تحقيق “نتنياهو زلمة العرب” يكشف عن صفقتين سريتين لإسرائيل مع المغرب وإيران
كشف تحقيق تلفزيوني إسرائيلي أن دولة الاحتلال تجدد مساعيها لإنجاز صفقة مع المغرب بواسطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ بموجبها تعترف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية المحتلة مقابل تطبيعه مع إسرائيل، كما كشفت عن مساع لسلطنة عمان لصفقة مع إيران.
وتحت عنوان “هكذا حاول نتنياهو دفع صفقة ثلاثية بين إسرائيل والولايات المتحدة والمغرب”، اقترحت دولة الاحتلال على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عدة مرات خلال العام الأخير أن تعترف واشنطن بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية مقابل قيام الرباط بخطوات تطبيع مع تل أبيب.
يشير التحقيق التلفزيوني لاستعانة إسرائيل برجل الأعمال الأمريكي اليهودي ياريف الباز، وهو أحد أقوى رجال الأعمال الكبار في سوق الغذاء في المغرب
وتستند القناة الإسرائيلية 13 في تقريرها إلى مصادر إسرائيلية وأمريكية “مطلعة”، منوهة أن “الحديث عن الصفقة انطلق في أيلول/سبتمبر 2018 تزامنا مع وصول نتنياهو للأمم المتحدة، ضد إيران التي كانت سببا في تقارب وتعاون سري متصاعد بين إسرائيل ودول عربية”.
واستذكرت القناة أن نتنياهو التقى على هامش زيارته للأمم المتحدة في نيويورك وزير الخارجية المغربي ناصر بو ريطة، موضحة أن اللقاء ثمرة اتصالات في قنال سري بين مستشار نتنياهو للأمن القومي مئير بن شابات ومساعده “ماعوز” وبين وزير خارجية المغرب.
ويشير التحقيق التلفزيوني لاستعانة إسرائيل برجل الأعمال الأمريكي اليهودي ياريف الباز، وهو أحد أقوى رجال الأعمال الكبار في سوق الغذاء في المغرب. كذلك فإن الباز مقرب من المستشار الكبير للرئيس ترامب وصهره جارد كوشنير وسبق أن التقيا في المغرب. وفي مايو/أيار 2019 زار كوشنير الدار البيضاء واصطحب معه الباز في زيارة للمقبرة اليهودية مع الحاخام دافيد بينتو ونائب وزير خارجية المغرب، فيما قام الباز لاحقا بالربط بين بن شبات وبين بوريطة.
وقالت القناة 13 إن الاتصالات في هذا القنال السري تمت دون إطلاع رئيس الموساد يوسي كوهن، وحينما كشف النقاب عنها اشتعلت “الحروب بين اليهود أنفسهم” وجرى تبادل تهم بين رجال الموساد ومجلس الأمن القومي. وتصاعد الجدل الداخلي حتى تدخل نتنياهو وحسمه لصالح بن شبات.
ونقلت القناة 13 عن مصادر إسرائيلية رفيعة قولها إن بن شبات وماعوز رغبا باستغلال العلاقات الوثيقة بين إسرائيل وإدارة ترامب من أجل إحداث اختراق في العلاقات بين إسرائيل والمغرب، ولذا توجها للبيت الأبيض طالبين مساعدة في إتمام الصفقة المذكورة.
وتستذكر القناة 13 أنه حتى 1975 كانت الصحراء الغربية تحت احتلال إسبانيا قبل أن تحتلها المغرب وتقيم فيها “مستوطنات”، أسكنت فيها مغاربة، فيما طردت بعض سكانها الأصليين. وفي 1979 أحال المغرب سيادته على هذه المنطقة مما أدى لاستمرار مواجهات وسفك دماء، لكن العالم لا يعترف بسيادتها بل إن الاتحاد الأوروبي يثابر في التنديد بما فعله.
وحسب الصفقة تقوم الولايات المتحدة بتغيير سياستها فتعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية المحتلة مقابل قيامها بالتطبيع مع إسرائيل.
وتنقل القناة 13 عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن الجميع سيخرج رابحا من هذه الصفقة: سيفوز العاهل المغربي الملك محمد السادس بمكسب تاريخي، فيما يستطيع ترامب التلويح بنجاحه بدفع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية بثمن رخيص، أما نتنياهو فسيحظى بزيارة رسمية علنية للمغرب وبلقاء “مطنطن” مع الملك وقبيل الانتخابات العامة في أبريل/نيسان 2019.
تسريب صحافي يعطّل الصفقة
وحسب القناة 13 حاول نتنياهو جاهدا مع البيت الأبيض لدفع هذه الصفقة مع المغرب كما خطط لها، لكن تسريب زيارة بن شبات للمغرب في الصحافة العربية تسبب بتعطيل الصفقة. كما تكشف أن مساعي إنجاز الصفقة تجددت قبيل الانتخابات العامة في سبتمبر/أيلول الماضي، لكن مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون عارضها بشدة وأحبطها.
وتتابع: “وقبيل زيارة وزير الخارجية الأمريكية للرباط في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، تم طرح الصفقة المقترحة مجددا بعدما كان ترامب قد أطاح ببولتون لكن بومبيو تحفظ من الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، فتعطلت الصفقة التي عرف بها المغرب”.
المغاربة محبطون جدا من الفارق الكبير بين وعود نتنياهو ورجاله وبين النتائج في أرض الواقع
وتنقل القناة 13 عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن المغاربة محبطون جدا من الفارق الكبير بين وعود نتنياهو ورجاله وبين النتائج في أرض الواقع، كما أنهم يشمئزون من مناوراتهم وإطلاقهم إشاعات عن المغرب لخدمة احتياجاته الداخلية – الانتخابية. وتؤكد القناة الإسرائيلية أن نتنياهو يواصل إطلاق الصفقة هذه باتصالات متجددة مع البيت الأبيض، منوهة لصفقة بيع طائرات مسيرة إسرائيلية للمغرب مهمتها جمع المعلومات الاستخباراتية في منطقة الصحراء الغربية المحتلة.
وأضافت: “الآن بقي أن ننتظر كيف سيرد الملك المغربي على طلبات نتنياهو الملحة وهل سيستجيب لها أم ينتظر لما بعد انتخابات الكنيست في 2 مارس/ آذار القادم”.
صفقة مع إيران بواسطة سلطنة عمان
في الحلقة الثانية من التحقيق التلفزيوني للقناة 13 بعنوان “نتنياهو زلمة العرب”، تم الكشف أيضا عن مبادرة سلطنة عمان في 2013 للتوسط بين إسرائيل وإيران، لكن نتنياهو رفضها خشية منح طهران شرعية دولية.
وحسب القناة 13 اقترحت عمان وساطتها بين إسرائيل وإيران من أجل فتح قنال مفاوضات سري مباشر بين إسرائيل وإيران، لكن نتنياهو صد المقترح العماني معتقدا أن مثل هذه المفاوضات ستمنح شرعية لمفاوضات بين واشنطن وطهران حول الاتفاق النووي.
وزعم معد التحقيق المحرر السياسي في القناة 13 الصحافي براك رافيد أن مقترحات سلطنة عمان بقيت سرا، واطلع عليها عدد قليل من القادة الإسرائيليين. وتستذكر القناة أن إسرائيل وإيران كانتا في خريف 2012 على حافة الحرب وسط تراشق إعلامي بينهما، “وبعد خمسة شهور هبطت طائرة عسكرية أمريكية في مسقط أقلت اثنين من مستشاري الرئيس الأمريكي الأسبق براك أوباما من أجل مفاوضات سرية مع السلطان الراحل قابوس، ومن خلف ظهر إسرائيل التي اكتشفت السر بقواها الذاتية”.
مقترحات سلطنة عمان بقيت سرا، واطلع عليها عدد قليل من القادة الإسرائيليين
وتنقل القناة 13 عن مستشار الأمن القومي لدى نتنياهو الجنرال بالاحتياط يعقوب عميدرور قوله إن المخابرات الإسرائيلية علمت بالموضوع، وإنه شخصيا هاتف مستشارة الأمن القومي الأمريكي وقتها سوزان رايس، وإن بوسعه ذكر رقم الطائرة، وإنه من السذاجة بل الإهانة التفكير بألا تعلم إسرائيل بمثل هذه اللقاءات السرية.
وتابع عميدرور: “خاب أملي جدا لأن الجانب الأمريكي قام بالتغرير بنا وقد أبلغناهم بموقفنا هذا”. وتقول القناة 13 في تحقيقها “نتنياهو زلمة العرب”، إنه في مايو/أيار 2013 حصل تغيير درامي في إيران بعدما اعتلى سدة الحكم حسن روحاني الذي يعتبر معتدلا قياسا بسابقه أحمدي نجاد”.
رفض مقترح عمان
وتتابع القناة 13: “يؤكد قادة إسرائيليون لنا أنه في تلك الفترة بدأ يتبلور النصف الثاني من مقترح السلطان قابوس حول التفاوض مع طهران. بعد فوز روحاني قام رئيس الموساد تمير باردو بإطلاع نتنياهو على معلومات حساسة وصلت من سلطنة عمان صاحبة العلاقات السرية والطويلة مع إسرائيل“.
وتنقل القناة 13 عن مسؤولين عمانيين قولهم إن “انتخاب روحاني شكّل نافذة فرص جيدة لمفاوضات بين إسرائيل وإيران، وإنه حتى لو لم تثمر عن أي تقدم تبقى المداولات مفيدة وتفضي لحالة هدوء، أما عدم التداول فمن شأنه الدفع نحو حرب”. من جهته ضم نتنياهو مستشاره للأمن القومي عميدرور، الذي قال إن من مصلحة عمان أن تظهر قدرتها على التوسط والتحدث مع إسرائيل ومع إيران معا.
وتقول القناة 13 إن الموساد اعتبر المقترح العماني جديا وأوصى بالتعامل معه، لكن عميدرور عارض وما زال حتى اليوم، من منطلق أن مثل هذا اللقاء سيخدم فكرة الحوار الثنائي الأمريكي الإيراني فقط. وبالتالي رفض نتنياهو مقترحات سلطنة عمان، لكن قادة إسرائيليين يعتقدون أن نتنياهو ارتكب خطأ وأن مقترحات عمان جدية وربما كانت المفاوضات ستثمر عن نتيجة طيبة.
وخلصت القناة 13 للقول: “إن إسرائيل وإيران بعد ست سنوات تتواجهان مجددا وتمثلان في خط يتجه نحو الحرب”. ورفض ديوان نتنياهو التعقيب على التحقيق التلفزيوني علما أنه قد زار سلطنة عمان قبل عام ونيف، في زيارة رسمية علنية حاول استثمارها انتخابيا كما يفعل اليوم مع السودان وغيرها.