-->

الدد مولود، الدبلوماسي الذي خسرناه وربحه غيرنا


يغادرنا الدد مولود المثقف، الديناميكي، الصحفي، المترجم والدبلوماسي، في حادث سير بعيدا عن الأضواء والفلاشات والصور. نعم خسرناه كدبلوماسي يمتلك كل مؤهلات العمل في ذلك الحقل: الديناميكية، الثقافة، الذكاء اتقان اللغات واللباقة والجدية. بالمقابل ربحه الاتحاد الافريقي كمترجم وربحته لجنة الترجمة للأمم المتحدة بإفريقيا التي اعطته قيمته. لم يعرفه الكثيرون منا لبعده عن هذه الأضواء وهذه الصور وهذه الكاميرات التي يتزاحم المزيفون منا للوقوف أمامها. لم نجد له صورا كثيرة رغم انه كان واحدا من المع شبابنا ثقافيا ودبلوماسيا، ولم نراه يوما في الصفوف الاولى للحفلات والمؤتمرات ولا في الكرنفالات. كان نشطا وشاطرا ودبلوماسيا ومترجما ومن أقدر المثقفين. خريج كلية صحافة وترجمة من سوريا، عمل كمكلف بالإعلام والترجمة في الرئاسة ثم انتقل ليواصل نفس المهمة في البعثة الصحراوية في مدريد. خلال تواجده في إسبانيا استطاع ان يكسب كل الوسط الصحافي الإسباني الجزائري، وبسبب نشاطه استطاع ان يكون هو مراسل جريدة الخبر الجزائرية العالمية في إسبانيا واوروبا. من كتاباته الاولى تهافت الكثير من الصحف الجزائرية والعربية على خدماته. يوم 28 غشت 2003م كنت في رحلة من لغرونيو الى كاتلونيا، وأثناء مرورنا بسرقسطة وجدته في انتظاري عند المحطة. لم أعرف كيف عرف انني سأمر بتلك المحطة. ذهب بنا الى داره، وكان معه يومها السفير لمن باعلي. في تعليقه على الوضع قال يومها: إسبانيا لا تصلح لنا. سأتركها قريبا." حين سكنتُ في كاتالونيا فوجئت يوما من سنة 2004م بشخص يدق الباب. كان الدد مولود، لكن الذي حيرني هو كيف استطاع ان يحصل على العنوان، فآنذاك لا واتساب ولا اوبيكاثيون ولا gps في التلفون.. ظل دائما يهاتفني، ومرة طلب مني ان اتصل بشخص إسباني في تلك المدينة التي اسكن فيها كان قد اتفق معه ان يمنح شهادة سكن لشاب صحراوي. سألته وأنا أضحك كيف عرف ذلك الإسباني.؟ قال لي: عرفته عن طريق الأنترنت، وحدثته عن شعبنا فتعاطف معنا ثم طلبت منه شهادة السكن. لم يقطع الاتصال حتى هاتفني ليقول لي انه سيترك جريدة الخبر، وانه سينتقل الى اديس بابا ليعمل مترجما لدى الاتحاد الإفريقي، واقترح علي ان أعمل في مكانه كمراسل لجريدة الخبر. اعتذرت له لأنني لست صحفيا مثله، والصحافة هي عمل مفترس ومدمر لكل القدرات والمؤهلات. في أكثر من مرة كان الهاتف يرن، وكان على الخط الاخر صحفي أو رئيس جريدة جزائرية يطلب مني العمل كمراسل في إسبانيا، ويقول لي ان الدد هو الذي اعطاهم الرقم. لم اعرف هذه القدرة العجيبة التي امتلك الدد حتى كسب كل هذه الوسائط الصحفية الجزائرية.؟ في اديس بابا كان الدد هو الوحيد الذي بقى معتَمدا كمترجم معترفا به. كان المترجمون يأتون ويقضون شهورا أو أقل ثم يرحلون اما هو فقد بقى حتى أصبح عميد المترجمين الأفارقة مبرهنا انه الأفضل. فقط نحن لم ننتبه انه كان الأفضل. بعد رحيله سيصبح أكثر حضورا، وسنتحدث عنه غائبا حين تجاهلناه حاضرا، لكن الخطأ اننا خسرناه كدبلوماسي من طينة رفيعة.
Blog-sahara.blogspot.com.es 
السيد حمدي يحظيه

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *