشيد*

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *