-->

هل القوة الثالثة تعالج عجز الاستعمار؟


القوة الثالثة هي احتياط و متنفس للاستعمار يستبدل به المقاومة الثورية و اهدافها إن امكنه ذلك، و هي عنصر قوامه احتياطاته المختلفة المتكونة من عملائه في مخزونه الاحتياطي، ينشؤها برعايته عند الضرورة، كبديل للثورة و تنظيمها السياسي لتشتيت صفها و تشويش الراى. و هي مشروع استعماري داعي الى تكوين قوة مختلطة من ايادي استعمارية خبيثة مخابراتية تعتمد على الانتهازين و المرنزقة و المتساقطين، كقوى يجمعها حوض واحد تعلف فيه، للتحدث باسم الشعب لمضايقة ممثله الشرعي، قصد تحويل مصاره الصحيح عن هدفه الاصلي وتضليل الرأي العام الوطني و الدولي لتكون بذلك عقبة امام تحقيق اهداف اية ثورة حين توشك على النصر. ويعتبر ديغول من اشهر صناعه، فبعد وصوله إلى سدة الحكم في فرنسا يوم 13 ماي 1958م، سعى الى تلك الاستراتيجيةٍ الاستعمارية التي آلت إلى الاستعمار الجديد، في كثير من البلدان التي كانت تستعمرها فرنسا، بعد قناعته بحتمية استقلال الشعوب المستعمرة حتى لا تبتعد كثيرا عن فرنسا، مستغلا في ذلك اوضاعها السياسية المتردية آنذاك، ليستبدل استقلالها الحقيقي باستقلالات شكلية ملغّمة يستبعد بها إراتها الحقيقية في السيادة إلى أمد بعيد، و ذلك وفق خطة تجسّد مشروعا خبيثا يحمل شعارا مُغريا وجذّابا تحت مسميات برّاقة جوفاء لإستدراج الشعوب الى مستنقع استعماري مسدود الابواب والنوافذ، و ذلك بتنظيم عمليات تسلّل و اختراق لصفوف المقاومة و المجتمع عن طريق ضعفاء الهمم و المتمصلحين و المتساقطين و من دربهم على يده، حيث يبدو الاستعمار في هذا المشروع و كأنه يقبل بمبدأ الاستقلال و لكنه في جوهره شكلي وملغّم ومفرّغ من محتواه، بفصله عن أبعاده و عمقه، و بالتالي بقائه مشدودا عضويا به في المجالات الاستراتيجية عبر "تعاون و تشارك" معه، من خلال تحكم مخابراتي و هيمنة “اشعاعه الثقافي اللغوي” كخلفية إيديولوجية، بما يؤجّل تحقيق أهداف الثورة إلى أجلٍ غير مسمّى. و هكذا فبعد أن يخفق الاستعمار في مواجهة المقاومة في الميدان، يلجأ الى حربٍ خفية هي الأكثر ضراوةً والأشدّ قسوةً، تهدف في صمت و برودةٍ إلى تكييف استراتيجيته مع الواقع الجديد المتغير لتشكيل قوة من المتعاونين معه، بعد أن يضبط خطة اختراق المقاومة بعملائه. و لم تكن ثورة الشعب الصحراوي في بمعزل عن ذلك منذ نشأتها حيث أنشأ اعداء شعبنا حركة "مُرْحُبْ" الموازية لنضاله مكونة من مخابرات الرجعية التوسية، تدعي تمثيله بعد انتفاضة 1970 و منذ تأسيس الجبهة الشعبية و الحركات الموازية تتوالى من "الحزب التقدمي" الذي إدعى الثورية مرورا "بالبونسpuns" فجبهة بالوحدة" و "جبهة ضمها"، فكلما تقدم نضال شعبنا، انشأ اعدائه حركة لمضايقة ممثله الشرعي للتأثير على وتيرة النضال لعلهم يوقفونه او يخففون من سرعة تراكم مكاسبه، و لم يزده ذلك الا تماسكا وقوة. إذن، فإنه من الواضح ان غاية العدو من هذه الدمى هي تشتيت جمعنا و إصتياد ضعاف الهمم فينا ليخرجهم عن صفنا ليهلكوا في جحيم الخيانة تحت مبررات مختلفة تنتهي كلها في مستنقع الرذالة الذي يريده لنا جميعا و نحن ناباه البتة، و هي محاولات يائسة قديمة تلازمنا على طول مسيرتنا المظفرة، يحاول الاحتلال دائما تجديد قِناعها النتن من رائحة العدو، و ما كذبة "خط الشهيد" و ما يحوم حولها هذه الايام الا موالصة لهذا السبيل الغذر، الذي لن ينال من عزيمتنا في افتكاك النصر مثقال ذرة. لا يستطيع الكذاب تضليل الناس الا بـ"كَبَّرْهَا تَهْوَان" بالمزايدة بأمر لا ينوي تحقيقه فلا يهمه الحجم الذي يعطيه "دِيرِ الْمَعْرَظْ انا مَانِ گَايَمْ"، و قد تكذب القوة الثالثة لمماهاة صانعها، فتبالغ في الوعود الكاذبة وكأنها ابو سليمة الكذاب الذي احل الخمر و ترك الصلاة و منع الزكاة و ادعى النبوة، و في امر مشابه لهذا تقوم المخابرات المغربية، الفرنسية و الاسبانية و من يدور في فلكهم من مغفلين بلملمة شتات المتساقطين الذي تناثر على اثر مسيرة هذا الشعب المقدام منذ قيام ثورته الى الآن لتصنع منه "بَواً"، مبادِرة بقناع جديد وصفته هي "بتغير" مزيف لعله يزيد في وهم الواهمين و يخلط بعض الاوراق على مراهقي السياسة و لو لوقت وجيز، لتحيد من تستطيع تحييده عن طريق المجد و الحق مؤقتا. فنستشف من هذا المشهد ان الغزو يحتضر و يحتاج الى حقنة بلون صحراوي و اخرى بلون افريقي فلم يجد الا القمامة من هذا و ذاك و أخذها وصفة لعلها تنفعه، فدلت عليه مقولة "أيْدْ امْسَنْدَ أيْدْ"، فلو كانت القمامة تصلح لشيئ لما رماها مجتمعها، و لو لم يكن الغزاة في حال يرثى له لما تداووا بالقمامة. 
2020/02/21
بقلم : محمد فاضل محمد اسماعيل obrero

Contact Form

Name

Email *

Message *