-->

منطقة امهيريز بالصحراء الغربية ..نهضة حقيقية على طريق الإعمار وتكريس السيادة


تشهد منطقة مهيريز شرق الصحراء الغربية المحررة ، وتقع تحت سيادة الجمهورية الصحراوية ، نهضة عمرانية غير مسبوقة في تلك المناطق التي كانت حتى 1991 مسرحا لحرب ضروس بين جبهة البوليساريو التي تدافع عن مطالب شعب الصحراء الغربية وبين الإحتلال المغربي.
اليوم تتحول مهيريز من منطقة مثخنة بالحرب إلى محط أنظار وأهتمام متزايد من قبل المواطنين الصحراويين الراغبين في إعمار المناطق المحررة من دولتهم التي تعد عضوا مؤسسا في الإتحاد الإفريقي .
الناظر من على سلسلة "رغيوة" الجبلية التي مثلت إبان حرب التحرير عرينا للمقاتلين الصحراويين ، ينظر اليوم بكل فخر إلى سفوح الجبال ليرى مدينة تنمو في الأسفل ، تحاول تكريس سيادة الشعب الصحراوي على ربوع تحررت بفضل دماء الشهداء وأشلاء جرحي الحرب.
تقول السلطات الصحراوية إنها تنحو بأتجاه إعمار تلك المناطق ، من بئر لحلو شمالا وحتى أقصى الجنوب ، لتعمير مناطق أخلتها الحروب ، غير أن قطار الأعمار يتحرك ببطء شديد ، ويكاد لا يحقق شطرا كبيرا مما وضع على ظهره من آمال.
منذ تعيين وزارة للإعمار وإبداء النية الرسمية في إرساء سكة تأهيل تلك المناطق ، وإلى اليوم ، لم تتغير أمور كثيرة ، وعلى الرغم من خطوة الدولة الجريئة والمحمودة في بناء مساكن في تفاريتي المحررة ، إلا أنه ومنذ توقف تلك المشاريع الواعدة والمستحسنة ظل إعمار المناطق المحررة كلمة تسكن بطون الصحائف دون أن تقفز إلى الواقع.
اليوم بات الشعب الصحراوي ملما بدوره في بناء وتأهيل أراضيه لإثبات وجوده ، جنبا إلى جنب مع الدولة الصحراوية التي توفر بعضا من أسباب الحياة هناك ، وتجري أبحاث عن المياه وتسهم في استخراجها ، إللى حانب توزيع ما أمكن من مؤن.
في السنتين الأخيرتين فقط ، تعرف منطقة مهيريز المحررة طفرة نوعية في البناء والتشييد ، في محاولة لفرض واقع يتطلع اليه الصحراويون بشغف شديد ، ويأخذ بعضهم على عاتقه مسؤولية تنفيذ خطة الإعمار بما يتماشى وإمكانياته المادية.
عمليات الإعمار بلغت حدا فاق التصور ، يقول أحد المواطنين الذين إختاروا ركب إعمار المنطقة على البقاء خارج الخريطة الوطنية :إأن البلدة التي كانت مهجورة قبل سنين تتحول بسرعة إلى أن تصبح مدينة مأهولة ، مثلها مثل "بئرمغرين" الموريتانية ، التي تبعد عن المنطقة نحو 100 كلمتر.
مايقارب الأربعة آلاف مواطن صحراوي ، هم عدد سكان البلدة الصحراوية التي تبعد عن مدينة السمارة المحتلة 100 كلمتر.
بات البناء يزحف على أطرافها بشكل متسارع ، ورغم المخاوف التي يطرحها الكثير من صحراويي الشتاء إلا أن سكان مهيريز غير قلقين بشأنها.
تتوسطه معالم شامخة ، "كرونة"، "رغيوة" و عديد الهضاب العظيمة المتناثرة في أرجائه ، ويتوسطه وادي مهيريز ، الذي يقسم البلدة إلى شرق به سوق يضم عددا كبيرا من المحلات ، التي توفر لسكان المنطقة إحتياجاتهم الضروية من الغذاء والغار والملابس ، كما يضم محلات لبيع اللحوم توفر لحوم الإبل بأثمان معقولة.
يعرف مهيريز بجوه المعتدل ، ويكاد يكون المنطقة الوحيدة في التراب المحررة من الصحراء الغربية المتميز بلطافة جوها صيفا حيث تبلغ درجات الحرارة إنخفاضا مريحا ، وصلت في الصيف الماضي إلى 20 درجة .

بين سكان المدينة التي فرضت نفسها كواقع يريده كل صحراوي ، من يحاول تهشيم العقبات التي تقف هاجسا امام الراغبيين في الإنتقال للعيش في التراب الوطني المحرر.. أبرز هذه الهواجز هو الماء، لكنهم يتحدثون عن مشاريع واعدة في عملية تأمين حاجة السكان منه ، هذا عدا ماتوفره الدولة ، التي تستخرج المياه لكنها لا توفر أي صهاريجا لنقل ما بجعل المواطنين يعتمدون على أنفسهم في جلب المياه بأثمان بلغت مليون ونصف المليون سنتيم جزائري لل20 طنا من المياه، أي 15000 سنتيم للطن الواحد. غير أن بعض المهتمين بإعمار المنطقة أكد ل"المشهد الصحراوي" رغبة منظمة صديقة في مد السكان لوجيستيا بمشاريع تسهل عملية تقريب المياه من المواطنين.
ورغم توفر المياه وإن بأثمان باهضة نسبيا مقارنة مع ميخمات اللاجئين وفي ظل عدم منافسة الدولة في نقل المياه لخفض أسعارها ، توجد صعوبة ما يقول المهتمون بإعمار مهيريز إنها ستتبدد قريبا.
أصبح من المستيحل اليوم الإستغناء عن الإتصالات التي باتت تمثل عصبا جديدا للحياة ، ومع صعوبة الحصول على هذا المطلب العصري الهام الذي يكسر العزلة عن المناطق البعيدة نسبيا مثل المناطق المحررة ، فأن أفكار جديدة يطرحها بعد القيمين والمهتمين بشأن إعمار البلدة يمكن أن تنهي هذا الهاجس. خصوصا مع وجود إمكانات تقنية توفر هذه التغطية ببعد جذب الإشارة من المناطق الحدودية، وقد أكد أحد المهتمين بالموضوع ل"المشهد الصحراوي" أنه سيقوم بتجربة هذه التقنية قريبا لكسر عزلة المنقة وإحداث قفزة في الإتصال داخل المناطق المحررة، وهي إمكانيات أكد بانها بسيطة وسهلة ومتوفرة في السوق العالمي ويمكن إقتناؤها عن طريق الأنترنت.
نحو مهيريز مرتبط بالعالم توجد لجنة من المواطنين تسهر ليل نهار على إرساء دعائم هذه النهضة التي تدعمها الدولة أحيانا وتتأخر عنها أحايين ، فالدولة الصحراوية التي أطلقت مشروع الإعمار لا توفر صهاريج مياه غير واحد لا يكفي لتغطية نصف حاجة السكان الذين يعتمدون في نقل المياه على صهاريج شخصية .
سياسيا ورغم أهمية الخطورة في مجال تكريس سيادة الجمهورية الصحراوية على أراضيها ، إلا أن مواطني مهيريز وغيرها من المناطق المحررة لا يملكون صوتا في البرلمان الصحراوي، رغم تزايد عدد السكان فإن تمثيلهم في قبة المجلس الوطني هو 0%.
في مهيريز مدرسة لتعليم الأطفال ، وهي مدرسة إبتدائية تحمل اسم الشهيد "لبات سلمى المخطار" قائمة تتيح لأطفال البلدة التعليم المجاني، وبها مستشفى ، وبلدية ترعى وتتابع إنشغالات المواطنين، الذين قررواالعيش في وطنهم في تحدي كبير للواعق الذي بدأ صعبا وأصبحت معوقاته تذوب امام إرادة الأهالي.
وفيما يتطلع سكان مهيريز التي تبعد عن الشهيد الحافظ 400 كلمتر ، إلى وضع قطار الإعمار والبناء على سكة الواقع ، فأنهم يأملون أن تساهم الدولة الصحراوية بشكل بناء وقوي في تكريس بعض المعوقات وفق حدود الإمكانيات، فمن يعلم؟! ربما تصبح غدا أو بعد غد أحد أهم بواعث القلق للمغرب الذي يسوق صورة سيئة عن القضية في جناحها المتعلق بالسيادة، وهنا يمكن للدولة الصحراوية أن تستغل البناء الحقيقي ، بعيدا عن الخطاب الرث ، لتكريس هذه السيادة وجعل الوفود الصديقة وحتى غير الصديقة تطلع على صورة عميقة عن واقع آخر يفرضه الصحراويون على الأرض، ربما يهم في تغيير الصورة النمطية العالقة بفعل ترسبات إعلام المخزن حتى في ذهنية الرأي العام المغربي.
المصدر: المشهد الصحراوي

Contact Form

Name

Email *

Message *