حرب الجيل الرابع: الحرب النفسية و تاثيراتها السلبية على المجتمعات "الجزء الثاني"
تطرقنا في الجزء الاول للتعريف الاكاديمي للحروب و انواعها ، و اليوم هذا المقال سنخصصه للحرب الناعمة اوحرب الجيل الرابع و بالخصوص الحرب النفسية و تداعياتها السلبية على المجتمعات بصورة عامة .
الحرب النفسية ، أو الحرب من دون بنادق ، هي الاستخدام المزمع للدعاية والعمل النفسي الذي يهدف إلى توجيه السلوك ، في السعي لتحقيق أهداف السيطرة والهيمنة الاجتماعية ، السياسية أو العسكرية ، دون اللجوء إلى استخدام الأسلحة التقليدية.(7)
الحرب النفسية هي احد فنون الحرب الأكثر تأثيرا و فاعلية ،لها مخططاتها المدروسة للدعاية و أساليبها الإعلامية الأخرى المصممة للتأثير في أراء و أفكار و مشاعر و اتجاهات و سلوك المجموعات المعادية و الصديقة و المحايدة بهدف فرض إرادة مستخدمها تحقيقا لأهدافه ، و تعرف كذلك بعدة أسماء منها :الحرب الباردة،حرب الاستخبارات ،حرب الدعاية ،حرب الإعلام او الحرب الناعمة. (8)
تم تعريفها كذلك كنظام جدلي ، قد يتسع لمفهوم الحرب الشاملة
- قال ادولف هتلر : إنه سيتم خوض حروب المستقبل قبل بدء العمليات العسكرية ”(من خلال اعتماد حيل اخرى: كالارباك الذهني ، تناقض المشاعر ،القلق والذعر).
وليام دونوفان و ادموند تايلور ، مدراء شركة الشرطة السرية النازية Oss Gestapo
كانوا يهدفون إلى "التحريض على الشقاق والارتباك والفوضى داخل الدول المعادية". وفقا لدونوفان ، "العمليات النفسية السرية تملق عقول أولئك الذين يرغبون في التلاعب بصوت (صديق مقبول ).
تسعى الحرب النفسية إلى تحويل الأفراد (الذين يطلق عليهم اسم (الأفراد-الكتلة) إلى "جندي متعاون" عبر خطط السيطرة والسيطرة الاجتماعية التي وضعتها الدول المعادية و التي تحاول فرض هيمنتها على الخصم.
هذه الحرب ومع أنها برزت القرن الماضي إلا أنها كبرت وتعاظمت واشتد تأثيرها مع تطور وسائل الإعلام والاتصال وبروز الشبكة العنكبوتية , اخذت دورها الكبير والفعال من خلال اعتمادها على الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، و تدريب مجموعات من الشباب في الخارج والداخل على شن تلك الحروب لتمهيد الطريق للعملية الكبرى، وهو تدمير العدو ذاتيا من الداخل، اشتدت ضراوتها بعد بروز ما سمى بالربيع العربي الذي كان احد نتائجها المباشرة .(9)
- التعريف الكلاسكي للحرب النفسية :
يتم أخذ التعريف الكلاسيكي من قبل وزارة الدفاع الأمريكية :و هو عبارة عن الاستخدام المخطط للدعاية ("اليوم الكثير يفضلون تسميته تعبيرًا مبسط عن الدبلوماسية العامة أو إدارة الاتصالات) وغير ذلك من الإجراءات النفسية بهدف أساسي هو التأثير على الآراء والعواطف وسلوك المجموعات الأجنبية المعادية لتحقيق دعم الأهداف الوطنية ".
لهذه الحرب اهداف نذكر منها اساسا :
- تفكيك المنظمات الشعبية
- إضعاف دعم القواعد الشعبية.
- القضاء على المعارضة السياسية.
ومن ابرز أهدافها كذلك :
• بث اليأس والاستسلام وزرع الشك في الأفكار والمعتقدات و زعزعة الإيمان بالمبادئ و تضخيم أخطاء القيادات ، وعدم الثقة والشعور باللا امن .
• قهر الروح المعنوية ، وإثارة غريزة الخوف بين المواطنين، مما يقلل من قدرتهم على المقاومة, بالاعتماد بشكل كبير على جهل المجتمع والضعف الثقافي والتعليمي والأمية والفقر ,ونقاط الضعف مهما كانت بساطتها آخذة بعين الاعتبار عادات وتقاليد العدو المفترض وقيمه وأخلاقياته
• بث الفوضى والفرقة بين النسيج الاجتماعي والسياسي وتفتيت الوحدة ، مما يؤدي إلى إضعاف الجبهة الداخلية ثم تكسيرها ، والدفع نحو تراجع قدرات المواجهة لديها .
• تأليب القاعدة الاجتماعية للعدو المفترض ضد النظام السياسي لديه، ومحاولة تطبيع العلاقة بينه وبين بعض أجزاء مجتمع العدو، مما يسهل مأمورية القضاء عليه.
هي محاور تهدف في النهائية الى الانتصار على الخصم عبر إنهاك روحه المعنوية وإضعاف الجبهة الداخلية، مما يسهل هزيمته.(10).
تهدف كذلك الى الإطاحة بالخصوم عن طريق تغيير الأمر الواقع بالاعتماد الكبير و الاساسي على بطل الرواية: السكان المدنيون في بلد الخصم. (الشباب ، الجامعيين).
ـ بمساعدة وتوجيه وتحكم من الخارج. عبر ما يسمى بالدعاية الرمادية (المدة الطويلة و البطيئة ).
ـ عمل متعدد الأبعاد على نقاط الضعف النفسية والاقتصادية والعسكرية والسياسية لبلد الخصم لتطوير واستمرار قوى المقاومة وتحقيق الأهداف الإستراتيجية للدول المعادية.
انواع الحرب النفسية :
تستخدم الحرب النفسية كل سلاح يمكن أن يؤثر على إرادة العدو لذلك ، فإن الدعاية المفتوحة المعلنة (البيضاء) أو غير المعلنة الدعاية السرية (السوداء ) او(الرمادية) هم طرق لتنفيذ الأهداف المطلوبة على سبيل المثال : تخريب ، اغتيالات ، عمليات خاصة ، حرب عصابات ، تجسس ، ضغوط سياسية ، ثقافية ، اقتصادية وعرقية ، تعتبر أسلحة يمكن استخدامها في سياق الحرب النفسية.(11)
- نماذج من الحرب النفسية في العالم.
يوضح مشروع كاميلوت بشكل مثالي تكثيف العلاقات بين علماء السلوك والخدمات السرية الأمريكية. في عام 1963 ، هذا المشروع ، المصمم لتسهيل التدخلات في اليمن وكوبا والكونغو ، الذي يهدف بالاساس الى منع الثورة في هذه البلدان .
كانت عملية بيتر بان تجاه كوبا تهدف إلى تشويه سمعة الثورة المنتصرة الجديدة. تقويض الدعم للقادة والتصدي لأفكار الاشتراكية. فقد تسببت في أزمة هجرة نتج عنها نزوح جماعي لـ 15000 طفل كوبّي بدون اوليائهم ، إلى الولايات المتحدة الأمريكية.الذين سيتم تجنيد 1400 جندي منهم لاستعمالهم كقوات مرتزقة و تدريبهم و تسليحهم من اجل الاطاحة بنظام فيدل كاسترو بتاريخ 15 ابريل 1961 الذي عرف كذلك باسم (بلايا خيرون او غزو خليج الخنازير ).(12).
يتبع .......
المامي حمادي اعبيدي.